كتب عضو الكونغرس الأمريكي السابق، مايكل فلاناغان، مقالا تحليليا مفصلا حول “الأسباب الخفية وراء هجمات البرلمان الأوروبي على المغرب”، ينتقد فيه تدخلا مباشرا في “الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة”، ويفكك رموز حملة “ممنهجة” غير عادلة ووهمية على حد سواء.
وأبرز المحلل السياسي الخبير في القضايا الدولية، في المقال المنشور على أعمدة مجلة “نيوزلكوس” الأمريكية، أن مواقف النواب الأوروبيين تتجاوز “حدود التعاطي السياسي والدبلوماسي بين الدول والمؤسسات”، مؤكدا أنها تتعداه إلى التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة.
وفي تحليله لأهداف هذه الحملة، يرى فلاناغان أن للجزائر يدا في هذه القضية، ورد فعل عنيف إزاء اختيارات المغرب على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، والتزامه الراسخ بالدفاع عن قضاياه، وتنويع شراكاته مع إفريقيا وبقية العالم، قبل أن يتساءل: من يعارض استئناف العلاقات بين المملكة وإسرائيل، أو توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة “بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء”؟
أعتقد أن هناك أجندة خفية. لا شك أن خطط التنمية الاقتصادية وبرامج تعزيز حقوق الإنسان التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش قد أثارت حفيظة بعض الدول الأوروبية وطموحاتها الدنيئة”، يؤكد المحلل الأمريكي، معتبرا أن هذه التطورات “لا تصب في مصلحة أوروبا بشكل عام وفرنسا على الخصوص”، والأمر ينطبق كذلك على “التوجه الذكي” لجلالة الملك نحو إفريقيا.
ويبرز مايكل فلاناغان، في تحليله، أن المغرب أضحى، و”بفضل سياساته الاقتصادية واستقراره الاجتماعي والسياسي وما يميزه من تعايش ديني فريد”، يستقطب الأسواق العالمية، الأمر الذي وضع حدا، برأي المحلل، للهيمنة الأوروبية على الأسواق المغربية، ورد عليه البرلمان الأوروبي “بادعاءات كاذبة”.
وتطرق عضو الكونغرس السابق، في هذا الصدد، إلى موقف البرلمان المغربي الحازم إزاء التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب وقراره بالإجماع إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوروبي في بروكسل.
بالنسبة لهذا الخبير في المنطقة، تكشف هذه الحملة، ودون لبس، كون الغاز الجزائري الآن في صلب اهتمام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وتوجه الأسواق الأوروبية نحو الجزائر لاستبدال العقود التي خسرتها في الحرب الأوكرانية، مما يظهر بجلاء الموقف الحالي للاتحاد الأوروبي القاضي بعدم الإساءة إلى الجزائر بأي شكل من الأشكال، وإن اقتضى الأمر “الافتراء على المغرب، لإرضاء موردي الغاز الجزائريين”.
من جانب آخر، يضيف كاتب المقال، فإن لأوروبا مصلحة على المدى الطويل في عرقلة نمو المغرب في الأسواق العالمية خارج الأسواق الإقليمية (أي التي هيمنت عليها أوروبا).
ويبرز عضو الكونغرس السابق أن “يد الجزائر في هذه القضية واضحة”، منتقدا الابتزاز في صيغة “الغاز الجزائري مقابل العداء تجاه المغرب”.
وتوجه الخبير السياسي بالحديث إلى السلطات والرأي العام الأمريكيين، قائلا “يجب أن نعتبر أن الحملة الدبلوماسية ضد المغرب بمثابة هجوم على العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب ومصلحتنا الاستراتيجية المشتركة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط”. وأضاف أن”قائمة النجاحات المغربية الطويلة والمبادرات الممتازة تستحق أن يتم الدفاع عنها”.
وفي نهاية مقاله التحليلي، لم يفت الخبير توجيه سلسلة من التساؤلات إلى أوروبا ونوابها البرلمانيين: “أليس هذا هو المغرب الذي أرسل أبناءه لتحرير أوروبا من الغزو النازي؟ أليس هذا المغرب الذي أرسل أبناءه لتشييد الجسور والمطارات والمعامل في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية؟ أليس هذا المغرب الذي يواجه بنجاح مشكلة الهجرة السرية نحو أوروبا عبر مضيق جبل طارق؟ أليس هذا المغرب الذي يفكك مئات الخلايا الإرهابية كل سنة ويضمن أمن وسلامة أراضيه وأراضي الضفة الأوروبية في الشمال؟ أليس هذا هو المغرب الذي ساهم جنبا الى جنب مع القوات الأوروبية والأمريكية في كل المناسبات لضمان الأمن والسلم العالميين؟ أليس هذا المغرب الذي منع النازيين من اعتقال وإعدام أبنائه اليهود؟ أليس هذا هو المغرب الذي كان سباقا إلى كل وساطات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟ أليس هذا هو المغرب الذي كان أول دولة تعترف باستقلالنا في سنة 1777 وهو صديقنا الثابت منذ ذلك الحين؟”.