فادي عيد
تسير الامور فى كلا من سرت و الرقة و الفلوجة فى أطار معادلاتين الاولى هدف الرئيس الامريكي باراك اوباما فى تحقيق انتصارا بالاقليم قبل أنتهاء الصيف الحالي، و المعادلة الثانية و هي بعنوان التفاهمات الامريكية الروسية بخصوص أقليم الشرق الاوسط، فاذا كان التقسيم الاول 1916م جاء بعنوان ” سايكس- بيكو” فبكل تأكيد جاء التقسيم الثاني بعد مئة عام بعنوان “كيري- لافروف”، فمن هنا ادرجت واشنطن جبهة النصرة بقوائم الارهاب، و سحبت روسيا قواتها الرئيسية من سوريا، و قبلت بالهدنة بل و كررت استمرارها و جددت مهلتها أكثر من مرة رغم عدم التزام أحد بها، و من هنا أيضا اتفقت واشنطن و موسكو على تأجيل معركة حلب و ان يتركوها كحلبة صراع لاستنزاف كافة الاطراف الاقليمية المتداخلة فى الملف السوري حتى تم وضع الرقة قبل حلب، و نفس الامر كان بالعراق بعد تأجيل معركة الموصل و وضع الفلوجة قبلها، فى ظل حالة سباق بالميدان من الجيش السوري المدعوم من روسيا و الاكراد المدعومين من امريكا نحو الوصول للرقة .
و من ينظر للميدان السوري بعمق سيجد أن أغلب التحركات الميدانية الاخيرة تركزت على تقدم الاكراد نحو منبج و تمسك داعش بمارع، و هنا يجب أن ندرك أهمية منبج فى ظل خط التماس الواضح للكيان الكردي الجديد و كنقطة ارتكاز هامة بجانب عفرين و كوباني و الجزيرة، كما انه يوجد ما أخطر و أكثر أهمية من ذلك فبسيطرة الاكراد على منبج بدعم واشنطن هنا تم تمزيق أحد أهم الخطوط الحمراء التركية ( منبج و جبل التركمان ) بشمال سورية، و هو أمر يحمل رسائل هامة و غاية الخطورة لقصر يلدز، كما أن مشهد معبر المالكية منفذ اكراد سوريا الوحيد على العالم الواقع تحت سيطرة برازني الذى تم فتحه بأمر من واشنطن يحمل أيضا رسائل تؤكد صحة رؤيتنا منذ البداية تجاه ما يحدث بالملف السوري . و أن ابتعد داعش عن مارع و ما تمثله من حلقة وصل هامة بممر اعزاز تجاه الدعم بتركيا، فسيكون مصيره كالجنين الذى أنقطع عنه الحبل السري، و اذا كانت الرقة وضعت قبل حلب، فمنبج وضعت قبل الرقة فالوحدات الكردية تخشى تكرار تجربة تل أبيض بالرقة فى ظل طبيعتها الديمغرافية ذو الغالبية العربية السنية و العشائر العربية التى تمثل داعم رئيس لداعش فى الرقة كعشيرة العفادلة و السباخ، و عدم وجود حلفاء يعتمد عليهم فى الرقة لمحاربة داعشن و هنا ندرك مدى صعوبة مواجهة داعش بملعبه و على ارضه و وسط عشائره، خاصة و أن فى حالة تنفيذ هجوم على داعش بالرقة فقد تجبر التنظيم على الانسحاب نحو ريف حلب الشرقي أي منبج، و هذا سيكون بمثابة فخ ينتظره كلا من رئيس الاركان التركي خلوصي اكار و مدير الاستخبارات التركية هاكان فيدان لكي يسقط فيه الاكراد، و لذلك عزم الاكراد على فك حلقات الوصل بين الرقة و حلب عبر السيطرة على منبج .
و بخصوص جبهات المعارك الساخنة ( سرت، الرقة، الفلوجة ) فأعيد و اكرر لا تفرحو عندما تسمعو ان داعش انتهى بتلك المدن، و أنما انظرو لمن يحل بديلا عنها هل هم الجيوش الوطنية ام مليشيات جديدة منحها من صنع لنا البلاك ووتر بالعراق 2003م و داعش بسوريا 2012م تصريح و لقب جديد و مسمى يميل للانظمة الحكومية و الجيوش النظامية، كالبنيان المرصوص التابع لحكومة الوفاق الغربي لا الوطني بسرت الليبة، او قوات سوريا الديمقراطية ( كتائب المشاه للقوات الامريكية و البريطانية) بسوريا و العراق، أو الحشد الشعبي الذى يديره الان بشكل مباشر المستشار الجديد للحكومة العراقية و قائد فيلق القدس قاسم سليماني من غرفة عمليات تحرير الفلوجة بمباركة رسمية من جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الامريكية .
فلا تنخدعو بالمانشيتات و الاخبار العاجلة التى تبشركم بدحر داعش و تأملو المشهد بعمق، فالكارت المسمى بداعش احترق تماما منذ فترة، و باتت كروت جديدة تلقى على الطاولة، و هو الامر الذى لم يستوعبه أردوغان حتى أن واشنطن طالبته أكثر من مرة قبل ان تغلق في وجهه كل المنافذ بأن يتوقف عن الدعم السري لداعش، و لذلك نجد أن الدوحة منذ فترة كانت تبتعد شيئا فشيئا عن تلك المعركة حتى خرج علينا وزير خارجية قطر الاسبق حمد بن جاسم من لندن ليفتح تصريحات نارية على حلفاء قطر، و هي تصريحات كانت لتوجيه رسائل لاشخاص بعينهم، قبل أن تقول لنا أن رجل قطر الاول بالامس مازال فى المشهد و قد يعود مجددا فى ثوب جديد .