عبد الرزاق القاروني
بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب، نظمت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، يومي 25 و26 مارس 2019 بالرباط، ملتقى وطنيا للمصادقة على الحقيبة التربوية لمشروع دعم تعزيز التسامح والسلوك المدني والمواطنة والوقاية من السلوكات المشينة بالوسط المدرسي “APT2C”.
وفي مستهل هذا الملتقى، ألقى عزيز نحية، المدير المكلف بالحياة المدرسية بالوزارة، كلمة افتتاحية أكد من خلالها أن هذا اللقاء الوطني الثاني من نوعه حول المشروع يهدف إلى التفعيل الأمثل للأندية التربوية، خاصة أندية المواطنة وحقوق الإنسان، وذلك عبر تزويدها بوسائل العمل الضرورية وتوفير الظروف الملائمة لتنشيط بنية تعزيز السلوك المدني والمواطنة لدى المتعلمين، مشيرا أن هذا المشروع يأتي في إطار مضامين الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015-2030، خاصة الرافعة 18 حول ترسيخ مجتمع المواطنة والديمقراطية والمساواة، التي تهدف إلى إرساء مدرسة المواطنة الذي رفعته الوزارة شعارا للسنة الدراسية الحالية.
وأوضح أن لقاء اليوم يأتي بعد استفادة منسقي الحياة المدرسية من الدورة التكوينية الوطنية، خلال شهر شتنبر 2018، التي مكنتهم من التزود بكل المقاربات التي من شأنها تحسين سلوكيات الشباب، والتي تتلاءم مع مكتسبات الإصلاح التربوي، مبرزا أن للمدرسة، إلى جانب الأسرة والمجتمع المدني والإعلام وكل المؤسسات المعنية، دور التنشئة الاجتماعية والمساهمة في نشر وترسيخ هذه القيم وإعداد أجيال صاعدة متشبثة بالثوابت الدينية والوطنية لبلادها، في احترام تام لرموزها ومتمسكة بهويتها بشتى روافدها ومتشبعة بقيم التسامح والتضامن والتعايش.
وبدورها، تناولت الكلمة مرتين تيرير، ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب، موضحة أن هذا الملتقى يندرج في إطار تقوية المعارف الخاصة بمصاحبة نوادي الحياة المدرسية، مشيرة إلى الزيارة التي قامت بها، خلال الأسابيع القليلة الماضية، لإحدى المؤسسات التعليمية بمدينة الخميسات، حيث تمكنت من الوقوف، عن كثب، على أجرأة التكوين الذي تم تلقيه في إطار هذا المشروع، ومعتبرة أن إبداع وحماس التلاميذ بهذه النوادي يبعث على السرور.
ثم نوهت بمنسقي المشروع الذين نقلوا التكوين الذي استفادوا منه، في هذا المجال، إلى المؤسسات التعليمية وقاموا بأجرأته، بشكل يومي، مبرزة أن هذه المحطة الجديدة من التكوين ستساعد منسقي المشروع في عملهم، من خلال تمكينهم من حقيبة تربوية تشكل الأداة الأساسية، التي سيعتمد عليها منسقو الحياة المدرسية في عملهم اليومي، ومؤكدة أن توفير هذه الحقيبة من شأنه تمكين كل مؤسسة تعليمية منخرطة في المشروع من الحصول على الأدوات والوسائل الضرورية لإعداد وتنفيذ مخطط عملها. وبالتالي، توجيه الأنشطة المواطنة الهادفة للنهوض بالتسامح لفائدة التلاميذ.
وأضافت أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي محظوظ لمصاحبة هذا المشروع الذي يروم ترسيخ المواطنة والقيم الكونية لفائدة الشباب، التي تنسجم مع مضامين برنامج التنمية المستدامة، في أفق 2030، مشيرة أن الممارسات الجيدة التي تتمخض عن هذا البرنامج، يمكن الإفادة منها في بلدان أخرى، ومعربة عن عزيمة هيئتها على مواصلة مصاحبة وتقديم الدعم التقني الضروري لنجاح هذا المشروع الجميل.
ومن جهته، تناول الكلمة عبد الصمد غازي، نيابة عن الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ليؤكد أن السمة البارزة لهذا المشروع هي العضوية، حيث تتكامل كل مكوناته، موضحا أن الانخراط العام والعالي لجميع الشركاء كان من أكبر ضمانات نجاح انطلاقة هذا البرنامج، الذي أصبحت كثير من الدول تتطلع للإفادة منه.
ثم أشار أن هذا الجمع المبارك يلتئم لتحقيق ثلاثة مقاصد، بدءا بالمصادقة على الدلائل المكونة للحقيبة التربوية المؤطرة والمواكبة لهذا البرنامج، ومرورا بإعطاء الانطلاقة للبعد التنزيلي والميداني الخاص به، بالرغم من وجود محاولات ومبادرات كانت رائدة، في هذا المجال، وانتهاء بالتواصل المباشر مع المعنيات والمعنيين الأوائل بتنزيل مقتضيات هذا البرنامج على أرض الواقع للإفادة من ملاحظاتهم، في أفق تجويد وتحسين كافة التنزيلات والتطبيقات، في الموضوع.
وأبرز أن هذا اللقاء يشكل محطة هامة في رحلة هذا البرنامج، حيث يأتي في سياق المواكبة والمدافعة والتقويم، من أجل المزيد من تجويد وتحسين الأداء، في هذا المجال، حيث إن هذا النفس المواكبي رافق رحلة هذا البرنامج منذ أن كان مجرد مشروع إلى أن دخل مرحلة الإمضاء والإنزال، مضيفا أن هذا اللقاء يأتي في سياق مواصلة التفاعل الإيجابي والبناء الذي تتلاقح فيه الخبرات وتتقاسم فيه التجارب الفضلى.
ومن جانبه، وجه خالد فارس، عضو فريق حكماء المشروع والمفتش العام للشؤون التربوية بالوزارة، من خلال مداخلته ثلاث رسائل، الأولى تتعلق بأهمية هذا المشروع الذي يندرج في اختيارات كبرى للدولة المغربية، وفي صلب الرؤيا الإستراتيجية، خصوصا الدعامة المتعلقة بالارتقاء الفردي والمجتمعي، حيث يشتغل على الجانب الوجداني والانسجام مع مكونات الذات. والرسالة الثانية تهم سيرورة تقدم وإنجاز هذا المشروع الذي عرف البلورة والمأسسة وتكوين الأطر، حيث يعتبر هذا اللقاء محطة فاصلة تتعلق بالحقيبة البيداغوجية أي العدة التي سيتم الاشتغال بها، من أجل الانطلاقة الفعلية للمشروع؛ في حين تتمثل الرسالة الثالثة في كون هذا المشروع يعد مشروعا هيكليا، باعتبار أن إصلاح منظومة التربية والتكوين الوطنية في الرؤيا الإستراتيجية يجعل الفضاء المدرسي المرتكز الأساس والخلية المركزية.
أما بديعة بايا، المنسقة الوطنية للمشروع، فألقت كلمة أعربت من خلالها عن سعادتها للالتحاق بهذا المكون الحيوي في الحياة المدرسية، شاكرة شركاء المشروع على الثقة التي وضعوها فيها لتنسيق مهامه، على الصعيد الوطني، ومؤكدة أنها لن تذخر وسعا لتكون في مستوى هذه الثقة، لتقوم، بعد ذلك، ببسط برنامج هذا الملتقى.
وبالنسبة لمحمد بلكبير، عن الرابطة المحمدية للعلماء، فقد قدم عرضا حول أهداف هذا المشروع ومكونات العدة البيداغوجية، التي تتكون من ثمانية دلائل، وهي: الدليل التقديمي، دليل بناء المشاريع، دليل المسرح التفاعلي، دليل الذكاء الوجداني، الدليل المرجعي، دليل المهارات الحياتية والتثقيف بالنظير، دليل الأسناد التثقيفية الرقمية والتحريكية ودليل التلعيب.
ثم تعاقب على الكلمة عدد من منسقي المشروع بمختلف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، على صعيد الوطن، ليقدموا حصيلة هذا المشروع، برسم الموسم الدراسي الحالي، مع ذكر المنجزات والإكراهات ووضعية تحويل الاعتماد المالي، في هذا المجال، ليتوزع، إثر ذلك، الحاضرون على أربع ورشات، بهدف تدقيق ومراجعة الدلائل التربوية للمشروع، وإعداد توصيات من أجل إصدارها.
وفي الختام، تمت تلاوة تقارير الورشات، وتوزيع شواهد تقديرية على منسقي الحياة المدرسية، عرفانا بمجهوداتهم وانخراطهم في المشروع.