تلوح في أفق المستقبل المنظور بوادر أزمة بين المكتب الوطني للسلامة الصحية للمواد الغذائية ONSSA، الذي سبق قبل سنة أن حظر بقرار تسويق اللحوم الحمراء المنتجة بالمجزرة البلدية بمراكش، وحرفيي القطاع الذين قاوموا قرار الحظر بوقفات احتجاجية أدت في سياق تصاعد الموقف إلى عقد اجتماع بين الطرفين عبر وساطة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة، ولم تتمخض عنه نتائج واضحة بخصوص استرجاع المجزرة للترخيص الذي يخول لها إنتاج اللحوم الحمراء، وسحب منها بموجب قرار المكتب الوطني للسلامة الصحية الغذائية.
بوادر الأزمة التي من المحتمل جدا أن تعيد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمواد الغذائية، إلى تفعيل قرار سحب ترخيص إنتاج المجزرة للحوم الحمراء، تتبدى من خلال إعراب عدم الرضى على الوضعية التي توجد عليها المجزرة، ولم تبرح عناصر تشكيل الموقف المتخذ خلال السنة المنقضية مكانها، إذ لم تشهد البنية الصحية للمجزرة أي تغيير أو يطرأ عليها استحسان من شأنه تشجيع المكتب عن مراجعة القرار الذي حسب متتبعين للشأن المحلي، خضع إلى التجميد وليس إلى الإلغاء إلى حين توفر الشروط الصحية لإنتاج المجزرة للحوم الحمراء، ما يؤشر على أن الزيارة التي قام بها المكتب الخميس 2 فبراير 2017 في إطار لجنة مشكلة من رئيس القسم الإقتصادي بولاية جهة مراكش- آسفي، والمكلفة بالمكتب الصحي، نائبة عمدة المجلس الجماعي لمراكش خديجة فضي، والمكلف بالأسواق والمجازر بذات المجلس، وممثل عن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمواد الغذائية ONSSA.
زيارة اللجنة للمجزرة البلدية بمراكش، والتي تأتي بعد اكتشاف ذبيحة متعفنة، كان من المفترض أن تخضع إلى الحرق بقرار بيطري، أبانت التراجع الخطير في بنية إنتاج اللحوم الحمراء، وبلغت أدنى مستويات الإستجابة للشروط الصحية، وعرفت ترديا وصف بغير المقبول لإنتاج مادة استهلاكية، بفعل عدم الرعاية أو محاولة الحفاظ، أو إخضاع بنية المجزرة للهيكلة أو بما يمكن من حماية المستهلك من التداعيات الصحية التي قد تترتب عن استهلاك منتج المجزرة المشمول بالفساد في ظل الظروف الذي تتم فيها عملية الإنتاج، بالنظر إلى افتقاد مرافق المجزرة للسلامة الصحية، حيث في هذا السياق، تم وقوف اللجنة عن انعدام شروط النظافة بهذه المرافق التي تشارك بدورها في عملية فساد المنتوج، سيما، قبو المجزرة الغارق في التعفن بأسباب ركود المياه التي يستعين بها الجزارون في عملية تصفية الذبيحة، والمتسربة إلى القبو والمنتجة لأنواع من الجراثيم التي لا ترى إلا مجهريا، وأنواع الحشرات والمتولدان عن عاملي ركود المياه والرطوبة بالقبو، بالإضافة إلى السلوكات التي تصدر عن الحرفيين والتي تضاف إلى عناصر فساد منتوج اللحوم الحمراء بالمجزرة، كما تفيد مصادر من داخل المجزرة.
ويحمل متتبعون الوضعية المتراجعة للمجزرة البلدية، إلى المجلس الجماعي الذي لم يستثمر عائدات المجزرة في تجديد مرافقها، خصوصا بعد الأزمة الأخيرة التي نشأت عن قرار المكتب الوطني للسلامة الصحية بسحب ترخيص إنتاج اللحوم الحمراء بالمجزرة، وبين الحرفيين، حيث يلاحظ باعتماد تدخلات المهتمين بالشأن المحلي، انعدام المتابعة في عملية الإنتاج، والرقابة على سلامة مرفق المجزرة، وهي الآليات التي يتطلب تحريكها للحفاظ على سلامة المنتوج، وحماية المستهلك، عينا مسئولة، مدركة لجسامة المهمة من قبل المفوض له قطاع الأسواق والمجازر بالمجلس الجماعي، إذ أن المهمة لا تقتصر فقط على استحصال العائد المادي، إنما تتعداه إلى إنجاز التقارير التي تقف عند الخصاص بالمجزرة قبل تقرير الإستجابة السليمة لشروط إنتاج المجزرة من اللحوم الحمراء، إذ أن غياب مثل هذا العمل، شكل دوما عناصر تراجع المجزرة في تدبير المجالس التي تعاقبت على المدينة مراكش، ودون استثناء، حيث لم يسبق وأثيرت مسألة افتقار أو تراجع بنية المجزرة في جدول أعمال مجلس من المجالس التي عهد إليها الناخب بتدبير الشأن المحلي للمدينة، إلا بعد قرار المكتب الوطني للسلامة الصحية للمواد الغذائية بسحب ترخيص الإنتاج.
فهل سيترتب عن زيارة اللجنة المختلطة للمجزرة دخول القطاع في أزمة إنتاج؟