“التفاهة” الرقمية على المحك.. القضاء يرفع راية المعركة ضد المؤثرين
في عصر تهيمن فيه التكنولوجيا على تفاصيل حياتنا اليومية، وتغزو منصات التواصل الاجتماعي مختلف الأوساط، أصبح “المؤثرون” قوة جديدة قادرة على تشكيل “الرأي العام” وإعادة تعريف معايير الشهرة.
هؤلاء الأفراد، الذين يمتلكون القدرة على التأثير في ملايين الأشخاص بنقرات بسيطة، تحولوا إلى نجوم في عالم رقمي يعيد صياغة العلاقات الاجتماعية والثقافية من جديد، إلا أن صعودهم هذا لم يكن خاليًا من الجدل، حيث تزايدت الانتقادات لمحتوياتهم التي اعتبرها الكثيرون “تافهة” و”مخلة بالقيم”.
في الأشهر الأخيرة، تصدرت قضايا قانونية ضد بعض المؤثرين عناوين الأخبار، كان أبرزها الحكم على “إلياس المالكي” بالسجن لمدة سبعة أشهر بتهم تتعلق بالإخلال بالحياء العام، والتحريض على الكراهية، و انتهاك الحياة الخاصة للأفراد.
ولم تكن هذه القضية الوحيدة، إذ تم الحكم أيضًا على المعروف ب”ولد الشينوية” بالسجن ثلاث سنوات، بينما يواجه مؤثرون آخرون، مثل “هويام ستار دعاوى قضائية مماثلة.
هذه الأحكام أثارت نقاشًا واسعًا حول ما إذا كانت تمثل بداية لنهج جديد في القضاء المغربي لمكافحة “ظاهرة التفاهة”، وفتح معركة قانونية للحد من المحتويات المسيئة المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا تلك التي تستهدف فئات معينة أو تروج للتنمر والانحرافات.
المدونون اعتبروا أن القضاء المغربي بدأ بالفعل في وضع معايير صارمة للتصدي للفوضى التي تتفشى على منصات التواصل، وأكدوا أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية الشباب من التأثيرات السلبية للمحتويات المسيئة.
وأشاروا إلى أن الأحكام القضائية الأخيرة تمثل خطوة نحو ترسيخ دور القضاء في مواجهة الظواهر السلبية التي تؤثر على القيم المجتمعية، مشددين على أن “صناعة التفاهة” تُعد شكلًا من أشكال الإضرار بالنظام العام، إذ تؤثر سلبًا على الأجيال الناشئة وسلوكيات المجتمع بشكل عام.
من جانبه، أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، على أهمية دور القضاء المغربي في التصدي لهذه الظواهر، داعيًا المواطنين الذين يتعرضون للتشهير أو الابتزاز الإلكتروني إلى التوجه إلى القضاء.
وأوضح أن “من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للإساءة إلى حياة الأفراد يجب أن يتحمل عواقب ذلك، وأن من تعرض للتشهير أو المس بحياته الشخصية يجب أن يرفع دعوى قضائية لملاحقة المعتدين”.
كما أضاف وهبي أنه سيتم في مشروع القانون الجنائي المقبل فرض عقوبات صارمة على المخالفين في منصات التواصل الاجتماعي، بهدف حماية المغاربة والأسر والثوابت المجتمعية والأخلاقية.
تلك التصريحات لاقت دعمًا واسعًا بين المواطنين الذين اعتبروا أن هذه الإجراءات تشكل درعًا ضد “صناعة التفاهة”، التي تهدد القيم الثقافية والأخلاقية، لا سيما بين الأجيال الشابة، إذ إن هذه الظواهر قد تؤدي إلى فقدانهم للمبادئ التي تميز المجتمع المغربي، مما يشكل خطرًا حقيقيًا على بنية المجتمع وسلوكياته.