محمد غربي
تعيش لوكسومبورغ على إيقاع فضيحة مدوية , حيث تواجه حكومتها اتهامات بتحويل هذا البلد الأوربي الصغير إلى جنة ضريبية من خلال توفير ملاذ ضريبي آمن لعدد كبير من الشركات المتعددة الجنسية بلغ عددها 340 شركة عبر اتفاقات سرية.
فقد كشف تحقيق صحفي دولي قام به كل من اتحاد المحققين الصحفيين الأمريكيين بتعاون مع أربعين وسيلة إعلامية دولية، و تم نشر نتائجه اليوم أن لوكسومبورغ قامت بإبرام اتفاقات سرية مع مجموعة كبيرة من الشركات المتعددة الجنسية منها آبل ، و هورايزون ، و أكسا و بيبسي و إيكيا و البنك الألماني و غيرهم ، تمنحهم تسهيلات ضريبية و إعفاءات و توفر لهم ملاذات آمنة مقابل الإستقرار و العمل انطلاقا من أراضيها للاستفادة من إعفاءات ضريبية كبيرة تصل إلى مائة بالمائة أحيانا, و هو ما يضيع على البلدان الأصلية لهذه المؤسسات ملايير الدولارات سنويا.
من جانبها تمارس الدول الأوروبية ضغوطات كبيرة على حكومة اللوكسمبورغ لتعديل قوانينها الضريبية بما يجعلها متكافئة مع نظيراتها المعمول بها في باقي دول الإتحاد الأوربي و لو في الحدود الدنيا، و ينتظر أن ترضخ حكومة اللوكسمبورغ لهذه الضغوط حيث تتجه فعلا لتغيير قوانينها و إعفاءاتها الضريبية مطلع سنة 2015.
من جانبها و في أول رد فعل رسمي لحكومة اللوكسمبورغ على صدور هذا التقرير ، قال الوزير الأول اكزافيه بيتيل أن هذه الممارسة قانونية ولا تشمل سوى لوكسمبورغ وهي تتيح لمؤسسة ما أن تطلب مسبقا معرفة كيف ستتعامل الإدارة المالية لبلد معين مع وضعها، والحصول بالتالي على بعض الضمانات القانونية.
من جهتها أكدت المفوضية الأوروبية على لسان الناطق باسمها أنها تجري تحقيقات بشأن الممارسات الضريبية للكسومبورغ منذ يونيو ، و في حال كانت النتائج سلبية فقد تلجأ لإجراءات عقابية ضد هذا البلد إذا لم يتحمل مسؤوليته و يصلح الوضع.
جدير بالذكر أن الرئيس الجديد للمفوضية الأوربية جان كلود جانكر يواجه وضعا صعبا و حرجا للغاية باعتباره كان رئيسا لحكومة اللوكسومبرغ في الفترة الممتدة ما بين 1995 و 2013 و هي الفترة التي تم فيها توقيع تلك الإتفاقيات المالية السرية.
و في تعليقه على التقرير / الفضيحة قال اكزافيه في تصريح لوسائل الإعلام ” “للمفوضية الأوربية كامل الحق في أن تباشر تحقيقات من هذا النوع، وهو تحقيق لا يهم اللوكسمبورغ فقط لكن هناك دول أخرى سيشملها التحقيق. فلجنة التحقيق تقوم بعملها، و أنا أمتنع عن التدخل، لأنها قضية تهم المفوض المسؤول عن التنافسية، والتي ينبغي أن يكون لها حرية أكبر للعمل من أجل إنجاز ما طلب منها. أنا لا أتدخل في الأمر لأني أجد أنه غير لائق. لدي فكرة عن الموضوع، لكنني سأحتفظ بها لنفسي”.
و يذكر أن هناك دول أوروبية أخرى متهمة بتقديم تسهيلات للتهرب الضريبي للشركات الكبرى و هي هولندا و آيرلندا من ضمن مجموع خمسين دولة موزعة عبر العالم أضحت جنة ضريبية للشركات المتعددة الجنسية بفضل التسهيلات المالية التي تقدمها و التي تمكن من تحويل الأموال و تسهيل التهرب الضريبي بشكل سري و قانوني .