رئيس جماعة “سبت النابور” متهم بالشطط في استعمال السلطة ضد ابن مقاوم وطني
في وقت يرفع فيه الخطاب الرسمي شعارات الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، ويؤكد على ضرورة تخليق الحياة العامة داخل الجماعات الترابية، تكشف وقائع جماعة “سبت النابور” بإقليم سيدي إفني عن واقعٍ مغاير تمامًا. واقعٌ تُستعمل فيه السلطة كأداة للانتقام، لا كوسيلة لخدمة المواطنين.
تعيش الجماعة اليوم على وقع فضيحة إدارية مدوّية، بعد اتهام رئيسها بـ ممارسة الشطط في استعمال السلطة ضد نائبه الثاني، وهو أحد أبناء رجالات المقاومة الوطنية الذين سطروا بدمائهم ملاحم التحرير والاستقلال.
القضية التي تفجّرت عقب امتناع الرئيس عن منحه شهادة جبائية ضرورية لاستكمال إجراءات تسجيل عقد عدلي لملكية عقار، رغم أن الملف مستوفٍ لكل الشروط القانونية والوثائق المطلوبة.
مصادر محلية متطابقة كشفت أن الرئيس رفض التأشير على الطلب بدون أي مبرر قانوني أو إداري، في خطوة وُصفت بـ”الانتقامية”، خاصة أن العلاقة بين الطرفين تعرف توتراً متصاعداً منذ أن اختار النائب الثاني أن يكون صوتاً حراً معارضاً لتدبير الرئيس، وسبق أن وضع عدة شكايات لدى السلطات المعنية حول ما يعتبره اختلالات في التسيير المالي والإداري داخل الجماعة.
ويؤكد مقربون من النائب أن الرجل يتعرض لتضييق إداري ممنهج فقط لأنه رفض الصمت عن ما يراه من تجاوزات، معتبرين أن هذا السلوك يُشكّل مساساً خطيراً بمبدأ الحياد الإداري وخرقاً واضحاً للقانون.
الهيئات الجمعوية والفاعلون المدنيون بدورهم دخلوا على الخط، مطالبين بـ فتح تحقيق نزيه وعاجل من طرف وزارة الداخلية لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، مؤكدين أن رفض تسليم الوثائق الإدارية دون موجب قانوني يُعدّ انحرافاً خطيراً في ممارسة السلطة، وخرقاً لمبدأ المساواة أمام المرفق العمومي، بل وإهانة لمفهوم المواطنة في حد ذاته.
القضية لا تتعلق فقط بشخص أو بوثيقة، بل تعري واقعاً مؤلماً تُمارس فيه السلطة كامتياز لا كواجب، ويُستغل المنصب العمومي لتصفية الحسابات بدل خدمة الصالح العام. إنها صورة مصغرة لما يجري في عدد من الجماعات عبر التراب الوطني، حيث تتحول بعض المكاتب المنتخبة إلى جزر مغلقة محكومة بالعلاقات والمصالح، في غياب رادع حقيقي ومحاسبة فعلية.
وفي ختام المشهد، يبقى السؤال الجوهري مطروحاً بإلحاح:
إلى متى سيظل بعض رؤساء الجماعات يتصرفون كـ”أمراء صغار” فوق القانون؟
ومتى ستترجم شعارات الرقابة والمحاسبة إلى إجراءات عملية تُعيد الثقة للمواطن وتعيد الاعتبار لمعنى الخدمة العمومية؟
إن ما حدث في “سبت النابور” ليس مجرد واقعة محلية، بل ناقوس خطر يدقّ في وجه وزارة الداخلية والمجالس الجهوية للمحاسبة، بأن زمن التواطؤ والصمت قد انتهى، وأن هيبة الدولة تُقاس بقدرتها على لجم الشطط ومحاسبة من يتجرأ على استعمال السلطة ضد المواطن بدل أن يستعملها لخدمته.