تمثلا لمشروع الحزب الذي خول ل سيدي محمد العسري، عضو تنسيقية مراكش لحزب الحركة الشعبية المشارك في الإستحقاق الإنتخابي النيابي المقرر إجراؤه في 7 من أكتوبر المقبل، يجد شخصه في إطار مرحلة انتخابية تتقاطع مع التجربة الإنتخابية الجماعية التي قادته إلى عضوية المجلس الجماعي “اسعادة”، بعد انتخابات نتائج الإقتراع الجماعي والجهوي ل 4 من شتنبر 2015.
ونظرا للرهان الذي يحمله للعب دور فاعل في تمثيلية حزب الحركة الشعبية بدائرة المنارة، من خلال مشروع الحزب والرؤية التي يرصدها لتناول الإكراهات المختلفة، والتي تنسجم مع احتياجات المعالجة لواقع المنطقة خاصة والدائرة الإنتخابية المنارة عموما، من تردي في الخدمات على كافة الصعد.
في هذا اللقاء يحلي سيدي محمد العسري إمكانات التحصل على حلول لمعيقات التنمية بدائرة المنارة، ضمن مقاربة البرنامج الإنتخابي للحركة الشعبية، بالتصور المحلي في أفق الخروج بالدائرة من الهشاشة الإجتماعية التي تعصف بجهود الإلتحاق بالتنمية المحلية. وهذا نص اللقاء كما أجرته مع سيدي محمد العسري وكيل لائحة الحزب بالدائرة الإنتخابية المنارة.
المعول عليه في تصور الآليات، إستثمار المعالجة المعقلنة المستجيبة والملبية للاحتياجات المواطن،انطلاقا من تصور البرنامج الإنتخابي لحزب الحركة الشعبية
الجمع بين بين ماهو تدبيري وتشريعي في العملية الإنتخابية يضخم مسؤولية العمل التمثيلي ويستدعي رؤية خاصة، والركون إلى منخج استقرائي يؤدي بالضرورة إلى استحداث سبل تيسير العمل في هذا الإتجاه، ما هو التصور لآليات العمل لترجمة المشروع ، البرنامج الحزبي بشكل يتوائم مع الإنتظارات من العملية الإنتخابية؟
صحيح أن هناك إكراهات خاصة في الملائمة بين التجربة الجماعية ورديفتها البرلمانية، غير أن ما يساعد على تذويب الهوة بين العملين، يتم من خلال الإنخراط الذاتي المستوعب لكافة الإشكالات، في إطار المرجعية الحزبية، بمساعدة التوجيهات العامة للمشروع الإنتخابي، وكما هي مجسدة في منطوق هذا المشروع الإنتخابي للحزب.
والخلاصة، أن الحافز على تذويب كافة الإكراهات تعود إلى التسلح بإرادة التغيير، وباعتباري مقدما على التجربة التشريعية، فاستحضار هذه الإرادة في ملازمتها لخاصية التنفيذ حاضرة في التصور والتنفيذ، الخاضعين للتجربة العميقة التي راكمها حزب الحركة الشعبية الذي سجل حضوره ضمن العملية السياسية بالمغرب منذ 1959، إلى جانب الأحزاب التاريخية الكبرى بالمغرب التي عملت وسم التاريخ السياسي بالمغرب بالتنوع والتقارب في وحدة التفكير لأجل بناء مغرب ديمقراطي، وإذن، فالمعول عليه في تصور الآليات، إستثمار المعالجة المعقلنة المستجيبة والملبية للاحتياجات المواطن، انطلاقا من تصور البرنامج الإنتخابي لحزب الحركة الشعبية المؤسس على استبطان مكونات الأزمة ودواعي استفحالها، ومن تم محاصرتها بكابحات تأتي على ظلامية المشهد ودواعي تأزمه، والمتبدية في 63% من ناتج الدين الداخلي العام، مع تراجع معدل النمو بما يقرب من 50% في ظل سياسة إكراهية، تقوم على زيادة الإقتطاع من الضريبة على الدخل ب 4%، والإنتقال في احتساب التقاعد النهائي من 5،2% إلى 2%، في ظل عجز في الميزان التجاري بنسبة 5،7%، وبلوغ بطالة الأطر لأول مرة إلى 5،9%.
لا شك، أن واقع دائرة المنارة التي هي صورة لمسلسل الإكراهات يفترض وضع استفهام كبير حول تغييب وتهميش كافة الإشكالات المرتبطة بالوضع العام بالدائرة، كيف يمكن استجلاء آليات التغيير لهذا الواقع من خلال المشروع الإنتخابي لحزب الحركة الشعبية بهذه الدائرة؟
لقد تنبه حزب الحركة الشعبية إلى مواطن الخلل التي تطغى على مستوى كافة التراب الوطني، الذي تعتبر دائرة المنارة بمراكش جزءا منه، إذ تم الإشتغال على هذا الواقع في مشروع التغيير الذي قدمه الحزب، ولتوضيح الصورة أكثر، فإن مشروع الحزب الإنتخابي قد وضع وشرع لبرنامج يتسم بروح المواطنة وينبني على تحقيق مجموعة من الإشتراطات الموصوفة بالإجراءات تحت شعار “الحركة الشعبية إلتزام من أجل المغرب”، في إطار: تلبية حاجيات المواطن وتنسجم مع انتظاراته، دعم القدرة الشرائية وتنميتها، دعم مواكبة المقاولة في إطار تشجيع الإستثمار، العناية بالقطاعات الإستراتيجية لتوفير مناصب الشغل وتيسير الولوج إليه، توجيه نسبة كبيرة من الإستثمار العمومي والخاص نحو المجال القروي، دعم القطاعات الصناعية، والصناعات الفلاحية والغذائية، الإرتفاع بالثقافة بعتبارها رافعة للتنمية والنهوض بالأمازيغية، العناية بقضايا التربية والتكوين باعتباره آلية من آليات التنمية، الرفع من الخدمات الصحية والرفع من الحد الأدنى للأجور ، وتقوية المعاشات، والدفع بالإلتزامات الإجتماعية.
مشروع حزب الحركة الشعبية الإنتخابي، يستهدف 8 محاور لها علاقة وطيدة بالإنسان والمجال، فتركيز المشروع على تنمية العنصر البشري من خلال تثقيفه وتكوينه وتربيته يمثل العناية بهذا المواطن الذي يحتاج بدوره إلى تناغم مع وضع اقتصادي من تجلياته دعم المقاولة وتشجيع الإستثمار واستحداث سوق للشغل، ثم الإهتمام بالإنسان القروي من خلال تصدير المقاولة إلى هذا المجال، ثم الرفع من الخدمات الصحية لجميع فئاته، والرفع أخيرا من الحد الأدنى للأجور لغاية تقوية المعاشات، والدفع بالإالتزامات الإجتماعية.
المشترك بين مختلف أجزاء دائرة المنارة، هو وحدة الإكراهات المطروحة، رغم بعض التباين بين القطب المديني والقطب القروي اللذين تتشكل منهما دائرة المنارة
الإهتمام بالبرنامج الإنتخابي لحزب الحركة الشعبية في بعده الوطني، لا يلغي العناية وتدارس الشأن المحلي الموسوم بجملة إكراهات ضاغطة، كما هو الحال بالنسبة لدائرة المنارة التي تمثل بها حزب الحركة الشعبية وكيلا للائحة في هذا الإستحقاق النيابي، أين تكمن جملة هذه الإكراهات الضاغطة بدائرة المنارة؟ وهل ترى أن برنامج الحزب بالإمكان أن تطال إجراءاته مكامن المعالجة المفضية إلى إيجاد بديل لمعاناة الدائرة؟
الأكيد، أن هذه الإكراهات بتنوعها المستفز تتطلب إرادة وعزم قويين يدفعان بممثل الحزب إلى الإغتراف من توجهات البرنامج بغاية سد العجز، والكشف عن مظانه وتحويل سلبياته إل إيجابيات نتمكن بها ومن خلالها لتوفير حلول تلغي ما أمكن الخصاص الملاحظ على جميع مكونات هذا العجز، وهو ما لا يتأتى إلا بامتلاك تصور واقعي لما تتطلبه المرحلة من استنساخ آليات تؤدي بالضرورة إلى القضاء على مسببات النكوص الإجتماعي في كل تمظهراته، وذلك، باعتماد برامج تمتح من تحديد الخصوصيات واستحداث الآليات الكفيلة بتهميش كل سمات التخلف والعجز، انطلاقا من تصورات مشروع الحزب الذي يعتمد منهجا وطريقا لتحقيق الإصلاح والتغيير، والآلية التي تسعف في وضع مقاربة سوسيو/ اجتماعية محلية تمكن من تدليل مختلف الإكراهات التي تتطلب دينامية فاعلة، تساهم في بلورة حلول، وذلك، عبر تحديد الحاجيات، واستحداث أدوات توجيه هذه الحاجيات لما فيه المصلحة المحلية لدائرة المنارة.
يمكن اعتبار هذا التدخل مندرجا في إطار شمولية التحليل السياسي، غير أن الملح هو: هل بالإمكان استعراض تمفصلات تركيبة الإكراهات بدائرة المنارة؟
أكثر ما تتمظهر هذه الإكراهات في البنية التحتية بالدائرة على امتدادها الجغرافي الموسوم بالتشابه والتماثل، ويحيل بالتالي إلى وحدة العينات ما يجعل الملاحظ للواقع بالدائرة، يقتنع بتقديم صورة عن أجزاء الدائرة التي تعرف خصاصا كبيرا في الحاجيات ومتطلبات العيش السليم، ما ينعكس سلبيا على اليومي بالدائرة ويرفع من سقف الخصاص وحدة المطالب بتحقيق مستلزمات العيش العادي، وينزل بالتالي ما يمكن أن نطلق عليه “العدالة الدستورية” في أبعادها الهيكلية والمؤسساتية، وتحصيل الدائرة حظا من المشاريع التنموية الإجتماعية التي تساعد على تحييد مسببات الأزمة، وتسمح بتوفير الشروط الخدماتية الصحية والتربوية والثقافية، والإدماج في النسيج الإقتصادي المحلي في علاقته بالوطني.
برغم ذلك، يبقى السؤال المحور يقوم على التعرف والإقتراب من بعض النماذج التي تحيل إلى التباين والتباعد على مستوى الإكراهات والخصاص؟
المشترك بين مختلف أجزاء دائرة المنارة، هو وحدة الإكراهات المطروحة، رغم بعض التباين بين القطب المديني والقطب القروي اللذين تتشكل منهما دائرة المنارة، حيث الهشاشة ضاربة، وحيث الفقر يدوي، والحاجة ملحة إلى الرعاية الإجتماعية، وإلى نموذج تنموي يخرج الدائرة من عثو الخصاص، الذي كما هو بدواوير جماعة “اسعادة” يغرق “السويهلة” و دواوير “الأوداية” و “سيد الزوين”، بنية هيكلية متآكلة، وبنية تحتية خدماتية شبه منعدمة، ووضع اجتماعي واقتصادي متسم بالهزال.
وكنموذج صارخ عن ذلك جماعة “سبت أيت إيمور” الواقعة في نفوذ دائرة “الأوداية”، حيث يبلغ هذا الخصاص كما في باقي مجموع الدائرة الذروة، من خلال تراكم الحاجيات، إن على المستوى الصحي أو التعليمي، ذلك، أنه رغم شساعة الجماعة التي تتشكل من أزيد من 30 دوارا، وكثافتها السكانية، لا تتوفر إلا على مستوصف يتيم، أبعد نقطة عنه من هذه الدواوير توجد عن بعد 20 كيلومترا، في ما الأقرب من هذه الدواوير يتطلب مسير مسافة كيلومترين للوصول إلى طلب العلاج.
المستوصف مكون من غرفتين وطاقم طبي عاجز عن تدبير الحاجيات الصحية لهذه الدواوير بحكم تصاعد نسبة الطلب على الإستشفاء، ونظرا أيضا للقلة في الموارد البشرية الصحية التي رغم الأداء الذي تبديه لأجل تغطية الطلب الصحي، تعاني من هذا الخصاص المهول على مستوى البنية والموارد البشرية واللوجيستية في الإستجابة للطلب، والحال هذا، أن اختيار التنقل لطلب الخدمات العلاجية بالمجال الحضري، يضاعف المعاناة باعتبار تكلفة التنقل المادية، في ظل الهشاشة الإجتماعية وفقر الموارد المالية لساكنة الدائرة عموما، وعلى مستوى التعليم، هناك إجماع على أن قطاع التعليم بالدائرة مندحر، مفتقر إلى أدوات وشروط التعميم بين النشئ واستمرارها في العملية التعلمية، قبل تحقيق الجودة وتحقق رقي القطاع وتطوره، الذي لا تساعد بنية مؤسسات تعليمه الإبتدائي المشتتة بين الدواوير، إعدادياته والمهترءة على إنجازه فعلا قادر على الدفع بعجلة التنمية المحلية بالدائرة، من خلال القطع مع ظاهرة الهدر المدرسي التي تنشط بشكل ملفت بالمجال القروي لدائرة المنارة، وعلى سبيل تقديم النموذج، أن ما يشكل البنية التعلمية الإعدادية بنفس الجماعة “سبت أيت إيمور”، لا تتعدى إعدادية تأهيلية وحيدة، تجعلنا أمام وضع تعلمي بمردودية متصفة بهزال النتائج التربوية الآنية والمستقبلية للدائرة، وتظل غير قابلة للتطور ما لم يتوفر هناك توجه نحو دعم المرحلة التعليمية التأهيلية، بمؤسسة ثانوي تأهيلي، تمنع المتتلمذة من مقاطعة الدراسة مع نهاية مرحلة الإعدادي، وذلك، أمام انسداد واستحالة الإلتحاق بمرحلة الثانوي التأهيلي بمراكش، باعتبار الوضع الإجتماعي لكثير من الأسر التي لا يخول دخلها المالي لمتتلمذتها استكمال الأسلاك التعلمية بالمجال الحضري للدائرة.
من منطلق ذلك، يعد العمل التشريعي فرشة تهيئ المجال لطرح التصورات والدفاع عن المشروع الإنتخابي، وعليه ما هي أبرز الأولويات التي تشكل اهتمام سيدي محمد العسري في حالة ما إذا ألحقه الصندوق الإنتخابي بسدة المسؤولية التشريعية لبلورة تصوره الإصلاحي، ودعم مجال قطاع الخدمات السوسيو/ اجتماعية بدائرة المنارة؟
واجب تحمل المسؤولية يشترط وضع خريطة تلبي تطوير مضامين تغيير البنى الهيكلية بدائرة المنارة، بتوفير مستلزمات تفضي إلى أجرأة البنود المسطرية المعول عليها في إعادة بناء الحقل الإجتماعي، من خلال العناية بقطبيه المديني والقروي، بمحاولة استحداث في إطار البرنامج التأهيلي العام، وبمنظور استشرافي يحقق في المددين القريب والبعيد ما يؤهل الفرد إلى الإنخراط في دينامية التثقيف والتربية والصحة، وبما يرفع من القيمة المعيارية للمواطن، وأيضا بما يعطي للمجال خاصية السمو والتدرج في أسلاك المهمات المعتمد عليها في صياغة منظور وطني/ محلي، يروم قطع العلاقة مع مظهر التتسيب وعزلة المناطق بكيفية تذوب الفوارق التي شكلت صفات وخصوصيات التمايز بين مختلف المناطق لردم الهوة بين مكونات الفقر والهشاشة، وذلك بالسعي إلى صناعة مواطن خالي من الإعاقة النفسية والتربوية والإجتماعية بدائرة المنارة التي تتطلب أولا وأخيرا إعادة هيكلة على كافة المستويات والأصعدة.