الضرائب تُفجّر فضيحة “منح الحضور” وتكشف شبكة تحويلات سرية داخل شركات كبرى

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

فتحت المديرية العامة للضرائب جبهة رقابية واسعة وغير مسبوقة بعد شروع مصالحها في حملة تدقيق تستهدف ممارسات اعتُبرت “مريبة” داخل عدد من الشركات الكبرى، عقب رصد تحويلات مالية وُجهت تحت مسمى منح الحضور (Jetons de présence) لمسيرين خارجيين، من بينهم وزراء ومسؤولون عموميون سابقون، دون أي مصادقة قانونية من الجموع العامة كما يفرض القانون. وتمكنت وحدة اليقظة المكلفة بتتبع وضعية الشركات الكبرى من رصد مؤشرات قوية خلال الأشهر الماضية تكشف وجود نفقات غير مبررة ضمن التصريحات الضريبية. وأظهر التحليل المعلوماتي أن مبالغ ضخمة تم صرفها في ظروف لا تستجيب للمقتضيات الجبائية المعمول بها، ما أثار شكوكا حول شرعية هذه العمليات. ووفق المعطيات المتوفرة، فقد رفض مراقبو الضرائب اعتبار هذه “المنح” مصاريف قابلة للخصم، ليعاد إدراجها ضمن الأرباح الخاضعة للضريبة، مع فرض غرامات بلغت 15 في المائة إضافة إلى فوائد التأخير، وهو ما وضع الملفات المعنية أمام تسويات مالية ثقيلة. كما تعاملت المصالح الجبائية مع جميع المبالغ الممنوحة لأعضاء المجالس الإدارية باعتبارها دخلاً خاضعاً للاقتطاع عند المنبع بنسبة 30 في المائة، سواء تعلق الأمر بأشخاص مقيمين أو غير مقيمين، في خطوة فسّرها مهنيون بأنها مؤشر واضح على تشدد رقابي غير مسبوق. وكشفت التحقيقات أن عدداً من مفوضي الحسابات لم يبلغوا عن تجاوزات واضحة تتعلق بتوزيع “منح الحضور”، رغم تسجيل بعضهم لتحفظات في تقارير رسمية، ما أثار تساؤلات حول احترام ضوابط المهنة وواجب الإخبار القانوني. وتشير المعطيات إلى أن فرق التدقيق الجهوية تتوفر اليوم على ملفات دقيقة وأرقام موثقة تؤكد وجود منح مبالغ فيها لا تتناسب مع الوضعية المالية للشركات، مما يمهد لموجة جديدة من التصحيحات الضريبية المشددة. وتذهب مصادر متطابقة إلى أن حملة التدقيق هذه قد تفتح الباب أمام متابعات قضائية في حق أعضاء بعض المجالس الإدارية، حيث يتيح القانون إمكانية إلزامهم بإرجاع الأموال المتحصل عليها دون سند قانوني، فضلاً عن عقوبات قد تصل إلى ستة أشهر حبسا وغرامات تبلغ مليون درهم وفق مقتضيات الفصل 384 من قانون شركات المساهمة، إضافة إلى إمكانية منعهم من تولي مهام التسيير مستقبلاً. ويؤكد القانون 17.95 في مادته 55 أن تحديد القيمة السنوية لمنح الحضور يظل من صلاحيات الجمعية العامة العادية ولا يمكن لمجلس الإدارة سوى توزيع المبالغ التي تمت المصادقة عليها، كما أن أي محاولة للالتفاف على المسطرة عبر وصف هذه المنح كتعويضات استثنائية تعد مخالفة قانونية واضحة لأنها تخضع لنفس شروط الموافقة. وتعكس هذه الحملة، التي تُعد الأولى من نوعها بهذا الحجم، محاولة جادة لكشف شبكة علاقات مالية غير شفافة بين شركات كبرى ومسؤولين سابقين، ما قد يفتح الباب أمام مراجعات قانونية وتحولات جوهرية ستعيد رسم حدود الشفافية والرقابة داخل عالم المال والأعمال في المغرب.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.