زلزال “SMG” يهزّ جيوب المغاربة بتبخر مدخرات المئات في أكبر عملية نصب رقمي بنهاية 2025
استفاق مئات المواطنين المغاربة مؤخراً على وقع صدمة مالية واجتماعية عنيفة، إثر الانهيار المفاجئ لمنصة “SMG” الرقمية واختفائها الكلي من الشبكة العنكبوتية، في واقعة أعادت إلى الأذهان مخاطر الاستثمار في السراب الرقمي.
المنصة التي سوّقت لنفسها كبوابة لتحقيق الثراء السريع، تبخرت فجأة مخلفة وراءها طوابير من الضحايا وخسائر مالية فادحة طالت مدخرات سنوات لعدد من الأسر، لتبدأ معها فصول مأساة إنسانية وقانونية معقدة تتجاوز حدود النصب التقليدي إلى الجريمة المنظمة العابرة للحدود الرقمية.
وقد اعتمدت المنصة المشبوهة في إيقاع ضحاياها على إستراتيجية “بونزي” (Ponzi Scheme) الشهيرة، حيث أوهمت المشتركين بإمكانية جني عوائد مالية يومية مغرية مقابل تنفيذ مهام رقمية بسيطة، مثل مشاهدة الإعلانات أو النقر على روابط معينة.
ولم تكتفِ “SMG” بذلك، بل استغلت الحاجة الاقتصادية والهشاشة الرقمية لتعزيز انتشارها عبر نظام “الإحالات”، محولةً الضحايا أنفسهم إلى أدوات تسويقية لجلب معارفهم وأقاربهم مقابل عمولات هرمية، مما أدى إلى تغلغل المنصة بشكل سرطاني داخل النسيج الاجتماعي المغربي، منتقلة من المجموعات المغلقة إلى المجالس العائلية.
وما جعل عملية “SMG” شديدة الخطورة والجرأة هو لجوء القائمين عليها إلى أساليب تمويهية غير مسبوقة لإضفاء صبغة قانونية وهمية على نشاطهم الإجرامي، حيث انتقلوا من العالم الافتراضي إلى الميدان عبر افتتاح مكاتب فعلية في عدة مدن مغربية كبرى وتجهيزها بأحدث المعدات لاستقبال الزوار وطمأنتهم. بل وتمادوا في ذلك بتنظيم لقاءات احتفالية صاخبة في قاعات فخمة، تضمنت تكريمات و”قصص نجاح” مفبركة لأشخاص ادعوا تحقيق ثروات طائلة في وقت قياسي، وهي مناورات سيكولوجية هدفت أساساً إلى كسر حاجز الشك لدى الضحايا ودفعهم لضخ مبالغ استثمارية أكبر.
ومع اقتراب نهاية عام 2025، بدأت بوادر الانهيار تلوح في الأفق من خلال تأخيرات ممنهجة ومبررة تقنياً في صرف الأرباح، قبل أن يسدل الستار نهائياً على المسرحية باختفاء كلي للمنصة وإغلاق مواقعها الإلكترونية وحذف جميع مجموعات التواصل على تطبيقات “واتساب” و”تيليغرام”.
وبالتزامن مع هذا الاختفاء، سارع عدد من المؤثرين على منصة “تيك توك”، الذين ساهموا بشكل كبير في تلميع صورة المنصة وإقناع متابعيهم بالانضمام إليها، إلى حذف كافة مقاطع الفيديو والمنشورات المتعلقة بها في محاولة يائسة للتنصل من المسؤولية القانونية والأخلاقية، مما زاد من حدة الغضب في صفوف المتضررين.
في المقابل، لم يقف الضحايا مكتوفي الأيدي أمام ضياع أموالهم، حيث انطلقت حملات واسعة لتنسيق الجهود وتجميع الأدلة الرقمية التي تثبت تعرضهم للنصب، بما في ذلك نسخ من التحويلات البنكية وإيصالات الإيداع التي تشير بوضوح إلى حسابات بنكية محلية داخل المغرب.
وتعتبر هذه المعطيات البنكية بمثابة “الخيط الرفيع” الذي تعول عليه المصالح الأمنية، لا سيما الفرق المختصة في الجرائم المالية والإلكترونية، لتفكيك خيوط الشبكة وتحديد هويات أصحاب الحسابات الذين يوجدون حالياً في دائرة الاتهام المباشر بتهم ثقيلة تشمل النصب والاحتيال وتكوين عصابة إجرامية وتبييض الأموال.
ومن الناحية القانونية، يشير الخبراء إلى أن المتورطين يواجهون عقوبات حبسية قد تصل إلى خمس سنوات وفق القانون الجنائي المغربي، مع إمكانية تشديد العقوبات بالنظر إلى حجم الضرر وعدد الضحايا.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، يشدد المختصون على ضرورة توجه جميع المتضررين بشكل عاجل صوب النيابة العامة أو الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لتقديم شكايات رسمية، معززة بكافة الإثباتات والروابط الرقمية قبل إتلافها، وذلك لضمان تضييق الخناق على المتورطين ومنعهم من الإفلات من العقاب، في رسالة حازمة تهدف إلى حماية الأمن المالي للمواطنين من موجات الاحتيال الرقمي المتصاعدة.