حين تنقلب الدعاية على صانعيها: الجزائريون يسخرون من إعلامهم الرسمي والمغرب يفرض واقع الإنجاز

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في مشهد لافت على منصات التواصل الاجتماعي، تحولت مقاطع قديمة بثها التلفزيون الرسمي الجزائري حول ملاعب المغرب إلى مادة للسخرية من طرف جزائريين أنفسهم. التعليقات الساخرة لم تكن مجرد تفاعل عابر، بل عكست أزمة ثقة متراكمة بين الجمهور والخطاب الإعلامي الرسمي، حين يصطدم السرد الدعائي بواقع يراه الناس بأعينهم.
هذه الموجة من السخرية تكشف تحولاً نوعياً في وعي المتلقي الجزائري، الذي لم يعد يكتفي بالاستهلاك السلبي للمحتوى، بل صار يمارس دور “المعارضة الشعبية” عبر التفكيك والنقد والمقارنة. المقارنة هنا كانت واضحة: صور ومنشآت رياضية مغربية حديثة، تنظيم محكم، ورؤية طويلة المدى، في مقابل خطاب إعلامي يحاول التقليل أو التشكيك، دون أن يصمد أمام الوقائع.
في الجهة الأخرى، يبرز المغرب كحالة نجاح تُقاس بالإنجاز لا بالشعارات. فازدهار البنية التحتية الرياضية، والاستعداد لاحتضان تظاهرات قارية ودولية، وتكامل الرؤية بين الاستثمار والتنظيم والديبلوماسية الناعمة، كلها عناصر جعلت الواقع المغربي مادة يصعب إنكارها. هذا الازدهار لا يحتاج إلى ترويج مبالغ فيه؛ يكفي أن يُعرض كما هو ليقنع.
المفارقة أن النقد الأشد لم يأتِ من الخارج، بل من الداخل الجزائري نفسه. حين يسخر الجمهور من إعلامه، فهو يعلن عملياً فقدان الثقة، ويطالب بخطاب مهني يحترم العقل ويواكب التحولات بدل إنكارها. الإعلام، في نهاية المطاف، يُقاس بقدرته على الصدق والتفسير، لا بالتعبئة المؤقتة.
الدرس الأوسع هنا أن الحقائق، عندما تتراكم، تُسقط الأقنعة بهدوء. فالإعلام الذي يبتعد عن الواقع يضع نفسه في مواجهة جمهوره، بينما التجارب التي تبني على العمل والإنجاز—كما هو الحال في المغرب—تترك للوقائع مهمة الدفاع عنها. وبين السخرية والإنجاز، تتضح معادلة بسيطة: الثقة تُبنى بالفعل، وتُهدم حين يغيب الصدق.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.