مغرب الحضارة: الشباب وتحدي البطالة والهجرة الحاجة إلى الرعاية المسؤولة
عزيز رباح
أجرت شبكة مؤسسة أفروباروميتر البحثية الإفريقية التي تختص في استطلاعات الرأي في افريقيا حول الديمقراطية والحكامة وجودة الحياة منذ عام 1999، استطلاعا في فبراير من سنة 2024 حول اهتمامات وآراء الشباب المغربي.
هذا الاستطلاع بني على مقابلات مع عينة تمثيلية من الشباب على الصعيد الوطني تضم 1200 شابا. وحسب التقرير فالعينة تسمح بالحصول على نتائج جيدة بهامش خطأ مقبول.
فقد أبرز تقرير الاستطلاع الذي نشر مؤخرا أن أهم أولويات واهتمامات الشباب تنصب أساسا على القضايا الإجتماعية، كالتشغيل بنسبة 70% وتكاليف المعيشة ب 47% والجفاف ب 44% والتعليم ب 44% والصحة ب 29% والفقر ب 11%.
وقد فصل التقرير مخرجات مقلقة تتعلق بالبطالة والهجرة، وجب أخذها بعين الاعتبار وبالجدية اللازمة.
تشكل البطالة لدى الشباب المغربي تحديًا كبيرًا لهم وللدولة أيضا وهما كبيرا للأسر، حيث توجد نسب كبيرة من الشباب الغير منخرطين في سوق الشغل من بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة.
ويؤكد الاستطلاع خلاصات تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي الذي نشر في ماي 2024 والذي أظهر أن حوالي أربعة ملايين وثلاثة مئة ألف (4,3 مليون) من الشباب مابين 15 إلى 34 سنة لا يشتغلون ولا يدرسون ولا يتدربون (NEET). وقد سبق أن خصصت مقالا مفصلا عن مسؤوليتنا جميعا بدون استثناء في تطور هذه الأزمة وأيضا في حلها.
ويتضمن التقرير مؤشرات مهمة ، بعضها مقلق فيما يتعلق بالبطالة.
تشكل الفئة الغير نشطة اقتصاديًا نسبة 42%، بينهم 21% من الطلاب و21% من الباحثين عن العمل.
أما الشباب الذين يشتغلون، فنسبة 63% منهم غير موظفين، أي مهنيون أو أجراء في القطاع الخاص. حيث أن 25% من الشباب يعملون بدوام كامل و12% بدوام جزئي.
وتتنوع توجهاتهم في البحث عن العمل، حيث أن 47% منهم يرغبون في إنشاء مشاريعهم الخاصة و31% يفضلون العمل في القطاع العام و13% فقط يفضلون العمل كأجراء في القطاع الخاص والمجتمع المدني. وهذا معطى مهم جدا بحيث أن 60% منهم يفضلون المشاريع الاستثمارية الخاصة ، وفي نفس الوقت لا يرغب إلا القليل منهم أن يكون أجيرا.
وفيما يتعلق بصعوبة إيجاد عمل..يعزى الشباب ذلك إلى مجموعة من العوامل تتعلق بضعف إعدادهم لسوق العمل، كعدم التوافق بين المهارات المكتسبة مع سوق العمل بنسبة 34% والنقص في الخبرة العملية ب 18% وضعف المهارات المهنية أو نقص المحفز ب 15% ورفض أعمال معينة ب 9%.
أما فيما يتعلق بالهجرة فقد ازداد اهتمام الشباب المغربي بها ، حيث صرح 28% منهم أنهم فكروا “كثيرًا” في مغادرة البلاد، وصرح 15% منهم أنهم فكروا فيها “إلى حد ما”. في المقابل صرح 36% فقط بأنهم لم يفكروا في الأمر.
ويعتبر الوضع الإجتماعي هو الدافع الرئيس للهجرة للبحث عن فرص عمل أفضل بنسبة 54%، والهروب من المشاكل الاقتصادية أو الفقر بنسبة 18%. في حين يرغب 14% منهم مواصلة تعليمهم و12% منهم البحث عن فرص تجارية أفضل.
لكن لا بد ان نختم بنقطة مضيئة وجب أيضا اعتبارها و الاعتزاز بها. حيث أظهر الاستطلاع أنه رغم كل التحديات فقد أبدى معظم الشباب تفاؤلا بشأن الاتجاه العام للبلاد حيث عبر 73% منهم أن المغرب يسير في الاتجاه الصحيح.
ويؤكد ذلك أمرين في غاية الأهمية:
أولا :أن الثقة في المستقبل مازالت مرتفعة في أوساط الشباب مما يستلزم العمل بالجدية اللازمة لترسيخ هذه الثقة والتفاعل معها بالتنزيل الرشيد لكل الاستراتيجيات والمخططات والبرامج الوطنية والمحلية حتى تحقق أهدافها.
ثانيا: إن فئة الشباب المتشائمة من المستقبل والتي تشكل نسبة 27% وجب التعامل معها بالمزيد من اليقظة بإعداد برامج مستعجلة ينخرط فيها الجميع بدون استثناء من مؤسسات الدولة إلى المجتمع المدني. وحتى يستوعب هؤلاء الشباب، التحديات في دينامية إيجابية ونافعة ، يجب العمل على غلق كل أبواب و نوافذ الاختراق والتخريب الخارجية والداخلية.
“كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.