“رقص داخل غرفة العمليات”… مشهد يهز ثقة المغاربة في مهنية القطاع الصحي
في واقعة مثيرة أثارت موجة عارمة من الجدل، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ يوم أمس الإثنين، مقطع فيديو يظهر طاقمًا طبيًا داخل غرفة عمليات وهو يتمايل على أنغام موسيقى شعبية، بينما تجري عملية جراحية لمريض تحت التخدير.
الفيديو، الذي انتشر بسرعة البرق، كشف عن مشهد غير مألوف في فضاء من المفترض أن تحكمه الدقة والانضباط، حيث بدا الطبيب وبعض مساعديه منشغلين بالرقص، في وقت يُفترض أن تُسخَّر فيه كل الجهود لإنقاذ حياة إنسان.
ورغم أن مكان وتاريخ الواقعة لم يُحددا، إلا أن مضمون المقطع كان كافيًا لإشعال جدل واسع بين مؤيد ومعارض. فبينما رأى بعض النشطاء في هذه السلوكيات طريقة لتخفيف التوتر داخل غرف العمليات، اعتبرها آخرون استخفافًا بأرواح الناس وخرقًا صارخًا لأخلاقيات مهنة الطب.
الهيئات الحقوقية دخلت بدورها على الخط، داعية إلى فتح تحقيق عاجل وشامل في الواقعة، معتبرة أن ما جرى لا يمكن اعتباره سلوكًا فرديًا معزولًا، بل مؤشرًا على خلل عميق في بعض جوانب الممارسة الطبية داخل مؤسسات يفترض أنها تقدم الرعاية في أسمى صورها.
واستحضر نشطاء مقاطع سابقة مشابهة، ما زاد من حالة القلق والشك في التزام بعض الأطر الصحية بالقواعد الأخلاقية والمهنية، خاصة في أماكن حساسة مثل غرف العمليات. حيث تساءل كثيرون: إذا كانت هذه السلوكيات تحدث أمام الكاميرا، فماذا يقع بعيدًا عن الأعين؟
في خضم هذا الجدل، برزت مطالب متعددة لتشديد الرقابة على غرف العمليات عبر تثبيت كاميرات مراقبة داخلها، لا من أجل التشهير، بل لحماية حياة المرضى وضمان التزام الطواقم الطبية بأعلى معايير الأداء.
وفي السياق نفسه، نُبه إلى ضرورة تعزيز برامج تكوين وتدريب العاملين في قطاع الصحة، ليس فقط على المستوى التقني، بل أيضًا في جانب السلوك المهني والإنساني، باعتبار أن الطبيب ليس فقط صاحب مهارة، بل حامل لرسالة.
المثير في التوقيت، أن هذه الواقعة تزامنت مع تصريح رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي أكد أمام مجلس النواب عزم الحكومة على تحسين المنظومة الصحية الوطنية، معلنًا تخصيص 6.4 مليار درهم لتأهيل أزيد من 1400 مركز صحي عبر ربوع المملكة. لكن الواقع الميداني، كما أظهره هذا الفيديو، يبدو وكأنه يطرح سؤالًا مباشرًا حول عمق الإصلاح وجدواه.
وبين موجة الغضب، والأسئلة المشروعة حول ما يحدث في كواليس المؤسسات الصحية، يتردد صوت واحد لدى الرأي العام: “الكرامة تبدأ من غرفة العمليات”… فهل نشهد تحوّلًا فعليًا في مراقبة المرافق الصحية؟ أم ستبقى هذه الواقعة مجرد فقرة صاخبة في جدولٍ مزدحم بالتجاوزات؟