تم تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في مارس الماضي، ويعتبر النواة الجديدة للسياسة الأمنية للمملكة وخصوصا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
هذا ما قالته “جون أفريك” التي أجرت تحقيقا داخليا حول المكتب، وقدمت كاتبة المقال وصفا للمكتب وموقعه، حيث قالت إنه يوجد في “مثلث الموت” حسب ما يقول بسخرية سكان مدينة سلا. فالمكتب المكلف أساسا بمحاربة الإرهاب يقع خلف محكمة الاستئناف المتخصصة في محاكمة الإرهابيين ويقع على يسار سجن “الزاكي”، الذي يضم هؤلاء الإرهابيين.
منذ تأسيسه، تقول كاتبة المقال، في مارس الماضي لم يمض أسبوع دون أن تكتب الصحافة المغربية عن عملية قام بها المكتب في مختلف ربوع المملكة. وبمجرد شروعه في الاشتغال فكك خلية إرهابية مكونة من 13 عنصرا تابعة للدولة الإسلامية بالمغرب الأقصى والذين يطلقون على أنفسهم أحفاد يوسف بن تاشفين. هذه الخلية كانت تستهدف شخصيات عمومية، وكذلك دوريات الأمن من أجل نزع أسلحتهم بفاس وخريبكة وتطوان، وقد تم تسريع وتيرة اعتقال الجهاديين ومروجي المخدرات، التي يتم الإعلان عنها للعموم ببلاغ لوزارة الداخلية.
وقد تجاوزت سمعة المكتب المركزي للأبحاث القضائية الحدود الداخلية بسرعة. ففي بلجيكا تم منح معلومات دقيقة من قبل المكتب المذكور لمصالح الأمن، التي جنبت هذا البلد مخططا إرهابيا خطيرا وذلك عشرة أيام بعد عملية “شارلي إيبدو” الإرهابية بباريس. وقد أشادت بدعمه بلدان عديدة مثل إسبانيا وهولندا والسعودية. وعلى العكس من ذلك ليس هناك أي تعاون مع الجزائر نتيجة الخصومة السياسية.
انبثق المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المتخصص في العصابات الدولية ومكافحة الإرهاب، عن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التي يديرها عبد اللطيف حموشي. وهو جزء من الشرطة القضائية التي تضمن العلاقة بين أجهزة الاستخبارات والمحاكم.
لقد أطلقت عليه الصحافة المغربية بسرعة “إف بي آي” المغرب. “لسنا الإف بي آي ولكن نحن المكتب المركزي للأبحاث القضائي”، تنقل كاتبة المقال عن عبد الحق الخيام، مدير المكتب، الذي قالت عنه إنه يبلغ من العمر 56 سنة وهو ابن الشعب وشخص بسيط وحيوي ودقيق الرؤية. قضى 29 سنة في الشرطة القضائية، التي انخرط فيها سنة 1986، بعد حصوله على الإجازة في الاقتصاد. سنة 2003 ومباشرة بعد أحداث 16 ماي تم تعيينه رئيسا للفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي تكلفت بالتحقيق مع المعتقلين الجهاديين كما تكلفت بالقضايا الكبرى مثل قضية “القرض العقاري والسياحي” و”الصندوق الوطني للقرض الفلاحي” وغيرها.
وتضيف الكاتبة أنه في سنة 2011، وفي عز الربيع العربي، عرف القانون الجنائي تغييرا جذريا، خصوصا الفصل 108، الذي منح عناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني صفة الضابطة القضائية. أي أصبح من حقهم مباشرة التحقيقات والاستدعاء والاستنطاق وتوقيع محاضر التقديم.
لقد تم منح المديرية العامة اختصاصات عديدة من بينها أمن الدولة ومكافحة الإرهاب وقضايا الجريمة وترويج المخدرات والأسلحة وتهريب الأموال وتبييضها. فالعدو الإرهابي ليس هو فقط هذه المجموعة من التكفيريين، الذين يدعون لقتل المرتدين، ولكن هو هذا الشر المتعدد العناصر والمنظم الذي يبحث عن التمويل والتسليح والتواصل.
المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني هيأت في سرية تامة هذا المكتب، الذي يضم نخبة من المحققين. ويضم 340 عنصرا مقسمين على فرقتين، واحدة مكلفة بمحاربة الإرهاب، التي يرأسها حبوب الشرقاوي، والثانية مكلفة بمحاربة الجريمة ويرأسها هشام بعلي. وسيتم إحداث فرقتين أخريين بعد المصادقة على القانون الجنائي. واحدة ستكون مكلفة بالجريمة المالية والأخرى مكلفة بالاتجار في البشر وجرائم الحرب. وبمهمات معقدة ومترابطة سيتم افتتاح مكاتب جهوية وكذلك سرايا صغيرة حتى يتم تسهيل مرور المعلومات وتصبح التدخلات أكثر سهولة.
وتطرقت كاتبة المقال إلى العمليات التي ينفذها المكتب، حيث قالت إنه خلال التهييء للمهام، فإن عناصر مجموعات التدخل السريع، ينامون ويأكلون في جناح خاص وفي غرف خاصة تضم سريرا وحماما وخزانة صغيرة ليس فيها تلفاز ولا حاسوب. ونظرا لخطورة المهام التي يقومون بها فهم مدججون بأسلحة خفيفة وأخرى ثقيلة إلى حد ما مثل “إم 16 ” و”إم 4″. وخلال كل المهام يقودهم ضابط شرطة قضائية.