ينطلق تطور الأداء الصحافي الذي ظل موضوع نقاش بين حزمة الإجراءات القانونية، ورزنامة المقتضيات المنظمة للممارسة الصحافية، وبين الإختيارات التأهيلية والمؤهلة لمزاولة صحافية مندمجة مع معطيات التحول الذي فرضه بالضرورة خطاب التغيير الذي شاء في نقاشه الطويل على تغليب الجانب التنظيمي والقانون في هذه الممارسة، دون التحول عنهما إلى الركن المادي في هذه المعالجة التي تبقى متقطعة ومتولية غير مقبلة على بلورة إجراءات نفعية ملزمة على تقديم حلول تهم وتخص تكاليف الممارسة الصحافية التي أصبحت بحكم القانون تزاول في إطار مؤسسة المقاولة التي راهن عليها مشروع القانون والنظام الأساسي للصحافيين المهنيين في الرفع من مستوى الأداء، وتحسين المردودية وتجويد المنتوج الصحافي، خصوصا، وأن ذلك يحصل في الإطار الناص على الترابية الجهوية المتقدمة التي كان من المفترض استغلال مرحلة الإعلان عن هذا التقسيم الترابي باختصاصاته التدبيرية، السوسيولوجية والثقافية إلى تفعيله في دعم بنية هذا التحول، وهذا التغيير بتوجيه الفاعلين الترابيين والإقتصاديين على مناولة إشكال التكاليف الإعلامية عموما بما تقتضيه الظرفية التي يبقى في بابها النهوض بالمقاولة الإعلامية، وبالتالي الممارسة الصحافية نهوضا أعرج، لغياب الملائمة بين نقاش الإجراءات القانونية والركن المادي في الممارسة الصحافية، وذلك أمام غياب التغطية الشاملة لنظام الدعم، سيما على مستوى الصحافة الإليكترونية.
هذه الصحافة الرقمية التي دخلت مجال الممارسة في تغطية التكاليف بتصور إمكان المنافسة أو اختيار التوزيع العادل بين مختلف المقاولات، وللحصر مثلا بالمدينة مراكش، على رائج المنتوج الدعائي والإشهاري، والقيام بتغطية اللقاءات والأحداث التي يشهدها المجال الترابي الذي تصدر منه عبر التصوير، وحيث في أفق ذلك، أن أغلبها أعلن المقاولة الإعلامية {شركة متعددة الخدمات}، وأن العمل الصحافي هو بمثابة جزء من المسئولية الإعلامية التي تنهض عليها، وحيث كان المعول في إطار هذه التجربة على المؤسسات الترابية والإنتاجية لدمج المكون الإعلامي في سياسات التدبير المجالي واستثمار المورد البشري على النفوذ الترابي الذي تخضع له في عمليات التمهيد لإنزال الجهوية المتقدمة التي تؤكد نصوص تدبيرها على استثمار الممكن البشري في مخطط التنمية الشاملة والمستديمة، بالتمكين الفعلي والإستطاعة على زيادة نسبة {نفعية} المردود دون المضاربة في استثماره، وبغير توجيه {المنفعة} أو {تسفيرها وتهجيرها} نحو فاعلين محتملين من القطبين الإداري والمالي بالمغرب، وهو التوجيه الذي يؤكد لا محالة استمرار التفكير المركزي بالمؤسسات الترابية والإنتاجية المحلية، ويوجه ذلك بالتالي استمرار عملية {المركزية} في مقابل {اللا تمركز} الذي هو أحد آليات التفعيل للجهوية المتقدمة التي تخسر في ظل هذا التوجه نكوصها الضريبية التي هي عائد من عائدات الثروة المحلية.
ويجسد مواصلة هذا الإختيار من لدن المشرفين والقائمين والمنظمين للقاءات والأحداث التي يمكن للمقاولة الصحافية أن تغطي من خلالها أقساطا مهمة من تكاليفها المالية، ودائما أمام غياب الدعم المالي، أن تظل مقاولة هَشَّةٍ، مُهَشَّمَةٍ ومُهَمَّشَةٍ، غير قادرة على الوفاء بسداد التزاماتها المادية، وغير قادرة على تطوير أداءها الذي وإن أجادت في محتواه الإعلامي على مستوى تحرير المادة الصحافية، فإن الإخراج يبقى يظل غير مواكب لأطروحة التنمية للخطاب الإعلامي في مستواه التقني الذي يفتقر إلى الدعم المالي الذي من الممكن جدا أن توفره المؤسسات الترابية والإنتاجية من خلال إسناد {أدوار تنظيمية ومسئوليات مهنية صحافية وإعلامية} في اللقاءات والأحداث التي تعمل على تنظيمها، خصوصا وأن هذه المقاولات المحلية بمراكش ذات طاقات وكفاءات تقنية كبيرة في كل ما يتعلق بإخراج الصورة وإنجاز الريبورتاجات، والكرافيزم، والسينوغرافيا، والتوظيب والتصميم، والمؤثرات الصوتية، وغيرها كثير مما يتصل بالإخراج الفني الذي أصبح يطغى حتى في إخراج الصورة ذات الأكثر من بعد ومحتوى إعلامي.
وإذ كما هي مهارات ذات دربة عملية، تبقى خارج اهتمامات الفاعل الترابي والمنتج المحلي بالمدينة مراكش، والذي يلجأ إلى استقدام الخبرات إما على سبيل النكاية وإذلال المقاولة الإعلامية المحلية والعمل على تجويعها، أو على سبيل اعتقاد عجز هذه المقاولة الإعلامية المحلية على الإنجاز الفني للعمل، وفي الحالة الأخيرة، فإن العجز في إدراكه الذي لم يستطع إدراك قدرة المورد البشري على مستوى دائرة نفوذه ومكنته من أدوات العمل التنظيمي والإشراف الفني على اللقاءات والأحداث ذات الصلة بالمقاولة الإعلامية المحلية التي تستمر في حمل رهان التحدي للبقاء اعتمادا على إمكاناتها الذاتية التي تطلب إمكانات موضوعية لتحقيق أهداف ومرامي وغايات التقسيم الترابي للجهوية المتقدمة.