قال لـ “الملاحظ جورنال: “وجب تعليم المتعلم داخل مجموعات عمل لاكتساب مهارات التواصل،وإفساح المجال أمامه للتعبير عن الذات”
حاوره :عصام حجلي
لكل واحد منا ذكريات خاصة مع بدايات كل موسم دراسي، تختلط فيها المشاعر بين ما هو إيجابي وسلبي، بين الحنين والنوستالجيا لاسترجاع لحظات جميلة مرت لموسم دراسي مضى، بقيت تفاصيله موشومة في الذاكرة، ولمعاودة لقاء الأصدقاء القدامى والتعرف على آخرين جدد والرغبة والحماس العارمين في العودة إلى مقاعد الدراسة للتطلع لسنة حافلة بالتحصيل الدراسي والعطاء، وبالتطلعات والآمال والطموحات لتحقيق الأهداف المرجوة، وبلوغ الغايات العلمية المنشودة، وبين الشعور السلبي الذي يطبعه الخوف والرهبة في نفسية المتعلم من العودة مجددا إلى المدرسة، حسب نظرته الخاصة للمدرسة، حيث لا ينظر إليها هنا كفضاء للتعلم واكتساب المعرفة، بقدر ما يراها عكس ذلك، تجلب له الشعور بالعذاب النفسي والضغوطات، والتي قد يسوقها المجتمع القريب منه، وهو يكبر ويضخم من حجم ومسألة الدخول المدرسي، ما قد يولد في بعض الأحيان الشعور بالاكتئاب والعزلة، ومضاعفة الشعور بالخوف والقلق.
في هذا الحوار الخاص “الملاحظ جورنال “تسلط الضوء على مسألة نظرة المتعلم لقضية العودة إلى أحضان المدرسة والمشاعر السلبية، التي قد تلازم ذلك، وإمكانية حدوث اكتئاب في نفسية المتعلم وانعكاسات وتأثيرات ذلك على مسار تعلمه، وكيف يمكن تخليصه من ذلك ومساعدته على التأقلم الايجابي مع بدايات العودة إلى دفئ فضاء المدرسة ودور أطراف وشركاء المدرسة من أساتذة ومجتمع وأسرة وإعلام وغير ذلك…ودور الأنشطة المدرسية الموازية في ذلك، من اجل التفاعل مع هذه المحاور وغيرها، التقينا الكوتش والمدرب في التنمية الذاتية أيوب ايت المعلم فكان لنا معه الحوار التالي:
- بعد انقضاء العطلة وعودة عجلة المدرسة للدوران من جديد، ما المشاعر التي تجول في خاطر الطفل/المتعلم؟
المشاعر غالبا ما تتركز حول كيفية العودة والاندماج في الجو التعليمي، وهذا الإحساس غالبا ما يولد وينبع من الدائرة المحيطة بالأسرة، حيث كل ما يدور حول الدخول المدرسي من مصاريف الدراسة وتكاليف اللوازم المدرسية وتلك الهالة الكبيرة والمبالغ فيها أحيانا، التي يصورها المجتمع للطفل حول الدخول المدرسي ،ما يولد لدى الطفل شعورا سلبيا وضغطا رهيبا يكبر من حجم الدخول المدرسي، الشيء الذي يترك آثار وشحنات نفسية سلبية في سيكولوجية الطفل.
- كيف يرى الطفل مسألة الدخول المدرسي والعودة إلى أحضان المدرسة؟
يختلف النظر إلى المسألة، باختلاف شخصية الطفل وتنشئته الاجتماعية، وهل يعي الغاية الأساسية من الذهاب إلى المدرسة أم فقط يحمل محفظة مثقلة بالكتب فوق ظهره ويرسل إليها، فهذا يقدم للطفل تصورا إما إيجابيا حول المدرسة أو سلبيا.
- لماذا المدرسة في لاوعي ونفس المتعلم لها هذه الحمولة المرتبطة بالقلق والخوف؟
لسببين، الأول مرتبط بالصورة القاتمة التي تسوق من المحيط ، والثاني لغياب ذلك الاحتضان والدور الذي من المفترض أن تلعبه الأنشطة المدرسية في تحبيب وترغيب المدرسة في سيكولوجية الطفل، لمنحه مساحة للإبداع وتفريغ الطاقات السلبية، ما من شأنه محو تلك الصورة القاتمة،التي ينقلها له محيطه الإجتماعي، فالطفل في الأخير مسألة برمجة.
- ما التصور الأمثل الذي ينبغي رسمه في خيال ونفسية الطفل حول المدرسة؟
المدرسة فضاء للتعلم وتطوير الشخصية، واكتساب مهارات أساسية، فهي بمثابة مجتمع مصغر، يساعده على اكتساب مهارات التواصل، وأيضا المعرفة واهم شيء الرؤية الجيدة المبنية على أسس مستقبلية جيدة تساعد المتعلم على شق مساره العلمي والمهني فيما بعد.
- لنتحدث عن شركاء المدرسة الفاعلين في المجال، ولنبدأ بالوالدين ومؤسسة الأسرة؟
الوالدين في الحقيقة شريك أساسي مع المدرسة، فالمؤسستين تلعبان دورا أساسيا في تهيئة وإعداد الطفل للذهاب إلى المدرسة، وتحفيزه على المثابرة والاجتهاد، وأيضا التأثير في اختياراته وتوجيهه، واهم شيء أن كل ما حصده خلال السبع سنوات الأولى من البرمجة داخل الأسرة يحول إلى سلوكات داخل المؤسسة.
- وماذا بخصوص مؤسسة الإعلام؟
تعتبر مؤسسة الإعلام ذات تأثير كبير في شخصية الطفل/ المتعلم، لذا وجب أن يتمحور دورها بالخصوص في توجيه الطفل، وتوعيته وذلك بإنتاج البرامج الهادفة التي تلبي احتياجاته التربوية والتثقيفية، وفي نفس الوقت توجهه نحو السلوك المثالي داخل المؤسسة.
- ماذا عن المدرسة، إدارة ومسؤولين وأساتذة؟
تعتبر المدرسة بكل متدخليها أهم حلقة في هذه العملية بعد الأسرة، فهي تلعب دور تعديل السلوك وإعادة التوجيه والتكوين؛ من هذا المنطلق على الجميع أن يتحمل مسؤولياته المنوطة إليه، وأن يقوم بدوره بأكمل وجه، وأن يحاول توجيه المتمدرس بطريقة تجعله قادرا على العطاء والإبداع، وذلك عن طريق القيام بأنشطة موازية تواكب ميولات المتمدرس لتطوير أدائه وتأطيره.
- ما العلاقة التي تجمع بين هذه المؤسسات؟ وكيف تساهم في إنجاح عملية الدخول المدرسي لدى الطفل بعيدا عن المشاعر السلبية التي تلازمه خلال هذه الفترة؟
كما سبق لي وذكرت هذه المؤسسات كلها تدخل في علاقة ترابط فيما بينها من اجل تسهيل عملية الدخول المدرسي وإنجاحه لدى المتعلم، ومن هذا المنطلق نؤكد على عملية التواص والاتصال بين هذه المؤسسات لتحقيق دخول مدرسي نموذجي، بعيد عن المشاعر السلبية التي تلازم الطفل أثناء الدخول المدرسي.
- إذا لم يتم تهيئة وإعداد الطفل إعدادا نفسيا هل من الممكن أن يقع المتعلم في فخ الاكتئاب ويحصل عنده الشعور السلبي؟
أكيد، والشعور أيضا بعدم الرضا، وفقدان الرغبة في التمدرس، مما سيولد سلوكيات عنيفة تؤثر عليه سلبا وعلى محيطه.
- ما مفهوم الاكتئاب؟
الاكتئاب ببساطة حالة نفسية ناتجة عن عدم تقدير الذات وعدم القدرة على التعبير عنها والتواصل، ما يجعلنا نعيش في قوقعة منعزلين في حوارات داخلية مع الذات فقط.
- الطفل كغيره من أفراد المجتمع والفئات العمرية ينتابه الشعور بالاكتئاب فما هي أسبابه؟
كما سبق لي وقلت إما لعدم إيجاده مساحة للتعبير وتفريغ الطاقة، أو لشعوره بعدم القدرة على التواصل والاتصال بالغير، أو لعدم احترام ميولاته واختياراته وخصوصا في عملية التوجيه…
- ما مظاهر ذلك على شخصية الطفل/ المتعلم؟
يمكن إجمال ذلك في المظاهر التالية:
الانعزال عن الأخر
تراجع النتائج الدراسية
العنف
اللامبالاة والسهو بشكل مستمر
- ما تأثيرات الاكتئاب على حياة الطفل؟
ستفقده القدرة على التعبير والتواصل مع الأخر، وسيجعله أيضا يقوم بردات فعل عنيفة بإيذاء نفسه ومحيطه وغيرها من التأثيرات.
- كيف يمكن تجنيب الطفل الاكتئاب ووقايته منه؟
ينبغي الاستماع للطفل، وجعله يحس بالمسؤولية، وأهميته داخل الأسرة في اتخاذ القرارات التي تتعلق بمساره الدراسي، وتحسيسه بالثقة ومشاركته تفاصيل أحداثه اليومية داخل المدرسة والمراقبة المستمرة ليحس بالأهمية التي تولى له.
- ما دور الأنشطة المدرسية الموازية: الرياضية الثقافية التربوية…في الإدماج الايجابي للطفل في نسيج وعالم المدرسة؟
هي الحلقة الأساسية بين المتعلم واكتساب المهارات وتفريغ المكبوتات والطاقات السلبية التي يحملها الطفل/ المتعلم في دواخله.
- إذن هنا يأتي دور المدرسة (خلية/ مراكز الإنصات والتوجيه) فما الأدوار التي تضطلع بها في هذا الإطار لوقاية المتعلم من شر الاكتئاب ومساعدته على التكيف مع أصدقائه والمدرسة؟
المدرسة لها دور كبير في تتبع كل الحالات والاستماع لها وتوجيهها، وأيضا مواكبتها من اجل الخروج السريع من أي حالة نفسية يمر بها المتعلم ودمجه داخل محيطه المدرسي، وهذه أدوار وجب على خلية الإنصات القيام بها، وإذا كانت غير موجودة بمؤسسة تربوية، ينبغي خلقها لتطلع بهذه الأدوار التوجيهية والتحسيسية.
- لإخراج المتعلم من هذا الجو وإبعاده عن المشاعر السلبية كيف يمكن تحفيزه وتشجيعه؟
يتم ذلك عن طريق تحسيسه بالمسؤولية ومنحه حس الثقة في ذاته ليكون أكثر حماسة للتعاون.
- كلمة أخيرة
من هذا المنبر ينبغي القول أنه لتحفيز المتعلم وتشجيعه على العطاء وبذل مجهودات وجب علينا أن نجعله يختار مساره الدراسي فيما يحب هو كذات متعلمة في طور التعلم وتعليم التلاميذ العمل داخل مجموعات عمل لاكتساب مهارات التواصل وإفساح المجال أمامهم للتعبير عن الذات.
- في سطور/ بروفايل:
أيوب ايت المعلم
من مواليد 31 يناير 1994 بحي سباتة بالدارالبيضاء.
تابع دراسته الثانوية بثانوية ابن الياسمين بنفس المدينة.
متخصص في الكوتشينغ، نال عدة شواهد ودبلومات في التنمية والبرمجة العصبية اللغوية.