اعتبر رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني عبد الرحيم منار اسليمي، أن المغرب يواجه في قضية وحدته الترابية “عصابتين، وهما العصابة التي تحتجز المواطنين في مخيمات تندوف، وعصابة حكام العسكر في الجزائر”، كما قضية الصحراء المغربية تعرف مواجهة بين “الدولة الأمة” التي يمثلها المغرب وبين “دولة بدون هوية” في إشارة إلى الجزائر.
وأضاف أن ملف الصحراء أظهر أن القضية أظهرت الدولتين الجارتين حقيقة الدولتين الجارتين للمنتظم الدولي، حيث ظهر المغرب بصورة “الدولة الأمة” في حين أن الجزائر “ظهرت بأنها دولة مازالت تعيش أزمة هوية”، وعلق “الجزائر دولة تم إحداثها بمرسوم من فرنسا”.
وقال اسليمي إن الجزائر تفاجأت من التدخل المغربي لإعادة الوضع في الكركرات إلى نصابه، بعد استفزازات جبهة البوليساريو، حيث لم تكن تنتظر القوة التي أبنات عنها القوات المسلحة الملكية والتي أثبت للجنرالات الجارة الشرقية مدى قوة الجيش المغربي وقوة الجدار الأمني الذي يستحيل اختراقه، كما أنها تفاجأت من الطريقة القانونية التي تحرك بها المغرب.
وأضاف أن جبهة البوليساريو “دخلت في مرحلة الفوضى والاقتتال الداخلي”، وأنها “ارتكبت خطأ انتحاريا بمعاداتها للأمم المتحدة وإعلان خروجها من اتفاق وقف إطلاق النار، وسارت على نفس منحى القذافي يوم مزق الكتاب الأبيض في الجمعية العامة للأمم المتحدة وأجمع العالم على أن معنى ذلك اقتراب نهايته”.
وتابع اسليمي أن “الخطوة الانتحارية لجبهة البوليساريو جعلت الجزائر تبقى في الواجهة”، مبرزا أن ذلك هو ما عبر عنه تصريح علني لأحد المسؤولين العسكريين في الجزائر الذي قال “قضية البوليساريو بالنسبة لنا قضية سيادية، ونتعامل مع الملف من مقاربة صيانة المصالح العليا الجزائرية”، بمعنى أن الجزائر قفزت فوق البوليساريو وخرجت لتقول أنها طرف بشكل صريح، يقول الأستاذ الجامعي.
كما شدد على أن البوليساريو منذ توقعها للاتفاق مع الأمم المتحدة سنة 1991 من أجل وقف إطلاق النار، “لم تلتزم بمقتضيات الاتفاق”، وأنها “منذ 1991 كانت دائما تخرق الاتفاق وتعلن عزمها الخروج من وقف إطلاق النار”، مشيرا إلى أن خرق الجبهة للاتفاق كان يتم “أمام صمت الأمم المتحدة وأخطاء المبعوثين الأممين، وأكبرها أخطاء المبعوث الأسبق كريستوف روس”.
وبخصوص الوضع في مخيمات تندوف، أبرز اسليمي في حديثه ضمن ندوة وطنية افتراضية نظمتها جامعة القاضي عياض حول موضوع “مستجدات قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية في ضوء قرارات الأمم المتحدة والمعالجة الإعلامية”، أن “الصحراويين أصبحوا قلة في المخيمات التي امتلأت بوافدين من دول الساحل”، متابعا أن الجزائر “أصحبت تحس بالحرج من تغير البنية الديمغرافية بالمخيمات وتريد الدفع بها نحو المنطقة العازلة أو نحو موريتانيا، وهو ما شعرت به الأخيرة وبدأت في تحصين حدودها”.
وبعد أن فرق بين الشعب الجزائري باعتباره شعبا شقيقا للشعب المغرب المغربي وبينهما روابط متينة، وبين حكام الجزائر من الجنرالات، اعتبر الأستاذ الجامعي أن “الحديث عن الوحدة المغاربية والتعاون، أمر مستحيل في ظل الواقع الحالي للجزائر وفي وجود حكامها الحاليين”.
وشدد على أن الحكم العسكري حيثما كان “لا يمكن معه بناء أي وحدة أو تعاون، لأنه دائما يعمل على إثارة الأزمات في المناطق التي يتواجد بها ومع جيرانه”.
وأبرز أن من داخل الجزائر توجد دولة مدنية صاعدة منبثقة من الحراك الشعبي الذي عاشته البلاد مؤخرا، وهو تيار شرع في فتح نقاش “ما الفائدة من الدخول في الصراع مع المغرب؟ ومن تكون البوليساريو؟”، كما اعتبر أن مصير البوليساريو رهين بمصير الحكم العسكري في الجزائر.