متسرع من يزعم إمكانية توصل إلى فك شفرة جريمة مابين عشية وضحاها،فكل ما طال زمن البحث تتواثر لدى الباحثين يقينيات وجزئيات،مسعفة،تساهم في فهم وإدراك عناصر الفعل الجرمي،وبالتالي الوصول إلى الفاعل الحقيقي.
المتتبع لتاريخ الجريمة ببلادنا يدرك أن بعضها قد تطلب أعواما،بل عقودا للوصول إلى الفاعل الحقيقي فكما أن السرعة تقتل في القيادة،فإن التصرع في فك ميكانيزمات الجريمة قد يؤدي إلى عكس ما يرجى من البحث الجنائي الميداني.
أحيانا يجد فريق من رجال الأمن أنفسهم أمام شبكة ملغومة وملغزة من الفرضيات التي قد تشكل لديهم تحديا مؤقتا،بفعل تشابك سيور الجريمة، وتزداد مأموريتهم تعقيدا عندما لايسعفهم المسح الميداني من وضع اليد على ما يأشر ويساعد في العثور على النواة الأولى لعناصر الجريمة،والتي قد تعبد لهم الطريق نحو تحديد الفاعل أو الفاعلين.
وأمام تعقيدات العناصر المكونة للفعل الإجرامي،يلعب الزمان دوره الجدري/الإستكشافي في تتبع مسار الفعل الجرمي الذي قد يتطلب مدة لايقدرها إلا من كان على دراية بالتفاعلات والضغوطات النفسية الجاثمة على خلية التتبع التي تتعامل مع كل العناصر المتوفرة على بساطتها وتعقيداتها مستغلة ما تعتبره مغنما تعول عليه في تأسيس لفرضيات جديدة تلغي السابق وتستثمر المعلومة المؤدية إلى فك اللغز وبالتالي تبصم على النواة الأساس في تحديد الفاعل أو الفاعلين.
وهي عملية لا يمكن إرجاع تمدد الزمني فيها إلى قصور شخص بعينه محددا ومسمى،إلا إذا كان ذلك تحت تأثير نية مبيتة يعتقد صاحبها وهو يتقول بما لا يعلم،ويقصد شخصا يحمله نتيجة تأخر البحث الجنائي بصيغة تحمل دلالاتها نوعا من الكيدية،رغم أن مدة الإنجاز في قضية الحقيبة التي تتضمن جزءا من مكونات الضخية تعد في نظر البحث قياسا زمنيا وبإمتياز إذ لايتعدى زمن الكشف أكثر من 72ساعة وهو أمر يثمنه العقلاء وينضاف إلى سجل إنجازات الشرطة القضائية .
في مثل هذه الشروط التي تتصارع فيها قوتان مجرم إرتكب فعله الإجرامي وهو يتمتع بكامل قواه العقلية التي جعلته يموه على جريمته بما يراه مناسبا ومنسجما مع إدراكه وقوته العقلية، وجهاز الشرطة القضائية الذي أبانت عناصره عن إمتلاك ملكات التروي، والمناورة،في التعامل مع قضية تجهل عنها الكثير ما ينم عن تجربة متمكنة،فاعلة،ومنفتحة على كل الفرضيات.
فالنجاحات التي حققتها الشرطة القضائية في هذه القضية بالذات رغم ضبابية المشهد الجرمي،وعتمة مسار الحادث هي إنتجاج عمل مجموعة تحركها دينامية الجماعة المتلهفة دوما وأبدا إلى وضع الحد المعلن للجريمة مهما بلغت خطورتها بتسيير فعلي من شخص يتمتع بحنكة ،ودراية، يفرض عليه موقعه توجيه دفة البحث،ولم شعت جزئيات الجريمة عن طريق إصدار التوجيهات،والإرشادات لكافة العنصار التي تتظافر في بلوغ الهدف المرسوم سلفا.أما النتيجة فهي تخضع أولا وأخيرا لنوعية الجريمة ولإحترافية مرتكبها،ولبعد أو قرب موقعا من مصادر البحث.
واهم من يعتقد أن رجال البحث الجنائي يمتلكون عصا سحرية تمكنهم في رمشة عين من أعتقال الجنات.