وزير العدل تحت المجهر: هل كانت مجرد زلة لسان أم تجاوز أخلاقي؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لا تزال المشادة الكلامية التي اندلعت بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي والنائب البرلماني عبد الصمد حيكر تثير ردود فعل واسعة، ليس فقط بسبب ما التقطته الكاميرات داخل قبة البرلمان، بل اساسا بسبب ما جرى في الكواليس من انزلاق لفظي غير مقبول من مسؤول دستوري يفترض فيه ان يجسد النموذج الاخلاقي والمؤسساتي في البلاد.

فالعبارة المنسوبة للوزير، مهما حاول البعض تبريرها او التخفيف من وقعها، تبقى سقطة اخلاقية وسياسية لا يمكن المرور عليها مرور الكرام. كيف يمكن لوزير العدل، المسؤول الاول عن حماية الحقوق وصون الكرامة، ان يستعمل لغة جارحة من هذا النوع في مؤسسة تشريعية يفترض انها فضاء للنقاش الراقي واحترام المخالف لا لازدرائه؟

ان السؤال البديهي الذي يطرحه المواطن اليوم هو: ماذا ترك وزير العدل لمن تربى فعلا في الشوارع؟ اذا كان اعلى مسؤول في قطاع العدل يسمح لنفسه باستعمال كلام لا يصدر عادة الا في لحظات الغضب المنفلتة، فكيف سنطالب الناس بالتحلي بالاتزان والاحترام وضبط النفس؟

ثم اين الاخلاق السياسية؟ واين القدوة المؤسساتية؟ وما هو معيار المحاسبة اذا كان من اوكلت اليه مهمة تطبيق القانون هو نفسه من يضرب ابسط قواعد الحوار والمسؤولية؟

والاخطر: ماذا لو صدر هذا الكلام من مواطن عادي في حق وزير؟ كيف سيكون رد فعل المؤسسات؟ وباي حكم سيتم التعامل معه؟ اليس من باب الانصاف ان يخضع الجميع لنفس السلوكيات ونفس العقاب الرمزي والمعنوي عندما يتجاوز الحدود؟

الحقيقة ان ما وقع ليس مجرد زلة لسان، بل مؤشر على ازمة اعمق في الخطاب السياسي المغربي، الذي تحول في كثير من لحظاته الى ساحة للتجريح بدل تبادل الافكار، وللغة الانفعال بدل لغة الحجة. واذا كان البرلمان مدرسة للديمقراطية، فان وزير العدل مطالب اليوم قبل اي وقت مضى بان يعود فعلا الى المدرسة، مدرسة السلوك السياسي الراقي والحوار الحضاري.

الاعتذار الشجاع وحده قادر على طي هذه الصفحة، اما التبرير والهروب الى الامام فلن يزيدا المشهد الا احتقانا وفقدانا للثقة. فالمسؤولية الاخلاقية لا تقل وزنا عن المسؤولية القانونية، ومن ينهى عن خلق عليه الا ياتي اقبح منه.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.