جحيم الأسعار في المناسبات … هل استسلم المواطن المغربي لـ”شناقة الأزمات”؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

الملاحظ جورنال / أبو آية

يبدو أن المواطن المغربي أصبح يعيش كابوسًا متكررًا كلما حلّت مناسبة أو موسم معين، ليجد نفسه محاصرًا بارتفاع جنوني في الأسعار يطال جلّ القطاعات المرتبطة بهذه الفعاليات.

فمن رمضان إلى عيد الأضحى، ومن الدخول المدرسي إلى العطلة الصيفية، تتوالى نوبات المضاربة التي تنهك جيوب ذوي الدخل المحدود وتلقي بظلالها على القدرة الشرائية للمواطنين.

مواسم الأعياد: “مواسم غلاء” بامتياز

مع حلول شهر رمضان المبارك، الذي يفترض أن يكون شهر تآزر وتراحم، تتحول موائد الأسر إلى ساحة معركة مع أثمان المواد الاستهلاكية التي ترتفع بشكل صاروخي. الخضروات، الفواكه، وحتى المواد الأساسية، كلها تشهد قفزات سعرية غير مبررة، مستغلة الإقبال الكثيف للمواطنين.

أما عيد الفطر، فبينما يفرح الأطفال بالملابس الجديدة، يكابد الآباء لدفع أثمان قياسية للملابس الجاهزة. فالمحلات تستغل المناسبة لرفع هامش الربح بشكل مبالغ فيه، لتتحول فرحة العيد إلى عبء مالي ثقيل.

ولم يكن عيد الأضحى لهذه السنة استثناءً، بل شهد ظاهرة جديدة ومثيرة للقلق. فبعد قرار إلغاء شعيرة الذبيحة بقرار ملكي، ظهر نوع جديد من “الشناقة” يستغلون حاجة الناس للحوم. ففي بعض المناطق، قفزت أسعار لحوم الأغنام إلى 150 درهمًا بعدما كانت قد انخفضت إلى 60 درهمًا عقب القرار الملكي مباشرة. كما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء إلى 120 درهمًا بدلاً من 80 درهمًا، في حين وصلت أسعار “الدوارة”  إلى 700 درهم، في سابقة غريبة تعكس حجم الاستغلال للمواطن المغربي.

الغلاء لا يستثني شيئًا … من المقاعد الدراسية إلى شواطئ الصيف

لا تتوقف دوامة المضاربة عند الأعياد الدينية. فمع الدخول المدرسي، يجد الأولياء أنفسهم أمام ارتفاع “ملفت” في أثمان الأدوات المدرسية واللوازم الدراسية، مما يثقل كاهل الأسر ويجعل العودة إلى المدارس كابوسًا مالياً.

وخلال العطلة الصيفية، التي تعتبر فرصة للراحة والاستجمام، تتحول هي الأخرى إلى موسم للاستغلال. فأسعار كراء الشقق والفنادق تشهد ارتفاعات “مبالغًا فيها وقياسية”، وتلجأ المطاعم والمقاهي بدورها إلى رفع أثمان خدماتها بشكل غير مبرر، مستغلين الإقبال على المناطق السياحية والشواطئ.

وهكذا، يجد المواطن نفسه طيلة الدورة السنوية، التي تبدأ بالدخول المدرسي وتنتهي بالعطلة الصيفية، في قبضة “الشناقة” الذين لا يتورعون عن استغلال كل مناسبة لرفع الأسعار وتحقيق أرباح خيالية على حساب القدرة الشرائية للمواطن المغربي.

دعوات إلى تحرك الدولة وجمعيات حماية المستهلك

يرى مواطنون وفاعلون جمعويون أن هذه الظاهرة المتكررة تعكس غيابًا واضحًا لدور الدولة وأجهزتها الرقابية. ففي كل مناسبة، ورغم التنديد الشعبي، لا يتم اتخاذ “إجراءات رادعة” في حق  “تجار الأزمات” الذين يستغلون حاجة الناس لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

وفي هذا السياق، يقول محمد من مراكش، وهو موظف بالقطاع الخاص: “لقد سئمنا من هذا الاستغلال الممنهج. كل مناسبة تعني غلاءً لا يطاق. الدولة لا تحرك ساكناً، وكأنها تخلت عن دورها في حماية المستهلك”. وتشاركه الرأي فاطمة، ربة بيت، قائلة: “كنا ننتظر أن ينصفنا قرار إلغاء ذبيحة العيد، لكن الشناقة ابتكروا طرقاً جديدة لاستنزافنا. من يحمينا من هؤلاء؟”.

من جانبهم، يرى فاعلون جمعويون أن جمعيات حماية المستهلك “تبقى بعيدة كل البعد عن الأدوار المنوطة بها”، ولا تلعب دورها الفعال في الدفاع عن حقوق المواطنين والتصدي للمضاربة. ويضيف أحمد، ناشط جمعوي: “لقد تخلت الدولة وجمعيات حماية المستهلك عن أدوارها في حماية ذوي الدخل المحدود من تغوّل تجار الأزمات في كل مناسبة. الأمر يتطلب إرادة سياسية حقيقية لتطبيق القانون وردع المستغلين”.

هذه الظواهر المتكررة تدفع للتساؤل عن فعالية آليات المراقبة، وعن مدى جدية الإجراءات المتخذة للحد من هذه الممارسات التي تزيد من معاناة الطبقات الهشة والمتوسطة. فهل يستمر المواطن المغربي في دفع فاتورة “الاستغلال الموسمي” دون رادع، أم أن هناك تحركًا وشيكًا لإنقاذه من قبضة “شناقة الأزمات”؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.