بعد رحلة طويلة امتدت لأكثر من 15 عامًا في دهاليز القضاء، وصلت قضية “كازينو السعدي”، أخيرًا إلى محطتها الأخيرة. وفق إفادة المحامي والحقوقي محمد الغلوسي.
وأوضح الغلوسي، عبر تدوينة له في ”فيسبوك” أن محكمة النقض، قد أدرجت ملف القضية في جلسة 27 نونبر 2024، مما يفتح الباب أمام إمكانية صدور حكم نهائي في هذه القضية التي شغلت الرأي العام المغربي، لا سيما سكان مدينة مراكش.
تتعلق القضية بتهم تتراوح بين تبديد واختلاس أموال عمومية، الرشوة، والتزوير. وقد أدين عدد من المسؤولين المنتخبين والمحليين، بالإضافة إلى موظفين ومنعشين عقاريين، في هذه القضية. وتشير التهم الموجهة إليهم إلى استغلالهم لمناصبهم وعلاقاتهم لتجميع ثروات طائلة على حساب المال العام.
لطالما أثار تأخر البت في هذه القضية تساؤلات عديدة حول الأسباب الكامنة وراء هذا الإبطاء. وقد وجهت اتهامات إلى بعض الأطراف بالتدخل في سير العدالة وحماية المتهمين. كما أشارت تقارير إلى أن العلاقات المتشعبة لبعض المتهمين مع رجال السلطة قد ساهمت في تعطيل سير التحقيقات.
تركت قضية ”كازينو السعدي” آثارًا عميقة على الرأي العام المغربي، لا سيما في مدينة مراكش حيث وقعت الأحداث. فقد كشفت هذه القضية عن حجم الفساد المستشري في بعض الأوساط، وأثارت غضبًا واسعًا لدى المواطنين الذين طالبوا بمحاسبة المتورطين.
وأدين منتخبون، بعضهم قياديون في أحزاب سياسية، وتقلدوا مسؤوليات عمومية محليا بمراكش ووطنيا إلى جانب موظفين ومنعشين عقاريين، من طرف غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بمراكش بعقوبات تصل إلى خمس سنوات حبس نافذا، وهو الحكم الذي تم تأييده من طرف غرفة الجنايات الإستئنافية من أجل تبديد واختلاس أموال عمومية والرشوة والتزوير كل حسب المنسوب إليه.
وكانت غرفة الجنايات الاستئنافية بمراكش، قد أصدرت، في نونبر من سنة 2020، حكماً نهائياً في هذه القضية التي شغلت الرأي العام الوطني والمحلي على مدى سنوات. وقد قضت المحكمة بتأييد الأحكام الابتدائية الصادرة في حق عدد من المتهمين، مع تبرئة آخرين.
وهكذا، أيدت المحكمة الحكم الابتدائي القاضي بإدانة المتهم الرئيسي في هذه القضية ويتعلق الأمر بالقيادي الإستقلالي، عبد اللطيف أبدوح، المستشار البرلماني السابق ورئيس بلدية المنارة جليز، بخمس سنوات حبسا نافذا وغرامة قدرها 50.000 درهما، بتهمة تبديد أموال عمومية في قضية تفويت أرض كازينو السعدي بسعر بخس.
كما أيدت المحكمة أحكاماً أخرى بإدانة متهمين آخرين بفترات حبس متفاوتة وغرامات مالية، وذلك بتهمة المشاركة في تبديد أموال عمومية، فيما برأت متهمين من جميع التهم المنسوبة إليهما.
وقال الغلوسي، إن الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب فرع مراكش، كانت قد تقدم بشكاية في الموضوع، وأجرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أبحاثها، وبقي لدى الفرقة الوطنية لمدة تقارب سبع سنوات دون أن يتحرك”.
وزاد أن الموضوع تم طرحه على وزير العدل السابق، مصطفى الرميد، عبر شكوى ”التأخر غير المبرر” في الملف، وأن ”علاقات بعض المتهمين هي التي ساعدت في حصول هذا التعطيل ”.
كما تم توجيه شكايات، وفق ذات المحامي دائما، إلى رئيس النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية حول هدر ”الزمن القضائي” لكون الملف لما عرض على القضاء عرف تأخيرات كثيرة لأسباب ”غير مفهومة”.
وشدد الغلوسي على أن إدراج محكمة النقض لهذا الملف بجلسة 27 نونبر 2024 يكون قد وصل محطته النهائية، ويبدو انه “أصبح جاهزا لتصدر فيه محكمة النقض قراراها”.
وأضاف: ”نتمنى أن تتحقق العدالة وان ينتهي هذا الملف الذي حطم الرقم القياسي في مساره القضائي ،نتطلع إلى ان تقوم السلطة القضائية بدورها في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام والمساهمة في تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة”.