من حسنات النظام العسكري الجزائري أنه يروِّح عنا بين الفينة والأخرى ويبعث فينا الرغبة في الضحك بين ثنايا زمن يضن علينا به كثيرا، فمن يتحفنا غير هذا النظام وأبواقه بمثل نكات لا نظير لها في مختلف أركان الأرض؟
آخر نكات “القوة الضاربة” ما يجري الترويج له كون مقاتلات “سوخوي” ترافق قافلة من الشاحنات الجزائرية المتوجهة صوب دولتي موريتانيا والسينغال لحراستها!!!
وفيما أصبحت هذه النكتة المضحكة المنشور الأكثر تداولا في مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، فإن في ذلك ما يبكينا وقد ٍاينا كيف انطلت مثل هذه الدعايات البائدة على المغرر بهم من الجزائريين، ليتناقلوه عبر حساباتهم دون خجل أو وجل من أدنى حرج.
ولا تحتاج النكتة الكذبة التي أتحفتنا بها أبواق الراغبة في تجميل صورة “القوة الضاربة” لكثير من الفطنة والذكاء لتتلاشى حتى أن كثيرا من الغباء لا يمنع دون يعي المرء استحالة ما تسوق له أبواق الشنقريحة وتبون.
فكيف لمقاتلة تخترق الصوت أن ترافق وتحرس شاحنات تدب دبيبا على الأرض، وحتى وإن سلم الجميع بإمكانية هذا أمر وهو مستحيييل.. فكيف لقافلة تجارية “بئيسة” أن تغطي مصاريف طلعات جوية تكلف كل واحدة منها ما يتجاوز 50 ألف دولار؟.
ولعل الخوض في ما قد يدمغ عقول المغرر بهم من الجزائريين الذين يتداولون المنشور، ما يعيب ويجلب على الخائضين فيه اللوم. ويأتي تداول المنشور بشكل واسع ليعطي “ألقا” و”وهجا” لـ”قوة ضارطة” ليس بالضاربة كما يرام أن يعتقد به الذين لا يعرفون كثيرا النظام العسكري والـ”كابرانات” المرضى الذين يؤثثون فضاءه.
وأغفل متداولو المنشور أن المغرب استطاع أن يحول دون الشاحنات الجزائرية وانتهاك الأراضي المغربية بمنطقة البير لحلو، وجعلت سائقيها يشقون طريقا طويلة نحو موريتانيا بعدما كان يستسهلون اختراق التراب المغربي وهم لا يدرون أن بواسل حراس المملكة من يسمحون لهم بذلك ويتغاضون عنه.
لكن اليوم ليس مثل الأمس وأمور كثيرة تغيرت وأصبحت الشاحنات الجزائرية تتحمل عبء العبور نحو موريتانيا عبر الطريق التي هلل النظام الجزائري قبل ثلاث سنوات، وهو أمر يجني على سائقيها الذين طالت عليهم الطريق بنحو 600 كيلومترا ما جعلهم يخوضون إضرابا في منطقة “تندوف” بعدما لم يعي أرباب الشاحنات أن حصة الدييزل التي كانت تكفيهم لرحلاتهم لم تعد كذلك.
وبين أزمة الشاحنات المضربة في جنوب الجزائر تفتقت عن أبواق الـ”كابرانات” كذبة مرافقة مقاتلات حربية للقوافل الجزائرية، لعل في ذلك ما يشفي غليل “القوة الضارطة” ويبلسم الجراح التي نكأتها المملكة وهي تذود عن حدودها وتحرق كل مارق يريد انتهاك قدسية وحدتها الترابية.
ثم بعد كل هذا فإن في المنشور الرائج ما يفجر سخرية لاذعة وقد تقطرت تعليقات تفيد بأن القوافل الجزائرية التي اعترضتها فيضانات جارفة ستحظى مستقبلا بمرافقة غواصات “القوة الضارطة”… فهنيئا لنا بجيرة مضحكة تروِّح عنا دوما.