احتضن مقر رئاسة جامعة القاضي عياض بمراكش، يوم أمس الجمعة 23 يونيو، حفل الإعلان عن الفائزين بجائزة “أطروحتي في عشر دقائق” التي نظمها المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول قضايا الصحراء، وذلك برئاسة مولاي الحسن أحبيض رئيس الجامعة ومحمد بنطلحة الدكالي رئيس المركز وبحضور خبراء ومسؤولين وأكاديميين ممن خبروا مسارات قضية الصحراء المغربية يتقدمهم الدكتور محمد الشيخ بيد الله، الدكتور محمد الطيار الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والدكتور محمد بوزنكاف المختص في تاريخ الصحراء وأعضاء لجنة التحكيم يتقدمهم الدكتور محمد العابدة والدكتور زين الدين الستاتي والدكتور أشرف .
حفل اعلان الفائزين الأربعة الأوائل، استهله رئيس الجامعة بكلمة ترحيبية استعرض فيها سياق الجائزة والذي يأتي في سياق مواكبة جامعة القاضي عياض للجهود الرسمية للدولة للترافع من أجل قضية الوحدة الترابية، انطلاقا من المداخل العلمية الرصينة، التي تستهدف افحام المجتمع الدولي بعدالة القضية المغربية وواقعية أطروحة الحكم الذاتي كخيار جدي ومسؤول.
من جهته قال الدكتور محمد بنطلحة الدكالي رئيس المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول قضايا الصحراء، أن احتفال المركز اليوم يهم الباحثين الذين أعدوا أطروحاتهم حول الصحراء وبحضور شخصيات وطنية مشهود لها بخبرتها أولا حول الصحراء المغربية ودينامياتها الداخلية والخارجية في شخص محمد الشيخ بيد الله الذي وصفه بالرجل الوطني الفذ والذي أعطى لبلده الشيء الكثير ولجيل من الشباب دروس في معنى أن تكون وطنيا وبإلتزام وفقا لتعبير ذات المتحدث الأكاديمي، وأن مشاركة خبراء استراتيجيين بمداخلاتهم في هذا الحفل يقع في عمق المنطق الذي يحكم اشتغال المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول قضايا الصحراء والرامية الى التكامل المعرفي والعلمي بين المؤرخ والاستراتيجي والباحثين المتنافسين الذين سجلوا بمداد الفخر مستوى وصفه بالعالي في تملك الكفايات الترافعية باللغات العالمية الحية الأكثر انتشارا في المحافل والمنتديات الدولية، مما يعني معه أن الترافع كفن من أجل القضية يحتاج الى لغة الآخر لمخاطبته بلغته، خاصة الإسبانية والانجليزية، مبرزا أنه وايمانا من مركزه باستراتيجية هذه الآلية فهو بصدد اصدار كتب باللغتين للتعريف بعدالة القضية امام المنتظم الدولي. وضرب الدكتور بنطلحة موعدا في الشهور القادمة لانعقاد مؤتمر دولي بمشاركة ضيوف من أمريكا اوروبا والذي سيخصص جزء مهم منه للمتحدثين بالانجليزية وبحضور مغاربة وأجانب من صناع القرار والمؤثرين فيه والوازنين دوليا.
محمد الشيخ بيد الله، وأحد القيادات الصحراوية المغربية، أشاد بجامعة القاضي عياض في شخص المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول قضايا الصحراء ورئيس الجامعة مولاي الحسن أحبيض، على تملك رؤية فلسفية علمية للقضية الوطنية من موقع الصرح الأكاديمي للقاضي عياض التاريخ والعلم، وأن أهمية هذا المقترب العلمي تجاه قضية الوحدة الترابية اليوم في بلادنا ينبغي أن يستهدف تملك الملف من طرف الباحثين الشباب وتملك وسائل المحاججة كآليات مهمة اليوم، وأن مغربية الصحراء في عشر دقائق ستمكن الباحثين من تملك شمولي للملف والتعريف به، وقال بأن هذا الاتجاه الوطني المسؤول يبقى خصوصية للقاضي عياض كجهة مبتكرة له في الجامعة المغربية وتجاه قضية لها خصوصية في وجدان المغرب ملكا وشعبا، وأنها ستعطينا وسائل للدفاع عن القضية بوسائل وإمكانات جديدة.
وفي السياق ذاته استعرض الدكتور محمد الطيار، الخبير الاستراتيجي والأمني مسارات القضية الوطنية وتأثيراتها الاستراتيجية في منطقة الساحل والصحراء، وما يثيره ادامة عمر هذا الصراع المفتعل من طرف الجزائر من قلاقل أمنية أقليمية وجهوية وقارية، وأن تداعيات هذا القلق لا تستهدف فقط المغرب، بل جميع دول العالم أمام اتخاذ الجماعات الإرهابية وعصابات الاتجار في البشر والأسلحة للمناطق الهشة أمنيا في إشارة منه الى منطقة “تندوف” كأوكار لها. مشددا أن اتساع قاعدة الدول الداعمة لخيار الحكم الذاتي يعكس وعيا استراتيجيا وأمنيا لدى هذه الدول لفائدة أمنها القومي والإقليمي.
الحفل تميز ايضا بتقديم كتابين صادرين عن المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، الأول موسوم بقضية الصحراء المغربية نظارة المملكة إلى العالم، قام بكتابة تصديره الدكتور مولاي الحسن احبيض رئيس جامعة القاضي عياض فيما كتب تقديمه الدكتور محمد بنطلحة الدكالي.
كما قدم الكتاب الثاني الموسوم ب:” بداية التواجد الاسباني في الجنوب المغربي دراسة في وثائق الارشيف الاسباني” لمؤلفته انخلا هيرنانديز ميرينيو أستاذة التاريخ بجامعة مورسيا الإسبانية، ترجمه الدكتور خالد الرامي ومراجعة وتدقيق الدكتور محمد الطيار، وباشراف وتنسيق الأستاذان محمد بنطلحة الدكالي والحبيب زين الدين، وهو العمل الذي قال عنه الدكتور محمد بنطلحة الدكالي رئيس مركز الدراسات والأبحاث حول الصحراء، أنه كتاب يؤكد عدالة مغربية الصحراء باعتراف من الوثائق الإسبانية الرسمية. مشددا أن المركز عازم على اعداد اول تقرير استراتيجي حول المناطق الجنوبية المغربية بمشاركة خبراء مشهود لهم بالكفاءة في هذا المجال.
وعقب ذلك أعلن الدكتور الحبيب زين الدين، عضو لجنة التحكيم، عن هوية الفائزين بالجائزة، بعد تقديم المترشحين لمرافعاتهم، حيث فاز بالمرتبة الأولى الباحث حكيم التوزاني من جامعة ابن زهر باكادير، المرتبة الثانية للباحثة لتفرح بوكرين من المنتمية لجهة العيون الساقية الحمراء والمنتسبة لجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، فيما آلت الجائزة الثالثة مناصفة لكل من الباحث محمد أحمد حمنة من جامعة القاضي عياض والمنتمي لجهة الداخلة وعلي لمطهري من جامعة عبد المالك السعدي بطنجة.
واستعرض بالمناسبة الدكتور الستاتي، الأرضية الناظمة لعمل المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول قضايا الصحراء، وذلك انسجاما مع الرهانات المؤسساتية الرامية إلى مواكبة الجهود الدبلوماسية والتنموية في سياق موسوم بالكثير من المكاسب والتطورات الملموسة والمؤثرة إيجابا بالأقاليم الجنوبية للمملكة، ووعيا كذلك بأهمية البحث العلمي في رأس المال المادي واللامادي لجهات الصحراء المغربية. وأن فريق البحث بالمركز عاكف على إطلاق مجموعة من المشاريع العلمية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إطلاق النسخة الثانية من الجائزة الوطنية للدراسات والأبحاث حول ديناميات المجال الصحراوية؛ إعداد الأوراق المرجعية لإصدار تقرير إستراتيجي وطني حول لأقاليم الجنوبية، من خلال التركيز على الأٌقل على أربع مجالات رئيسية (المجال السياسي، والمجال الاجتماعي والثقافي، والمجال الاقتصادي، ومجال حقوق الإنسان والعلاقات الدولية)؛ وإطلاق مكتبة وسائطية افتراضية تحت اسم “كتابي عن الأقاليم الصحراوية”، ستتيح إمكانية التعريف بأحدث المخطوطات والإصدارات الورقية والرقمية والاطلاع عليها؛ وإطلاق موقع خاص بالمركز للتعريف بأعماله وأنشطته، وفي نفس الوقت سيشكل منصة رقمية حول الخطب الملكية والمواضيع والقرارات والمشاريع ذات الصلة بديناميات المجال الصحراوي في أبعاده المختلفة. الى جانب تنظيم المؤتمر السنوي للصحراء، الذي ستختتم أشغاله بتكريم “شخصية السنة” لأدائها ونشاطها لفائدة بالأقاليم الصحراوي؛ ودلائل توظف كدعامات بيداغوجية خلال تكوين الفاعلين المهتمين بموضوع الوحدة الترابية الوطنية والمترافعين عنها في المحافل الدولية وأخيرا إعداد أشرطة وبرامج وثائقية تُعرّف بالرأس المال المادي واللامادي للمجال الصحراوي، وتثمن مؤهلاته وعناصر قوته.
والى ذلك عبر الفائزين المنحدرين من جهات أربعة من تراب المملكة المغربية، بمسابقة أطروحتي في عشر دقائق عن ارتياحهم لمستوى النقاش العلمي والاكاديمي الذي باتت تعرفه القضية الوطنية داخل الجامعة المغربية وفي الأندية والأروقة الدولية معتبرين هذه المسابقة درسا وتمرينا بيداغوجيا لتعزيز الكفايات وتسليط الضوء على جوانب بحثية جديدة في القضية نحو بناء تصور شمولي ومتكامل لبناء كفاءات ترافعية مغربية متملكة لمسارات القضية بقيم العلم والوطنية المطلوبين.
واختتمت فعاليات هذا الحفل العلمي بتلاوة الدكتور محمد بنطلحة الدكالي باسم رئيس الجامعة برقية ولاء واخلاص الى جلالة الملك محمد السادس، وعقبها تم ترديد النشيد الوطني من طرف كل الحاضرين.