انتهاكات في حق عاملات مغربيات في حقول الفراولة بهويلفا الإسبانية
كشف تحقيق صحفي نشره موقع “Público” الإسباني عن تجاوزات خطيرة في حق عاملات موسميات مغربيات يعملن في جني الفراولة بمقاطعة هويلفا جنوب إسبانيا، وهي منطقة تُعتبر من أكبر مراكز إنتاج الفراولة في البلاد وتُساهم بحوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي لإقليم الأندلس.
التحقيق ركّز على حالتين أساسيتين تم تسجيلهما خلال الأسابيع الأخيرة من موسم الجني. الأولى تتعلق بمجموعة من العاملات المغربيات اللواتي وصلن في 7 أبريل 2025 للعمل لدى شركة “Berrys la Dehesa” في بلدية كارتايا، غير أنهن تفاجأن بعدم توقيع عقود العمل وعدم تسلم أجورهن أو بطاقات الهوية الأجنبية (TIE) التي تخول لهن الإقامة القانونية والاستفادة من حقوق العمل.
الاتحاد النقابي الإسباني CCOO تابع هذه القضية، وكشف أن العاملات عشن ظروفًا صعبة بعدما أرسلن أموالًا لعائلاتهن بناءً على وعود باستمرار العمل، ثم وجدن أنفسهن دون أي مدخول. كما أن إحداهن كانت حاملًا في شهرها الخامس، ما زاد من صعوبة وضعها.
وتعرضت العاملات لضغوط من مشرفة المزرعة من أجل العودة إلى المغرب دون أي تسوية، لكن الاتحاد النقابي تدخل وأجبر الشركة على توقيع العقود وصرف الأجور وتسليم الوثائق القانونية. كما طالب بعدم إشراك الشركة نفسها في المواسم المقبلة حماية للعاملات من أي انتقام.
أما الحالة الثانية، فتخص عاملة مغربية تدعى زهرة، تبلغ من العمر 47 سنة، سبق أن عملت لسنوات في جني الفراولة، قبل أن تُشخّص إصابتها بسرطان عنق الرحم. وبينما كانت تتلقى العلاج في مستشفى هويلفا، تمت إعادتها إلى المغرب في ظروف غير واضحة.
الجمعية المعنية بحقوق النساء المهاجرات أكدت أن زهرة كانت بحاجة إلى مواصلة علاجها في إسبانيا، لكنها لم تكن تملك الموارد المالية، ما جعلها مضطرة للمغادرة. في المقابل، قال رب العمل إن زهرة طلبت العودة طوعًا بسبب حالتها الصحية المتدهورة. تحقيق “Público” أشار إلى تضارب هذه الروايات، ما أثار قلق منظمات حقوقية.
وسُجلت حالة مشابهة أخرى لعاملة مغربية تدعى سمحية، كانت تعاني من مرض السرطان وأُعيدت بدورها إلى المغرب، رغم سنوات طويلة من العمل في القطاع.
ويؤكد التحقيق أن مثل هذه الحالات، وإن لم تكن واسعة الانتشار، تطرح إشكالات جدية بشأن ظروف العمل وظروف العلاج والدعم الاجتماعي للعاملات الموسميات، خاصة وأن قطاع الفراولة في هويلفا يعتمد بشكل كبير على اليد العاملة القادمة من المغرب.
وطالب التحقيق السلطات الإسبانية والمغربية والاتحاد الأوروبي بتعزيز الرقابة على هذا القطاع الحيوي، وضمان احترام حقوق العاملات، خصوصًا في الجوانب الصحية والقانونية، بما يحفظ كرامتهن ويمنع تكرار مثل هذه الإنتهاكات.