مع مرور أيام رمضان، يزدادُ حرص الصائمين على اتّباع نظام غذائي صحي و متوازن يساعدهم على تمضية يومهم في أفضل حال دونما شعور بالجوع أو العطش، مستفيدين من النصائح والإرشادات التي يقدمها المتخصصون في التغذية.
كما أصبحت العناصر الغذائية الأساسية المكونة لمائدة الإفطار الرمضانية تشغل حيزا مهما من اهتمام الناس، رغبة في تحقيق الإستفادة المثلى من الصوم، باعتباره فرصة ثمينة للتخلص من مشكلات صحية عديدة، ونقطة الإنطلاق نحو تبني نظام غذائي صحي خلال باقي أشهر السنة.
وفي هذا الصدد، تجيب رئيسة الجمعية المغربية للحمية والتغذية، رحاب شواري، عن ثلاثة أسئلة لوكالة المغرب العربي للأنباء حول أسس التغذية الصحية والمتوازنة في رمضان، والمكونات الغذائية التي يحتاجها الجسم، فضلا عن أهمية النشاط البدني وضوابطه خلال الشهر الفضيل.
1 – في شهر رمضان، يطرح السؤال دائما حول النظام الغذائي الذي يضمن للصائم قضاء يومه على نحو جيد دون أن يحس بالإعياء. على ماذا يرتكز برأيكم هذا النظام؟
يجب التأكيد أولا على أن قضاء شهر رمضان بصحة جيدة يستلزم اعتماد نمط عيش متكامل يتضمن إلى جانب التغذية الصحية، النوم لساعات كافية والنشاط البدني. فمن المهم تحقيق التوازن الطاقي في الجسم، أي أن ما نستهلكه يجب أن يعادل ما نحرقه من سعرات حرارية حتى لا نعاني من مشكل زيادة أو فقدان الوزن خلال رمضان.
ويتغير نظام الوجبات الغذائية خلال هذا الشهر من شخص إلى آخر حسب الطاقة التي يحتاجها كل فرد في يومه، والنشاط الذي يمارسه. وفي المتوسط، نحتاج وجبتين (الإفطار والسحور)، وبينهما يمكن إضافة لُمْــجَةٍ عبارة عن فواكه أو وجبة خفيفة أخرى.
نبدأ وجبة الإفطار بالماء والتمر لإعداد الجسم لاستقبال مواد غذائية أخرى، ثم نتناول طبق حساء، سواء شوربة خضر أو شوربة “الحريرة” المغربية شريطة أن تكون محضرة بطريقة صحية (بدقيق كامل بدل الدقيق الأبيض). بعدها يمكننا تناول الطبق الرئيسي الذي يجب أن يحتوي على مصدر بروتينات من أصل حيواني، سواء لحم أو دجاج أو سمك أو بيض، مع خضر كيفما كانت طريقة طهيها ما عدا القلي، وكذا قطعة من الخبز الكامل أو أرز كامل أو أي مصدر آخر للنشويات كالبطاطس مثلا.
أما وجبة السحور التي يجب تأخيرها قدر المستطاع حتى يمر يوم الصيام بشكل جيد، فيجب أن تحتوي على مواد غذائية تساعدنا على عدم الشعور بالجوع والعطش والعياء، وأهمها الماء وشوربة شعير أو قمح مثلا (حصة من السكريات المعقدة)، و”سلو” المعد بطريقة صحية (بدون سكر أو دقيق أبيض) مع كأس من الحليب أو “رايب بلدي” أو بيض أو غيرها من المواد التي تحتوي على بروتينات. يمكن أيضا تناول بضع حبات من التمر .
ويتعين أيضا تجنب الإفراط في تناول العصائر و إن كانت طبيعية، وكذا الشاي والقهوة اللذين يحتويان على مواد منبهة تتسبب في اضطراب مواعيد النوم، ويؤديان إلى فقدان الماء لأنهما يحتويان كذلك على مواد مدرة للبول. و عموما يجب تجنب الإفراط في الأكل، حتى و إن كان صحيا.
2 – ما هي العناصر الغذائية الأساسية التي لا يجب أن تخلو منها موائد الإفطار الرمضانية ؟
تتمثل هذه المواد أساسا في السكريات البسيطة (التمر) عند الإفطار التي تؤدي إلى رفع مستوى السكر بشكل آمن، ثم الألياف الغذائية التي تساهم في تفادي الإمساك، وكذا السوائل بما فيها الماء و الحساء.
كما يجب أن تضم مائدة الإفطار بروتينات نباتية (الحبوب الكاملة)، وبروتينات ذات أصل حيواني (لحم، دجاج، سمك، بيض) لأننا في نهار رمضان نحتاج أحماضا أمينية أساسية توجد في اللحوم، إلى جانب الفيتامينات والأملاح المعدنية الموجودة في الفواكه والخضروات. وللدهون أيضا دور مهم في شهر رمضان شريطة تناول كميات معقولة منها، إلى جانب السكريات المعقدة التي تساهم في ضبط مستوى السكر في الدم في اليوم الموالي. وعموما يجب تفضيل الأغذية الطبيعية المعدة في المنزل بدون مواد كيميائية أو المضاف إليها كميات كبيرة من الملح.
وفي هذا السياق، يجب الإنتباه إلى مكونات العديد من الأطباق المغربية الحاضرة بقوة في الموائد الرمضانية، ومن بينها “الشباكية” التي تعتبر مكوناتها وطريقة طهيها مضرة بالصحة. صحيح أنه من الصعب إزالتها تماما من مائدة الإفطار، لكن من المهم التقليل من استهلاكها لكونها تعرقل عملية امتصاص باقي المواد الغذائية وتسبب زيادة الوزن وغيرها من الأضرار الصحية.
3 – ما هو النشاط البدني الأنسب خلال الشهر الفضيل لضمان مروره دون مشاكل صحية ؟
يمكن التمييز هنا بين فئتين، الأولى تهم المعتادين على ممارسة الرياضة طيلة السنة، والذين يمكنهم الإستمرار في نشاطهم البدني بشرط القيام به قبل موعد الإفطار بمدة قليلة أو بعده ببضع ساعات. أما الأشخاص غير المعتادين على الرياضة، فيمكنهم القيام بحركات رياضية خفيفة أو المشي قبل الإفطار بقليل أو بعده، لأن ممارسة نشاط رياضي مكثف في رمضان يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على صحتهم.
ويعتبر النشاط البدني ضروريا في رمضان لأنه يمكننا من الاستفادة من الصيام على النحو الأمثل من أجل تخليص الجسم من السموم المتراكمة فيه.