قال رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، السيد عمر الصحبي، إن خارطة سياسية جديدة انبثقت بعد النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الجمعة الماضي، والتي كشفت عن بروز قطبية ثنائية هي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة.
وأوضح السيد الصبحي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه القطبية الثنائية الجديدة التي أفرزتها هذه الاستحقاقات الانتخابية، عكست في العمق اختلافا جوهريا بين حجم ووزن كل حزب على حدة، كما حددت توجهات المشهد السياسي التي أضحت جلية وواضحة.
وأضاف أن بعض التشكيلات السياسية تمكنت من خلال عدد الأصوات التي حصلت عليها، من تأكيد وتكريس مواقفها والمبادئ التي تدافع عنها، بينما وسعت أخرى من هامش تأثيرها، في حين سجلت بعض الأحزاب الأخرى تراجعات على مستوى الحضور والتأثير على المواطن وفي الواقع.
وأشار السيد الصبحي إلى أن الممارسة السياسية ومواقف بعض الفرقاء والفاعلين في المشهد السياسي والحزبي بالمغرب، كشفت عن حدوث تغيرات وتقلبات عميقة تمظهرت بالخصوص في التحولات الاجتماعية المتسارعة التي يشهدها المغرب، لافتا إلى ضرورة أن يستخلص الفاعل السياسي الدروس من هذه المؤشرات، من أجل تحديد الآفاق الاستراتيجية والرهانات الداخلية والخارجية التي يجب أن يشتغل عليها مستقبلا.
وأكد السيد الصبحي أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة التحالفات من أجل تشكيل أغلبية، والتفاوض والتنسيق على أرضيات وبرامج محددة لتشكيل الحكومة الجديدة، مضيفا أن المشهد السياسي الحالي يحبل بالعديد من السيناريوهات والمقاربات والاحتمالات، التي تظل رهينة بالاختيارات ومصالح هذه الجهة أو تلك، وكذا بالتوازنات التي يجب وضعها في الاعتبار.
وأبرز أن انخراط والتزام الأحزاب السياسية وكذا البرلمانيين، يبقى ضروريا من أجل تحويل البرامج الانتخابية إلى مخططات عمل ومشاريع، يمكنها أن تساهم في رفع التحديات وتنزيل برامج ومشاريع واقعية وملموسة قابلة للتطبيق من أجل تحقيق التنمية.
وشدد أيضا على ضرورة أن تقوم الأحزاب السياسية وكذا النخب كل من موقعه في سلم القرار والسلطة، بالبحث عن الحلول الملائمة لمختلف المشاكل والاختلالات التي يعاني منها المجتمع، مضيفا أن على البرلماني، رغم أن تركيزه يكون في الغالب على الشأن الوطني، أن يهتم بقضايا ومواضيع الشأن المحلي والجهوي، والتي لها خصوصيات يصعب ضبطها في غياب تمثيلية حقيقية للساكنة ومعرفة دقيقة بمشاكلها وانتظاراتها.
ولفت المسؤول التربوي إلى أن الانتخابات التشريعية لسابع أكتوبر، شكلت بكل المقاييس، لحظة ومناسبة فاصلة لتجديد النخب من أجل تنزيل ومواكبة ورش الجهوية المتقدمة.
وأوضح أن من بين التحديات والرهانات الأساسية التي يواجهها المغرب، تلك التي لها علاقة مباشرة بمواصلة مسلسل تحديث وعصرنة النظام السياسي المغربي، مضيفا أن المرحلة القادمة ستمكن من بحث ومناقشة المشروع المجتمعي الذي نسعى إلى إقامته، من خلال اعتماد رؤى وتوجهات واضحة، وعبر اختيار المقاربات والوسائل الكفيلة بتنزيله.
وقال السيد الصبحي إن الظرفية العالمية الموسومة بالتحولات المتسارعة، تفرض استشعار التحديات الحقيقية التي تفرضها التوجهات الجديدة التي تقودها القوى الكبرى في العالم، وما يواكبها من عولمة برهاناتها وتحدياتها وكذا بكلفتها على المصالح الوطنية، وكلها قضايا يجب على البرلمانيين سواء في الأغلبية أو المعارضة أن يضعوها في الاعتبار، وأن يعملوا من خلال برامج ومشاريع على تنمية وتطوير مختلف القطاعات وبالتالي ضمان الأمن والاستقرار.
وأوضح رئيس الجامعة أنه إضافة إلى البرامج التي قدمتها الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية، والتي تضمنت أولويات تتقاسمها مختلف الأحزاب الكبرى خاصة في شقها الاجتماعي، كالتربية والتكوين والصحة والشباب والسكن وتنمية العالم القروي، فإن هذه الاستحقاقات قد كشفت عن بروز انشغالات واهتمامات جديدة لدى المواطن، كمقاربة النوع وقضايا المرأة والأمن والاستقرار وحقوق الإنسان، وقضايا الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها.
وبخصوص الرهانات الدولية والديبلوماسية والاقتصادية والسياسية التي تفرض نفسها في سياق يميزه تنوع وتعدد التيارات والتجاذبات، أكد رئيس الجامعة أنه على النخبة السياسية أن تنفتح أكثر على آفاق جديدة ورحبة، وتعمل على الانخراط أكثر في العمل المتعدد الأطراف وبالتالي مضاعفة التحالفات والشراكات.
وقال إن الملاحظين سواء المغاربة أو الأجانب، اعترفوا بتقدم المسلسل الانتخابي المغربي ومطابقته للمواصفات والمعايير الدولية المعتمدة في الأنظمة الديموقراطية.