بنلمان… أسيرة نموذج إعلامي متعفن

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لم تعد صوفيا بنلمان فاعلًا في النقاش العام، ولا حتى مثيرة للجدل بالمعنى الإيجابي، بل تحوّلت إلى مثال كلاسيكي لشخص يعيش رهينة نموذج إعلامي جزائري متعفن، لا يقتات إلا على الاستفزاز، ولا يستمر إلا بتصنيع الخصومات وافتعال الصدامات.
بنلمان لا تصنع محتوى، بل تكرّر نمطا. لا تطرح أفكارا، بل تعيد تدوير ضجيج. كل ظهور جديد لها يؤكد أنها لا تتحرك بدافع موقف أو قناعة، بل وفق منطق ميكانيكي بارد: ارفع منسوب العداء، افتعل أزمة، ثم احتمِ بخطاب “الضحية” حين تتكسر الموجة. إنها صناعة كاملة، لكنها صناعة رديئة.
هذا النموذج الإعلامي الذي ارتهنت له يقوم على معادلة مفضوحة: كلما غاب العمق، عُوّض بالصراخ؛ وكلما انعدم المعنى، استُدعي التاريخ خارج سياقه؛ وكلما ضاق الأفق، توسّعت الكراهية. والنتيجة واحدة: محتوى بلا قيمة، وتأثير وهمي، وضجيج ينهار عند أول اختبار جدي.
الأكثر دلالة أن بنلمان لا تتحمل النقد، ولا تقبل المساءلة، ولا تعرف الفرق بين حرية التعبير والمسؤولية. فهي تطالب بالحق في قول أي شيء، لكنها ترفض تحمّل تبعات ما تقول. وهذا بالضبط جوهر النموذج المتعفن الذي تعيش عليه: حرية بلا وعي، وصوت بلا أخلاق، ومنصة بلا بوصلة.
ولأن هذا النموذج لا يعرف التطور، فإنه يستهلك أصحابه بسرعة. فكل جولة استفزاز جديدة تفقد بريقها أسرع من سابقتها، وكل “قضية” مصطنعة تقلّ قدرتها على الإقناع. وما كان يُقدَّم كجرأة، صار يُقرأ كفقر؛ وما كان يُسوّق كتمرّد، انكشف كعجز.
في المحصلة، ليست بنلمان ظاهرة إعلامية، ولا رقما صعبا، ولا حتى حالة تستحق التضخيم. إنها مجرد انعكاس بائس لإعلام رقمي مأزوم، يعيش على الكراهية، ويقتات على التوتر، ويموت فور مطالبته بشيء واحد بسيط: المعنى. وحين يسقط النموذج، يسقط من عاش أسيرًا له، مهما طال الصراخ.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.