مافيا الوداديات.. حملات افتحاص ضريبي تكشف تلاعبات بمليارات في العقار

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

دخلت المديرية العامة للضرائب على خط واحد من أعقد ملفات التهرب الضريبي بالمغرب، بعد أن كشفت معطيات دقيقة عن شبكة من التلاعبات بالمليارات داخل القطاع العقاري، يقودها مستثمرون ومنتخبون وموظفون عموميون استغلوا الإعفاءات الجبائية المخصصة للتعاونيات والوداديات السكنية للتحايل على القانون وتحقيق أرباح ضخمة خارج المراقبة الضريبية.

مصادر مطلعة أكدت أن مصالح المراقبة المركزية والجهوية كثّفت تحركاتها على طول محور الرباط – الدار البيضاء، حيث انتقلت من المراقبة المكتبية إلى عمليات افتحاص ميداني شملت مشاريع عقارية كبرى بتمارة والهرهورة والقنيطرة والجديدة وبوسكورة والدروة. وكشفت التحقيقات عن تحويل العديد من التعاونيات السكنية من إطار قانوني لا يهدف إلى الربح إلى مجموعات عقارية عملاقة تدر على أصحابها أرباحا خيالية في غياب أي التزامات ضريبية.

المعطيات الأولية أظهرت تورط رؤساء وداديات بينهم منتخبون وموظفون في الجماعات والإدارات العمومية، استغلوا مواقعهم لتسهيل التلاعب بلوائح المستفيدين وتوثيق عقود بيع وهمية، بل وصل الأمر إلى الاستيلاء على أراضٍ بطرق مشبوهة. ولم تتوقف الحيل عند هذا الحد، بل شملت تسجيل قطع أرضية بأسماء منخرطين وهميين وإعادة بيعها لاحقا بمبالغ خيالية.

عمليات التفتيش رصدت أيضا لجوء العديد من المتورطين إلى ما يعرف بـ”النوار”، من خلال التصريح بأثمان بيع تقل بكثير عن القيمة الحقيقية للأراضي قبل تضخيم الأسعار على المنخرطين. التنسيق مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية كشف خروقات خطيرة في التصريحات الرسمية استغلها متهربون قبل وبعد إرساء نظام تبادل المعلومات بين مصالح الضرائب والمحافظة.

في مواجهة هذه الظاهرة، وضعت المديرية العامة للضرائب اللمسات الأخيرة على قاعدة بيانات عقارية تعاونية، على غرار منظومة تتبع أسعار التحويل المصرح بها من الشركات الأجنبية، بهدف تضييق الخناق على التلاعبات وتقييد هامش المناورة أمام “بارونات الوداديات”. كما امتد التحقيق إلى الحسابات البنكية المشبوهة بتنسيق مع بنك المغرب، حيث تبين أن إحدى الوداديات تتوفر على أكثر من ثلاثة حسابات استُعملت لتحويل أموال المنخرطين واقتناء أرض تتجاوز مساحتها 100 هكتار سُجلت باسم رئيس الودادية بصفة شخصية، رغم أن ثمنها سُدد بشيك باسم التعاونية.

القضية تكشف عن ثغرة كبرى في المنظومة الضريبية استغلها المنعشون العقاريون للتحايل، وهو ما يكلف الدولة خسائر بمليارات الدراهم سنويا، فضلا عن إفراغ فلسفة التعاونيات السكنية من مضمونها الاجتماعي وتحويلها إلى بؤر للريع والتهرب. ويبقى السؤال: هل ستنجح أجهزة المراقبة في تحويل هذه التحقيقات إلى متابعات قضائية حقيقية توقف نزيف المال العام، أم أن نفوذ المتورطين سيعيد الملف إلى رفوف الأرشيف كما حدث في ملفات عقارية سابقة؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.