فضيحة “جود” تكشف استغلال المساعدات لغايات انتخابية ووزارة الداخلية تتدخل
بدأت الفضيحة عندما تم رصد شاحنات تابعة لجماعة تيوغزة في إقليم سيدي إفني، وهي محملة بمساعدات غذائية و عمدت الى إخفاء اللوحة المعدنية مما وجب فتح تحقيق قضائي في النازلة، مع العلم ان الشاحنة كانت مركونةبمنزل تابع للناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس. وعند نشر الصور على منصات التواصل الاجتماعي، تبين أن هذه المساعدات لم تكن تُوزع بشكل عشوائي، بل كانت تستهدف فئات معينة من المواطنين، مما أثار تساؤلات حول انتقاء المستفيدين بناءً على انتمائهم السياسي.
وقد لاحظ العديد من المواطنين أن هناك تمييزًا في توزيع المساعدات، حيث طُلب من المستفيدين توقيع تعهد بالانخراط في الحزب للحصول على المساعدات. هذا التصرف لم يقتصر على سيدي إفني فقط، بل امتد أيضًا إلى مناطق أخرى مثل ميدلت، مما يزيد من حجم القضية ويجعلها تأخذ طابعًا وطنيًا.
و في أعقاب هذه الفضائح، تدخلت وزارة الداخلية بسرعة وأصدرعامل إقليم سيدي إفني، الحسن صدقي، مراسلة رسمية إلى رؤساء الجماعات المحلية، يطالبهم فيها بضرورة الامتناع عن استخدام آليات الجماعات لأغراض سياسية أو انتخابية. وقد أوضح العامل في المراسلة أن بعض رؤساء الجماعات قد استغلوا هذه الآليات في خرق واضح للقانون التنظيمي رقم 113.14، الذي يمنع استغلال الموارد الجماعية لأغراض شخصية أو سياسية،و أعيدت الحادثة كذلك بعمالة إقليم ميدلت عندما تخاصم الإخوة الأعداء داخل حزب التجمع الوطني للأحرار حول قفف “جود” و عمدوا الى نشر شريط فيديو وهم يحاصرون شاحنة تابعة للدولة.
ما حدث في سيدي إفني يعكس مشكلة أكبر تتعلق باستخدام المؤسسات العامة في الانتخابات، وهي قضية لطالما نبه إليها جلالة الملك محمد السادس. فقد أكد جلالته في أكثر من مناسبة على ضرورة احترام قواعد الديمقراطية والنزاهة في العملية الانتخابية. وتعتبر هذه الفضيحة ضربة خطيرة لعملية الانتخابات في المغرب، حيث يعزز ذلك الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية ويعطي انطباعًا بأن الانتخابات المقبلة قد تشهد استغلالًا أكبر للكتلة الناخبة ما لم تتدخل الجهات المسؤولة .
الفضيحة أثارت تساؤلات واسعة حول مدى نزاهة الانتخابات المقبلة، حيث يرى المراقبون أن استخدام المساعدات الإنسانية كأداة انتخابية يشكل تهديدًا للمبادئ الديمقراطية. هذه الممارسات تدفع إلى ضرورة فرض المساءلة القانونية على جميع المتورطين، سواء كانوا مسؤولين حكوميين أو منتخبي الجماعات المحلية، لضمان نزاهة العملية الانتخابية وحمايتها من التلاعب.
فضيحة “جود” تطرح تساؤلات كبيرة حول استغلال المساعدات الإنسانية لأغراض انتخابية، ما يعكس الحاجة الماسة للمساءلة القانونية والمحاسبة. هذه الحملة تؤكد مرة أخرى أن نزاهة الانتخابات في خطر، وأن على جميع الأطراف السياسية الالتزام بالقوانين التي تحظر استغلال الموارد العامة أو إستمالة الكتلة الناخبة من خلال تزويع عليها المساعدات بغلاف إنساني من أجل الإستغلال السياسي في المحطات الإنتخابية القادمة. وزارة الداخلية مطالبة الآن باتخاذ إجراءات صارمة لحماية الديمقراطية والمواطنين من أي محاولات للتلاعب بمقدراتهم. في النهاية، تبقى الديمقراطية والمساواة أساس أي انتخابات حرة ونزيهة، ولا بد من التصدي لأي محاولات تهدد هذا الأساس مهما كان من يقف ورائها.
و على المواطن المغربي أن يستفيق من حالة اللامبالاة التي قد تُغريه في بعض الأحيان بالموافقة على المساعدات السياسية المقدمة له في مثل هذه المناسبات. لا يجب أن يكون المواطن رخيصًا في ظل محاولات استغلاله لصالح أجندات انتخابية، فكرامته ووطنيته أغلى من أن تُستبدل بعلب غذائية تُوزع تحت شعار “الإحسان” الزائف. يجب على المواطنين أن يتنبهوا لهذه الممارسات غير النزيهة وأن يرفضوا الانخراط في هذه الاستراتيجية السياسية، التي لا تهدف سوى إلى استغلال حاجاتهم الإنسانية لتحقيق مصالح حزبية. على المواطن أن يقف ضد هذه المحاولات، وأن يكون واعيًا بحقه في انتخابات نزيهة وحرة، بعيدًا عن أي استغلال سياسي يتاجر بقوتهم واحتياجاتهم.