“خطأ تقني” يكشف هوية ومكان تواجد مقرصن الضمان الاجتماعي
بعد موجة الصدمة التي أحدثها تسريب بيانات ضخمة من قاعدة معطيات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والتي طالت ملايين الأجراء وآلاف المقاولات المغربية، بدأت خيوط القصة تتضح شيئًا فشيئًا.
الشخص المعني يحمل الحروف الأولى من اسمه “ر.م”، شاب في العشرينات من عمره، يعتقد أنه يحمل الجنسية الجزائرية أو التونسية، ويقيم حاليًا بمدينة بوخوم الألمانية.
المفارقة أن “ر.م” خريج جامعة Ruhr University Bochum، بتخصص دقيق في الأمن المعلوماتي، ما يضع علامات استفهام عديدة حول استغلاله للمعرفة الأكاديمية في أغراض اختراقية.
لكن كيف تم التوصل إلى هويته؟ البداية كانت من قناة تابعة لمجموعة “جبروت Dz” على تطبيق تلغرام، حيث تم نشر أول ملف مسرب بتاريخ 8 أبريل 2025، يحمل في طياته بيانات تُقدر بنحو 500 ألف شركة ومليوني أجير.
ورغم محاولة المجموعة الحفاظ على السرية، إلا أن خطأ بسيطًا ارتكبه “ر.م” كان كافيًا لكشف الستار.
فبدل أن ينشر الملف مباشرة من قناة المجموعة، قام بتحويله من حسابه الشخصي إلى القناة باستخدام خاصية Forward.
هذا السهو كشف اسم الحساب الأصلي الذي تم التحويل منه، وهو حساب مستعار يحمل اسم: 3N16M4.
المصدر الأمني الذي تحدث لـ”صوت المغرب”، قام بتتبع هذا الاسم، ليتبين أنه يرتبط بحساب على منصة GitHub الشهيرة بين المطورين.
ومن هناك، ظهرت أول خيوط الهوية الحقيقية، حيث أمكن الوصول إلى بريد إلكتروني يحمل الاسم الكامل لـ”ر.م”، إضافة إلى بريد آخر تابع لإحدى الجامعات الألمانية.
المفاجأة التالية كانت على منصة LinkedIn، حيث ظهر الحساب الشخصي للمشتبه به، بصورته وهويته الأكاديمية، ومكان عمله الحالي.
ومع ذلك، ظل سؤال الجنسية الحقيقية لهذا الشاب معلقًا، حيث أشار بحث آخر على منصات مسابقات CTF (تحديات في الأمن السيبراني) إلى أنه يعرّف نفسه كتونسي.
المصدر ذاته لم يستبعد أن يكون “ر.م” مجرد واجهة رقمية لمجموعة أكبر، خاصة وأن مجموعة “جبروت Dz” المعروفة في الأوساط السيبرانية تؤكد عبر قناتها أن اختراقها جاء كرد على ما وصفته بـ”هجمات مغربية على مواقع إلكترونية جزائرية”، مشددة على أن “الجزائر خط أحمر”.
وفي انتظار كشف المزيد من التفاصيل، تبقى هذه الحادثة مثالًا صارخًا على هشاشة الحماية الإلكترونية في المؤسسات الكبرى، كما تفتح النقاش واسعًا حول دور الكفاءات الشابة في فضاء سيبراني بات يتجاوز الحدود الجغرافية… ويمحو الفوارق بين الهاوي والخبير.