تحمل المداخلات التي تبث تحت ادعاء الرصد للسلطات أثناء تفعيلها لحالة {الحجر الصحي}، وترد على بعض من مواقع {السوشيال ميديا}، على إجراء وقفة لتقييم محتوى التدخل الأمني في مكافحة “جائحة كورونا”، وذلك في مقابل المادة المصورة أو المكتوبة التي تحملها بعض هذه المواقع، وتظهر من خلالها حالة ما تقول عنه “شططا في استعمال السلطة” أو “تعنيفا غير مبرر” للحالات التي تزيغ عن الإمتثال لوضع “الحجر الصحي” الذي أقرته الدولة لمغالبة “الجائحة”، معتمدا محتوى نفس المادة المتحاملة على دور السلطات الأمنية في تحقيق النجاعة الصحية، ووقف انتشار “الوباء” وحماية الأمن الصحي الوطني من التهاوي أمام سرعة الإنتقال للفايروس، أحد أكثر الأساليب الدعائية التي يتضمنها الثالوث المدمر للمجتمعات والمركب من (الشك والتبخيس والتحقير)، لأجل ترخيص وتحقير الدور المحوري للعمل الأمني في هذه المرحلة الموسومة بتهديدات أن تطال الإصابة نسبة أعلى وأكبر مما هي مقيدة بدول لم تبادر إلى تقييم الوضعية الوبائية بعد ظهورها بالصين، ومدى إمكانات توسع الرقعة التي يحتضنها واحتمالات وصول الفايروس في مقابل إمكانات النظام الصحي والتجهيزات الطبية المعدة لمناضلته، (اعتمدت تلك المادة) أسلوبين من بين الثلاثة أساليب المكونة للثلاثية المدمرة (التحقير والتبخيس)، وهما إلى جانب (الشك) معول “التخريب” للجهود، باستغلال حالات تدخل تمثل “استثناءا” ولا تعبر عن “عموم”، وبالتالي، فإن استخدام هذه الثلاثية المدمرة تعمل (موجهة)، والموجه دائما يتبطنه “دافع” والدافع يثوي “محرضا”.
“جائحة كورونا” أثبتت خلال مرحلة انتقالها واحتضانها وبلوغها الذروة، بأن الأجهزة الأمنية بالمغرب قد جسدت مقولة {العين الساهرة} على تدبير وتطبيق إجراءات الأمن الصحي الوطني في زمن {حالة الطوارئ الصحية} التي تعني الملازمة للشروط الوقائية من تعدد حالات الإصابة، ومن إجراءات تلك الشروط الناجعة لحصر امتداد الفايروس {الحجر الصحي} الذي يشير إلى تقييد {حركة التنقل} وتوثيق وحبس واحتجاز {الإنتقال} استثناءا في المرحلة الزمنية الموبوءة، والتقيد بضوابطها الإجرائية والقانونية، والتي في حال “تجاوزها والأبوق أو الهروب أو التولي” عنها و”التملص والتخلص” من الإمساك بها، يعتبر بالنص ارتكابا لفعل يزجره ويعاقب عليه قانون حالة الطوارئ الصحية، وهو القانون الذي يأتي ليس بإرادة البغي على {الحرية} أو العسف والهيمنة على {السلوك} الذي اعتاد المخالف لحالة الطوارئ الصحية على رواجه باعتباره معبرا عن وجودية إنسية، غير أن مرافقة هذا القانون لحالة الطوارئ الصحية يحل بمرمى “الزجر قهريا تحت وطأة الجائحة” لمنفعة المصلحة العامة، ولفائدة الحرص على الأمن الصحي الوطني في ظل الجائحة، وعائد موفور بإبعاد الجائحة عن السلامة الصحية للمواطن.
وبما أن المناسبة شرط كما يقول الأصوليون، فإن من تأويلات ما تظهره تلك المحتويات التي هي أبعد من “تنديد” وأقرب بفعل الموجهات القبيحة الدافع إلى اختمار الردود المرابطة بالشارع العام من قبل السلطات الأمنية كونها (مسألة حقوقية)، وهو تأويل مجانب للصواب، ذلك أن المسألة الحقوقية كي تفي بأغراضها هي مكونة من {الواجب والحق}، فالواجب هو مصطلح يحمل معنى الإلتزام الأخلاقي أو التعهد والإلتزام لشخص ما بشيء ما، وبمقتضى التعريف، هل أظهر “المخالف” ما يوجب وجوب الحق؟ هو مخترق لنظام قانوني، واختراقه يوجب الردع بشدة التحكم في الحالة المخترقة للنظام القانوني بتطبيق نص القانون أو {بالتقريع} و{التوبيخ} الجافين واللذين قد يتلفظ خلال تفوهه بما قد يعد “شططا”، فما الأسلم أن يقتاد المخالف إلى المخفر ويحرر في شأنه محضر “خرق” لأجل ‘إرغامه على {الحجر}، أو يلتحق بالحجر الذي لا يمس حريته، فهو ظالم لنفسه.
بناءا على ذلك، فإن ما يسيطر على إنجاز التطبيق الشامل للترتيبات التي ترتكز عليها الإجراءات الإحترازية المعلنة لمواجهة تفشي فايروس”كوفيد 19 المستجد/كورونا”، المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة “سارس كوف 2″، على استقرار تصريف الشأن الأمني، حيث يتم الحرص في إطار حماية الأمن الصحي، على صياغة الإحتراس الذي شددت على تفعيله الإجراءات الوطنية في مكافحة جائحة “كورونا” التي سجلت اتساعا في عدد المصابين بجهة مراكش-آسفي، وصنفتها ثانية في سلم ترتيب الجهات الأكثر إصابة بنسبة مائوية تجاوزت 26% وانخفضت بحسب الإحصاء الرسمي في 9 مايو 2020 إلى 21%، من بين حالات الإصابة المسجلة وطنيا، وتوجد على قائمته جهة الدار البيضاء-سطات بنسبة تجاوز 27%، تبعا لإحصائيات نفس المصدر الرسمي، وزارة الصحة الذي قال مؤكدا في غير ما من تصريح حول تطور الحالة الوبائية الناجمة عن فايروس كوفيد 19، أن حصيلة الإصابات بالجهتين تمثل مجتمعتين من بين مجموع الحالات المؤكدة مخبريا بالمغرب ما يفوق 50%.
إن تنزيل إجراءات الحجر الصحي ضمن مرحلة التمديد لشهر إضافي مابين 20 أبريل و20 مايو هذه السنة 2020، و أعلنت عنه الدولة بعد انصرام فترة الحجر الصحي الأولى التي أقرتها، وامتدت من 20 مارس إلى 20 أبريل نفس السنة الجارية 2020، تُحَضَّرُ من لدن السلطات الأمنية وفقا للتوجهات التي تم اعتمادها في سياق المرحلة الأولى من الحجر الصحي، واقتضت إلزامية البقاء في البيوت تفاديا لانتشار أوسع في الإصابات وتجنب الأسوإ، وبسبب من هذا التدخل الأمني في مكافحة الجائحة، حيث أن الوضع يوصف بالدائم المكنة والمتماسك في إجراء اختيار التمديد للحجر الصحي، والمؤكد الحصول في ديمومة الحركية الإجتماعية لنفس الأجهزة الأمنية، والمتلازم مع إجراءات التقييد لحركة التنقل وضبطها وإخضاعها للشروط الوقائية التي بينها الإلتزام بالحجر الصحي الذي في سياقه يأتي استمرار السلطات الأمنية على تثبيت القيم الوقائية المعتمدة، تأكيدا للمكتسبات الحميدة التي سجلها الحجر الصحي في مرحلة ما قبل التمديد، وجنبت المغرب الأسوء، وبالتالي التحكم في مسار الفايروس الذي لا تزال أخطاره قائمة، ويتطلب تحييدها تدخلا قويا باعتبار أن الحقوق الجماعية أوسع وأوجب من الحقوق الفردية.
يقول الله تعالى في سورة الأعراف الآية 85 { وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.