من حفاة السياسة إلى أثرياء الجماعات… ثروات مفاجئة تجرّ المنتخبين إلى التحقيق
في مشهد يعكس انقلاباً لافتاً في واقع عدد من المنتخبين المحليين، تحوّل بعض رؤساء الجماعات الترابية، ممن كانوا يُوصفون بـ”حفاة السياسة”، إلى أثرياء يمتلكون الفيلات الفاخرة والسيارات الفارهة والعقارات الواسعة. أسماء كانت معروفة بتواضع عيشها قبل انتخابات 2021، أصبحت اليوم رمزاً لثراء يثير الشكوك، ويضعهم في صلب مساءلات قانونية وإدارية جارية.
مصادر مطلعة أكدت أن المفتشية العامة للإدارة الترابية فتحت تحقيقات موسعة، تزامناً مع اقتراب استحقاقات 2026، بعد رصد تقارير أولية تشير إلى شبهات اغتناء غير مشروع. تحقيقات همّت عشرات الجماعات، وتركزت على تفويتات مشبوهة لأراضٍ في مواقع استراتيجية، وتحويل أراضٍ فلاحية إلى مناطق صناعية دون سند قانوني، وهي تحركات تضخمت معها ثروات “أثرياء الجماعات” بشكل مريب.
ولم يتوقف الأمر عند المنتخبين وحدهم، بل طال أيضاً موظفين إداريين في أقسام الجبايات والتعمير، حيث جرى الحديث عن تسهيلات غير قانونية مقابل امتيازات مادية. كما لوحظ استمرار بعض الموظفين في مواقعهم رغم تجاوزهم سن التقاعد، عبر قرارات تمديد تفتقد للتبرير القانوني.
ومن أبرز الملفات التي وضعت تحت المجهر حسب ذات المصادر، صفقات قطاع النظافة، التي تشهد اختلالات مزمنة وشبهات اختلاس وتبذير، إلى جانب تسجيل حالات تلقي مبالغ مالية مقابل تسليم وثائق إدارية أو تسريع إجراءات الترخيص، في تحدٍ واضح للمساطر القانونية.
ومع توالي هذه الوقائع، يُرتقب صدور قرارات بالعزل والإحالة على القضاء في حق عدد من المنتخبين، خاصة الذين تجاهلوا التصريح الإجباري بالممتلكات، رغم المراسلات المتكررة من وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات.
ظاهرة “حفاة السياسة الذين أصبحوا أثرياء الجماعات” تعيد فتح النقاش حول واقع الحكامة المحلية، وتبرز الحاجة الماسة إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ليس فقط لمواجهة الفساد، بل لضمان ألا تتحول الجماعات الترابية إلى مزرعة خاصة، ينهل منها من شاء متى شاء، بعيداً عن أعين الرقابة وخدمة الصالح العام.