قال تقرير التنمية البشرية إن البلدان الغنية سجلت مستويات غير مسبوقة من التنمية البشرية، بينما لا يزال نصف أفقر بلدان العالم تحت مستوى التقدم الذي كانت عليه قبل أزمة جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن انتعاش مؤشر التنمية البشرية العالمي ظل جزئيا، وغير مكتمل، وغير متكافئ.
وبحسب ما نشره موقع “أخبار الأمم المتحدة”، فقد نبّه التقرير إلى أن التفاوتات العالمية تتفاقم بسبب التركيز الاقتصادي الكبير، مشيرا إلى أن ما يقرب من 40 في المائة من التجارة العالمية في السلع تتركز في ثلاثة بلدان أو أقل.
وأشار المصدر إلى أنه في عام 2021، تجاوزت القيمة السوقية لكل شركة من أكبر ثلاث شركات تقنية في العالم الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 90 بالمائة من البلدان في ذلك العام.
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، أخيم شتاينر، إن فجوة التنمية البشرية الآخذة في الاتساع، والتي كشف عنها التقرير تظهر أن الاتجاه الذي استمر عقدين من الزمن والمتمثل في الحد من عدم المساواة بين الدول الغنية والفقيرة قد انعكس الآن.
وأضاف: “على الرغم من ترابط عالمنا بصورة وثيقة إلا أننا مقصرون. ينبغي علينا أن نستفيد من ترابطنا وكذلك قدراتنا لمعالجة تحدياتنا المشتركة والوجودية وضمان تلبية تطلعات الناس”.
وحذر أخيم شتاينر من أن فشل العمل الجماعي في تعزيز العمل بشأن تغير المناخ والتحول الرقمي والفقر وعدم المساواة لا يعيق التنمية البشرية فحسب، بل يؤدي أيضا إلى تفاقم الاستقطاب وزيادة تآكل الثقة في الناس والمؤسسات في جميع أنحاء العالم.
واعتبر التقرير الاستقطاب السياسي مصدر قلق متزايد وله تداعيات عالمية. إذ يقول مؤلفو التقرير إنه يغذي نُهج السياسات الانغلاقية، وهو ما يتعارض بشكل صارخ مع التعاون العالمي اللازم لمعالجة القضايا الملحة مثل إزالة الكربون من اقتصاداتنا، وإساءة استخدام التقنيات الرقمية والصراعات، وفق تعبير المصدر.
وأكد التقرير على أن تفكيك العولمة ليس ممكنا ولا واقعيا في عالم اليوم، وأن الترابط الاقتصادي المتبادل لا يزال مرتفعا.
وفي هذا السياق، قال أخيم شتاينر: “في عالم يتسم بزيادة الاستقطاب والانقسام، يشكل إهمال الاستثمار في بعضنا البعض تهديدا خطيرا لرفاهيتنا وأمننا. ولا يمكن للنهج الحمائي أن يعالج التحديات المعقدة والمترابطة التي نواجهها، بما في ذلك الوقاية من الأوبئة، وتغير المناخ، ووضع لوائح رقمية”.
وقال المسؤول الأممي إن مشاكلنا متشابكة وبالتالي فهي تتطلب حلولا مترابطة بالقدر نفسه، مؤكدا أنه لا تزال أمامنا فرصة للخروج من المأزق الحالي وإعادة إحياء الالتزام بمستقبل مشترك.
وفي رسالة مصورة بمناسبة إصدار التقرير، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إننا نعيش في عصر الاستقطاب، مشيرا إلى أن تقرير التنمية البشرية لهذا العام يستكشف جذور الاستقطاب وتأثيره المدمر على التنمية المستدامة.
وأضاف أنطونيو غوتيريش أن التقرير يوضح أن “أفضل أمل لنا في المستقبل يكمن في التصدي للخطاب المثير للانقسام والتأكيد على الأرضية المشتركة التي توحد الغالبية العظمى من الناس في كل مكان”.
ويدعو التقرير، وفقا للأمين العام، إلى التوسع العاجل في أنظمة التعاون الدولي، حتى تتمكن من تحقيق أولويات الناس في التنمية المستدامة؛ بيئة نظيفة؛ كوكب صالح للعيش والأمن والأمان والكرامة لكافة الناس.
وقال الأمين العام إن قمة المستقبل المقرر انعقادها في شتنبر ستنظر في هذه المسائل على وجه التحديد. وأضاف: “بينما نستعد للقمة، أوصي بتقرير التنمية البشرية باعتباره مساهمة مهمة. إنه يبين أن حلول المشاكل العالمية في متناول أيدينا من خلال إعادة تصور التعاون والاتحاد من أجل عالم أفضل”.
يذكر أن مؤشر التنمية البشرية هو مقياس موجز يعكس نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي، والتعليم، ومتوسط العمر المتوقع.