قال فريق علمي تابع لجمعية “جيوبارك مكون”، إن دخان المنبعث من باطن الأرض في مراعي “تنكارف” التابعة لجماعة تاكلفت بإقليم أزيلال لا يشكل أي خطر على البيئة والإنسان ولا علاقة لهذا الاحتراق بأي نشاط بركاني.
وأشار الفريق العلمي إلى أن الأمر يتعلق بقاعدة جيولوجية صلبة، مكونة من صخور تعود إلى الزمن الجيولوجي الثاني “الترياس والجوراسي بمستوياته المختلفة”.
وقبل أسابيع، أثار انبعاث دخان من باطن الأرض في مراعي “تنكارف” التابعة لجماعة تاكلفت بإقليم أزيلال دهشة وتساؤلات سكان المنطقة.
ووفقًا لما وثقه أبناء المنطقة عبر الصور والفيديوهات، فإن دخانًا أبيض يتصاعد من تشققات أرضية منذ أزيد من شهر بشكل غامض وغير مألوف، دون وضوح مصدره.
وأوضح المتخصصون ضمن تقرير أصدره الفريق عقب إجرائه زيارة ودراسة علمية لموقع الاحتراق الطبيعي لمراعي تنكارف بإقليم أزيلال، أن المنطقة تتواجد داخل المجال الأطلسي المستقر بقاعدة صخرية جد صلبة تعود للزمن الجيولوجي الثاني ولا علاقة لها بالصخور والتشكلات الكارستية او البركانية.
وأضاف التقرير أنه تم حصر مجال تشكلات الخث في 1.5 هكتار. وبعد إنجاز الحفر لأخد القياسات تبين أن سمك الخث لا يتجاوز في أفضل الحالات 50 سنتمترا تشكلت فوق طبقة كلسية ترياسية غير نافدة لازالت تحتفظ برطوبتها وتشبعها بالمياه، وهو ما يفسر تشكل ضاية كبيرة غنية بالمواد العضوية مشكلة مجالا رطبا سمح بنمو النباتات بشكل كثيف.
وتابع المصدر: “تعرض الغطاء النباتي للضاية عبر مئات السنين لتحلل الجدور والأوراق والأغصان مشكلا طبقة الخث المعني بالاحتراق وتعلو هاته الطبقة قشرة من الطين الناتج عن حرف المياه من السفوح المجاورة لا يتجاوز سمكها بضع سنتمترات”.
وأشار التقرير ذاته إلى أنه نتيجة للتغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف الحالي 2024 لوحظ نضوب شبه كلي للمنابع المائية، وتعرض منخفض تنكارف للتجفيف أدى إلى انتفاخ الطبقة الاسفنجية للخث، وتعرضها للتشقق وبالتالي دخول الأكسيجين من بين الشقوق مما سهل احتراق المواد العضوية المركزة و الغنية بالكاربون والمصدرة لغاز الميتان على شاكلة التفاعلات التي تعرفها مطارح النفايات المنزلية.
ولفت الباحثون إلى أن موقع المنخفض ومكان الاحتراق بعيد عن المجالات الغابوية وعن الاستقرار السكاني باستثناء الرعاة الذين ألفوا الرعي بهذا الموقع الغني بالأعشاب والذي يشكل مجالا صيفيا مميزا المربي الماشية في إطار منظومة ألمو / أزغار أو الترحال بين مراعي الدير شتاء ومراعي الجبال صيفا.
وذكر الفريق أن عملية الاحتراق تتم بشكل بطيء، كما هو الحال بالنسبة لمنظومة الخث بكل مناطق العالم مصدرا دخانا أبيض خفيفا مع نسب قليلة من غاز الميتان، مؤكدا على أنه في حال تساقط الأمطار وعودة الجريان المائي السطحي إلى وضعه الطبيعي وعودة مستويات الإماهة أو التشبع المائي لطبقة الخث ستعود الأمور إلى حالتها الطبيعية.
وفي السياق ذاته، دعا الفريق العلمي إلى اتخاذ الاحتياطات من طرف زائري هذا الموقع من قبيل وضع الكمامات الواقية واستعمال الاحذية المهنية لتفادي أي تسمم بالدخان والغازات أو التعرض للحروق. كما شدد على ضرورة تنبيه الرعاة إلى خطورة الاقتراب من موقع الاحتراق والنبش في مصادر خروج الدخان والغازات.
وخلص التقرير إلى ضرورة وضع يافطة علمية من قبيل اللوحات العلمية للمواقع الجيوسياحية لجيوبارك مكون، لتعريف الوافدين من سياح وساكنة مجاورة بخطورة رمي السجائر أو وضع مواقد نارية للطبخ داخل مجال ضاية تنكارف خاصة خلال فصل الصيف لتفادي الاحتراق.
يذكر أن الفريق العملي مكون من محمد بوتكيوط، دكتور وباحث في الجيولوجيا رئيس اللجنة الوطنية للجيوبارك، رئيس اللجنة العلمية لجيوبارك مكون ونائب رئيس الشبكة الافريقية الجيومنتزهات اليونسكو، عبد اللطيف سهيل، دكتور وباحث متخصص في الجيولوجيا البنيوية والتوضعات الرسوبية وعضو اللجنة العلمية الجيوبارك مكون، وادریس أشبال، باحث في سلك الدكتوراه رئيس جمعية جيوبارك مكون وعضو اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة وعضو المكتب التنفيذي للشبكة العالمية الجيومنتزهات اليونسكو، وإبراهيم نايت اوعشى، طالب باحث في سلك الدكتوراه وعضو الفريق العلمي لجيوبارك مكون، ونائب أمين جمعية “جيوبارك مكون”