في تقرير نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، قالت الكاتبة بولين فريور إن وكالة إدارة البيئة والطاقة الفرنسية أفادت في دراسة لها أن نحو 9 ملايين فرنسي يتعرضون بشكل مفرط للتلوث الضوضائي، ما يسبب آثارا مزمنة على صحتهم.
وأوضحت الكاتبة أنه وفق الدراسة فإن من بين هذه الآثار الضارة هو أن التلوث الضوضائي قد يسبب بعض أمراض القلب والأوعية الدموية، وهو أمر غير معروف لعامة الناس، ولكنه أصبح محورا لعدد متزايد من الدراسات.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن الضوضاء المرورية تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة 8%، كما أوضحت المنظمة أنه من المتوقع أن يفقد سكان أوروبا الغربية 61 ألف سنة من الحياة الصحية (وهو مؤشر أوروبي لعدد السنوات الطبيعية التي يجب أن يعيشها الإنسان في أوروبا) سنويا.
ضوضاء المرور الليلية
ونقلت الكاتبة عن بحث قدمه عدد من الباحثين في أمراض القلب من جامعة الطب من ماينز الألمانية عام 2019، تأكيدهم أن ضوضاء المرور الليلية تعطل النوم وتزيد من إنتاج هرمون التوتر وتسبب الإجهاد التأكسدي، ما يزيد من تطور الخلل الوظيفي في البطانة، وهي طبقة من الخلايا التي توجد على سطح الأوعية الدموية الداخلية، كما تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وهما عاملان من عوامل الخطر في أمراض القلب والأوعية الدموية.
اضطرابات التمثيل الغذائي
ولفتت الكاتبة إلى اهتمام باسيلي تشايكس -وهو مدير الأبحاث بجامعة إنسيرم السوربون- بالموضوع كجزء من دراسة “موبيليسنس” (MobileSense)، وهي دراسة دراسة تأثير مركبات النقل على البشر من خلال الاستشعار الدقيق، حيث قام فريق تشايكس بتجهيز 290 متطوعا بأجهزة استشعار الصوت لتحليل تعديلات الضغط التي أبلغ عنها هؤلاء الأشخاص فيما يتعلق بالضوضاء المحيطة عندما يسافرون سيرا على الأقدام أو بالقطار أو بالسيارة.
وتابعت الكاتبة أن تشايكس لاحظ أن زيادة حجم الصوت المقاس ترتبط بزيادة الضغط، فيما سيبحث الجزء الثاني من الدراسة القادمة العلاقة بين زيادة ضغط الدم والتعرض للضوضاء لأن التوتر يصاحبه عموما ارتفاع حاد في ضغط الدم.
التعرض المنتظم للضوضاء
وأفاد البروفيسور برنارد بيير عضو الاتحاد الفرنسي لأمراض القلب -وفق ما قالت الكاتبة- أن ارتفاع ضغط الدم يبقى أحد عوامل الخطر الرئيسية لأمراض القلب والأوعية الدموية والتي تظهر بشكل أكبر بسبب تقدم العمر والوراثة وفرط كوليسترول الدم والتدخين وأمراض السكري والسمنة والضغط النفسي وقلة النشاط ونمط الحياة غير المستقرة.
وقال بيير إن “التعرض المستمر أو المنتظم للضوضاء المفرطة يمكن أن يجعل الشعور بالتوتر مستمرا لدى بعض الأشخاص، مما يزيد من معدل ضربات القلب، والتي قد تؤدي بدورها إلى اضطرابات في التمثيل الغذائي وزيادة التهاب الشرايين وخطر الإصابة بالجلطة”.
وأكدت الكاتبة أن الضجيج يضر بالصحة من جوانب أخرى كالأرق وصعوبات النوم، وفق الدراسات، مشيرة إلى أن قضاء الليالي السيئة هو أيضا عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وأكد برنارد بيير أن “هناك العديد من العوامل المربكة، أي التفاعلات المحتملة مع العوامل الأخرى، والتي تجعل دراسة الضوضاء كعامل خطر على القلب والأوعية الدموية معقدة”، مضيفا “على سبيل المثال، غالبا ما تتشابه تأثيرات تلوث الهواء وتلوث الضوضاء على الصحة، ومن المعروف أن الأول عامل خطر مهم للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، لذلك يجب أخذ الأرقام الخاصة بتقييم مدى تأثير التلوث الضوضائي بحذر، لكن يمكننا أن نتذكر أن هذا ليس بالأمر الهين”.