صرخة حقوقية من مراكش: “إغلاق مستشفى السعادة كشف عورات الصحة العقلية … أين الحماية الاجتماعية؟”
دق فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش ناقوس الخطر بخصوص الوضع الكارثي للمنظومة الصحية بالمدينة، مع تركيز خاص على قطاع الصحة العقلية والنفسية، الذي وصفته بالمنهك نتيجة “تراكم سنوات من الإخفاقات واللامبالاة”.
بلاغ الجمعية الذي جاء صادماً في توقيته، كشف عن معضلات تدبيرية عميقة أثرت سلباً على المرضى وعائلاتهم، وفضح زيف شعارات الحماية الاجتماعية في هذا الجانب الحيوي.
الجمعية الحقوقية أشارت إلى أن أزمة الصحة العقلية في مراكش وصلت ذروتها مع قرار “غريب” بإغلاق مستشفى السعادة، المخصص للأمراض النفسية والعقلية، دون أي إشعار مسبق أو توفير بدائل مناسبة لضمان استمرارية الرعاية للنزلاء.
هذا القرار المفاجئ دفع إلى تحويل عدد من المرضى قسراً إلى مستشفى قلعة السراغنة، بينما ظل مصير آخرين مجهولاً، في انتهاك صارخ لحقوقهم في العلاج والرعاية.
حقوقيو مراكش لم يقفوا عند هذا الحد، بل أكدوا أن الوضع الكارثي لا يقتصر على مستشفى السعادة. فقد سبق لهم الوقوف على تردي الأوضاع في مستشفى ابن النفيس، الذي يعاني من نقص حاد في الأسرة، وغياب أدوية أساسية، بالإضافة إلى تعقيد مساطر الولوج للاستفادة من العلاج حتى في حال قبول المريض. هذه المشاكل البنيوية تعكس ضعفاً في البنية التحتية، وتسييراً إدارياً لا يرقى إلى مستوى التحديات التي يواجهها القطاع.
كفي سياق متصل، شددت الهيئة الحقوقية على تخلف الوعاء القانوني الحالي، الذي لا يزال مرتهناً لظهير يعود تاريخه إلى عام 1958، بالإضافة إلى نصوص عامة لم يتم تحيينها لتتوافق مع مبادئ الرعاية الدولية للحماية والوقاية من الأمراض النفسية والعقلية.
هذا التخلف القانوني يحول دون توفير كل مستلزمات العلاج في عين المكان، ويضطر المرضى وأسرهم إلى التنقل لمسافات طويلة بحثاً عن الرعاية، ما يزيد من معاناتهم.
البلاغ الحقوقي سجل أيضاً غياب أي اهتمام ملموس بالصحة النفسية والعقلية للأطفال والأشخاص المسنين المتخلى عنهم، وهي فئات هشة تتطلب رعاية خاصة ومتكاملة.
واعتبرت الجمعية أن “حجم المشاكل المتراكمة لعقود بسبب الإهمال يكشف زيف شعارات الحماية الاجتماعية، ويكشف أيضاً تقاعس كل من الوزارة الوصية ومندوبية الصحة ومصالح الولاية عن تنزيل سياسة عمومية صحية تراعي التكفل بالحق الأسمى في العلاج”.
دعوة حقوقية صريحة للجهات المعنية من أجل تحرك عاجل وجاد لإنقاذ منظومة الصحة العقلية والنفسية في مراكش، وضمان الحق في العلاج لجميع المواطنين دون تمييز.