خطة مغربية غير مسبوقة لضمان الأمن المائي للأجيال القادمة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

سبع سنوات عجاف من الجفاف الحاد وضعت المغرب أمام تحد مائي غير مسبوق، حيث تتقلص الفرشات المائية وتنحسر مياه السدود بوتيرة مقلقة، مما يهدد القطاع الفلاحي ويضغط على الموارد الحيوية للبلاد. لكن وسط هذه الأزمة، لم تقف المملكة مكتوفة الأيدي، بل أطلقت استراتيجية لإعادة التوازن إلى معادلة المياه في خطوة تستعجل وقف نزيف الفرشة، عبر استثمار الحلول غير التقليدية، من تحلية مياه البحر إلى الربط بين الأحواض المائية، وذلك في سباق مع الزمن لضمان الأمن المائي للأجيال القادمة.

وتعد المياه الجوفية أحد المصادر الحيوية لضمان الأمن المائي والغذائي، خاصة في ظل التحديات المتزايدة الناجمة عن التغير المناخي والنمو السكاني. ورغم أنها تعتبر موردا متجددا، فإن عملية إعادة ملء طبقات المياه الجوفية تتم بشكل بطيء للغاية، مما يجعل استنزافها تهديدا خطيرا للأمن المائي والغذائي في المملكة، خصوصا مع وصول متوسط استهلاك المياه إلى 606 متر مكعب للفرد سنويا، ما يزيد من الضغط على الموارد المتاحة.
وتسهم الأحواض المائية المختلفة في المغرب في توفير هذه المياه، حيث يختلف حجم المياه الجوفية القابلة للاستغلال من حوض إلى آخر، مثل حوض سبو الذي يعد الأكبر بحجم 1110 مليون متر مكعب سنويا، يليه حوض ملوية بحجم 586 مليون متر مكعب، وحوض تانسيفت بحجم 528 مليون متر مكعب، وفق بيانات رسمية صادرة بتاريخ 30 يناير 2024.

وأمام توالي سنوات الجفاف بالمغرب، شهدت المياه الجوفية في المغرب تراجعا كبيرا في السنوات الأخيرة نتيجة الاستغلال المفرط، في وقت تعاني فيه المملكة من أكبر عجز في الواردات المائية خلال القرن الأخير. ووفقا لمعطيات رسمية صادرة عن وزارة التجهيز والماء، فقد أدى الاستغلال المفرط إلى انخفاض مستويات المياه في الآبار بين 3 إلى 7 أمتار هذا العام، مما يفاقم من مخاطر الإجهاد المائي الذي يهدد استدامة هذه الموارد الحيوية.

سياسة استبقاية

للتعامل مع تحديات الجفاف المتكرر، تبنّت المملكة سياسة استباقية ضمن استراتيجية الجيل الأخضر (2020-2030) والبرنامج الوطني لتزويد المياه (2020-2027)، حيث تركز على ترشيد استهلاك المياه وزيادة العرض من خلال تنويع مصادر المياه. وتشمل هذه السياسة مشاريع تحلية مياه البحر لتوفير 1.7 مليار متر مكعب من المياه العذبة للمدن الساحلية، مما يتيح تخصيص الموارد التقليدية للري الفلاحي، بالإضافة إلى تطوير مشاريع تحلية أخرى لدعم الزراعة في المناطق المتضررة من العجز المائي، وربط الأحواض المائية لاستغلال نحو مليار متر مكعب من الموارد المهدورة.

في هذا السياق، يساهم المكتب الشريف للفوسفاط بشكل كبير في ضمان الأمن المائي بالمغرب من خلال مشروعاته المبتكرة مثل مشروع “OCP Green Water”. يهدف المشروع إلى تقليل الضغط على الموارد المائية التقليدية عبر تحلية المياه وإعادة استخدام المياه العادمة، وقد نجح حتى الآن في توفير 85 مليون متر مكعب من المياه سنويا. ويتطلع المشروع لزيادة السعة إلى 200 مليون متر مكعب في 2025 و300 مليون متر مكعب بحلول 2026، بما يساهم في تلبية احتياجات المجمع الصناعية والزراعية ودعم إمدادات المياه الصالحة للشرب لمدن جديدة، الدار البيضاء، وخريبكة، مما يتماشى مع رؤية المغرب في ترشيد واستدامة الموارد المائية.

ويعاني المغرب من توزيع غير متوازن للموارد المائية، حيث أشار الأستاذ الجامعي والخبير في الماء والتغيرات المناخية، عبد الحكيم الفيلالي، إلى أن 60% من المياه السطحية في تتركز حوضي سبو واللوكوس، اللذين يمثلان فقط 6% من مساحة المغرب، مؤكدا أن الوضع يتطلب إعادة توزيع المياه من المناطق ذات الفائض إلى تلك التي تعاني من نقص، ومشيرا في هذا السياق، إلى أنه تم بناء طريق سيار يربط بين حوض سبو وحوض أبي رقراق في اتجاه منطقة أم الربيع، بالإضافة إلى مشروع ربط مائي بين سد خروفة وسد وادي المخازن لتلبية احتياجات المناطق التي تعاني من العجز المائي.

متفاعلا مع هذا الموضوع، أوضح الفيلالي في تصريح لجريدة “العمق”، أن الطريق السيار المائي وتوسيع شبكة الربط بين الأحواض المائية والسدود ومشاريع تحلية مياه البحر سيمكن المغرب من تأمين حاجياته المائية، وسيخفف بدوره الضغط على استنزاف الفرشات الباطنية، حيث أن السبب الرئيسي لتدهور الوضعية المائية في المغرب وتعميق أزمة الفرشة المائية هو توالي سنوات الجفاف، مشيرا إلى أن 86 بالمائة من الأراضي المغربية هي أراض بورية، وبالتالي فقد تم استنزاف الفرشة الباطنية بشكل كبير بسبب غياب التساقطات.

زين العابدين الحسيني، الأستاذ الجامعي المتخصص في قضايا البيئة والتنمية المستدامة، أكد بدوره في حديث مماثل مع جريدة “العمق”، أن الاعتماد على هذه المشاريع سيمكن من تقليص استنزاف المياه الجوفية العميقة، مسجلا أنه عندما تجف الموارد السطحية، يتم اللجوء إلى الموارد الباطنية، ولكن إذا تم توفير موارد بديلة كتحلية مياه البحر فإن الضغط على الموارد الجوفية سينخفض بشكل طبيعي، خصوصا إذا تم تفعيل القواعد القانونية المتعلقة بهذا المجال، لافتا إلى أن قانون الماء 36.15، يشمل إجراءات تهدف إلى تخفيف الضغط على الفرشة المائية.

تقليص الضغط على المياه الباطنية

تؤكد وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن هذه البرامج ستساهم في تخفيف الضغط على الموارد المائية الجوفية، وذلك من خلال استعادة الحصص المائية المخصصة للسقي انطلاقا من السدود، مبرزة أن هذا الإجراء سيؤدي إلى تقليص العجز المائي المسجل في المدارات السقوية، والذي دفع الفلاحين إلى اللجوء المتزايد إلى المياه الجوفية، خاصة خلال فترات الجفاف. كما شددت على أهمية تبني نهج التدبير المتكامل والمندمج للمياه السطحية والجوفية، خصوصا في المناطق التي تعاني من ضغط كبير على الفرشات المائية.

وزارة الفلاحة، وفي معرض أجوبتها على أسئلة جريدة “العمق”، كشفت انه  تم تنفيذ عدة مشاريع لتعزيز الموارد المائية عبر تحويل مياه السدود إلى المناطق التي تعاني من انخفاض الفرشات المائية. من أبرزها: مشروع الكردان بسوس على مساحة 10,000 هكتار، الذي ساهم في إنقاذ زراعة الحوامض وتحويل 45 مليون متر مكعب من مياه سد أولوز، ومشروع سهل سايس على مساحة 30,000 هكتار، الذي يهدف إلى تحويل 125 مليون متر مكعب من مياه سد مداز للحفاظ على الاستثمارات الفلاحية، بالإضافة إلى مشروع قدوسة بسهل بودنيب على مساحة 10,000 هكتار، الذي يسعى إلى تعزيز الموارد المائية لفرشة مسكي-بودنيب عبر تحويل 30 مليون متر مكعب من مياه سد قدوسة.

وتشير المعطيات ذاتها، إلى اعتماد التدبير المتكامل للمياه الجوفية ومياه البحر المحلاة في المناطق التي تعاني من تراجع الموارد المائية، عبر إنجاز مشروعين لتحلية مياه البحر. يتمثل الأول في مشروع تحلية مياه البحر بسهل اشتوكة بسعة 100 مليون متر مكعب، بهدف الحفاظ على 15,000 هكتار من الأراضي المسقية وإعادة توازن الفرشة المائية، ما يحمي استثمارات تفوق 3 مليارات درهم. بينما يهم المشروع الثاني تحلية مياه البحر بمنطقة الداخلة بطاقة 37 مليون متر مكعب، الذي يهدف إلى إنشاء مدار سقوي على مساحة 5,000 هكتار باستخدام التحلية والطاقة الريحية، ما يخفف الضغط على الفرشة المائية ويوفر مياه الشرب بتكلفة تنافسية. وقد أكدت وزارة الفلاحة ضمن ردها على جريدة “العمق” أن جميع هذه المشاريع تعتمد على تقنيات عصرية في نقل وتوزيع المياه، بالإضافة إلى تقنيات مقتصدة في المياه داخل الضيعات الفلاحية.

بدائل للمياه الجوفية

في إطار المخططات المديرية للتهيئة المندمجة للموارد المائية، كشفت وزارة الفلاحة أنه يتم تقييم الموارد المائية من حيث الكمية والجودة، بالإضافة إلى فحص حالة تهيئة هذه الموارد واستخدامها على مستوى الأحواض المائية. كما يتم تحديد الحلول المناسبة لمواجهة ندرة الموارد المائية، بناء على ذلك، يتم تخصيص المياه القابلة للتعبئة لمختلف الاستعمالات الممكنة، سواء كانت مياه سطحية أو جوفية أو مياه البحر المحلاة، مع أخذ الضغط الكبير الذي تعاني منه هذه الموارد في الاعتبار.

وأشارت الوزارة الوصية إلى أن هذه المشاريع ستُعد موردا مكملا أو بديلا للموارد المائية الجوفية، موضحة أنه في الحالات التي تشهد انخفاضا في الموارد المائية الجوفية، يتم اللجوء إلى آليات تهدف إلى ضمان استدامة الفرشات المائية، مثل عقود التدبير التشاركي أو مدارات المحافظة.

وبخصوص نية الوزارة جعل تحلية المياه المصدر الرئيسي لتلبية الاحتياجات الفلاحية بدلا من الاعتماد على المياه الجوفية. أشارت المعطيات الرسمية إلى أن برنامج تحلية المياه الذي تم إطلاقه في المغرب يستند إلى منطق يتمثل أولا في تزويد المدن الساحلية الرئيسية وبعض المدن الداخلية بالمياه المحلاة، وذلك من أجل تحرير الموارد المائية التقليدية لاستخدامها في الأنشطة الفلاحية.

كما يهدف البرنامج إلى تطوير عرض مائي يعتمد على التحلية موجه للسقي، سواء لتخفيف العجز في بعض المناطق المسقية أو لإنشاء مشاريع جديدة ذات مزايا تنافسية، يتم سقيها حصريا بالمياه المحلاة كمصدر رئيسي لتلبية الاحتياجات الفلاحية، مع تخصيص المياه لري المحاصيل ذات القيمة المضافة العالية، كما هو الحال في مشروع تحلية مياه البحر بالداخلة. وأكدت الوزارة أن الهدف يكمن في ضمان التدبير المتكامل والمندمج للموارد المائية السطحية والجوفية ومياه البحر المحلاة، مما يساهم في تأمين الاحتياجات الفلاحية وضمان تدبير مستدام للموارد المائية الجوفية.

ووفقا لوزارة الفلاحة فإن السياسة الفلاحية ركزت على ايجاد حلول مستدامة تمكن من تحقيق توازن تنمية القطاع الفلاحي من جهة واستدامة استعمال الموارد المائية من جهة أخرى، ويعد نموذج اشتوكة مثالا لهذه الحلول، حيث تم إرساء حل هيكلي عبر تحلية مياه البحر وحكامة مبتكره. وتمكن هذه المقاربة من تعويض المياه الجوفية بمياه البحر المحلاة بالإضافة إلى تقنين استعمال المياه الجوفية عبر إصدار مرسوم مدار المحافظة الذي يحدد سقف لاستهلاك المياه الجوفية مع الزامية وضع عدادات لمراقبه كميات المياه المستعملة من الآبار.

وسجلت ضمن المعطيات التي توصلت بها “العمق”، أن مشروع الربط بين أحواض سبو وأبي رقراق وأم الربيع سيمكن من تعويض المياه الجوفية بهذه الأحواض، كما هو الحال بالنسبة للفرشة المائية لبرشيد والتي سيتم دعمها بالمياه المعبأة بواسطة هذا المشروع، مما سيمكن من تخفيف الضغط على هذه الفرشة، زيادة على مواصلة تطبيق عقد التدبير التشاركي لبرشيد.

مراجعة السياسات المائية والفلاحية

في هذا الإطار، يرى الخبير في الماء والمناخ، عبد الحكيم الفيلالي أن استعادة توازنات الفرشة الباطنية مرهونة بتثمين الموارد المائية، وإعادة النظر في السياسات المائية والفلاحية، مع ترتيب الأولويات فيما يخص أنواع المزروعات وطبيعة البيئات المحلية، وتفعيل قانون الماء 36.15 وتنزيل نصوصه التنظيمية، لافتا إلى أن هناك إمكانيات لاستعادة توازنات الفرشات الباطنية، ويتعين تسريع وتيرة إنجاز الطريق السيار المائي ليس فقط ضمن المشاريع المبرمجة، بل يجب التفكير في شبكة وطنية تشمل مختلف مناطق المغرب وفقا لخصوصيات كل منطقة.

وشدد الفيلالي على أن هذه الشبكة يمكن أن تساهم في تزويد مختلف المناطق بحاجياتها المائية وتقليص الضغط على الفرشات المائية، كما يمكن أن تساعد في التغذية الاصطناعية للفرشة الباطنية وللسدود. إضافة إلى ذلك، يجب التفكير في إنشاء سدود أو خزانات جوفية للمساهمة في تأمين حاجياتنا من الموارد المائية وتقليص تبخرها، خاصة أن تبخر المياه يقلص الموارد المتاحة بحوالي 365 مليون متر مكعب سنويا.

وبهدف تخفيف الضغط على الموارد المائية الجوفية، والى جانب الحلول المبرمجة من أجل الرفع من العرض المائي، قالت مصادر مسؤولة بوزارة الفلاحة إن هذه الأخيرة تساهم بتنسيق مع السلطات الحكومية المعنية في تعميم العمل بآليات تعاقدية للتدبير المندمج للمياه الجوفية او ما يسمى “عقدة فرشة الماء” تفعيلا لمقتضيات قانون الماء في إطار تشاوري عبر ادماج الفاعلين للانخراط الفعلي في تدبير مندمج مستدام للمياه الجوفية.

وضمن هذه العقود، تم توقيع عقد التدبير التشاركي لطبقة المياه الجوفية لمسكي بودنيب لعقلنة استعمال المياه الجوفية لأغراض فلاحية. وتهدف هذه العقود، بحسب المصادر ذاتها، إلى تنظيم استغلال المياه الجوفية وتقنين الاستعمالات الفلاحية من خلال تحديد سقف لاستهلاك المياه الجوفية مع الزامية وضع عدادات اجبارية لمراقبه كميات المياه المستخرجة من الابار في المناطق التي تعاني من تراجع في مستوى الفرشة المائية.

تقنين استغلال المياه الجوفية

وجوابا على سؤال جريدة “العمق” بخصوص اللجوء إلى إجراءات موازية لضبط وتقنين استغلال المياه الجوفية مع توسيع مشاريع التحلية والربط، خاصة في المناطق الفلاحية التي تعتمد بشكل كبير على الآبار، أوضح مصدر مسؤول بوزارة الفلاحة، أنه بالإضافة الى الحلول المتعلقة بتعويض المياه الجوفية بالمياه غير التقليدية أو المعبئة بواسطة مشاريع الربط بين الأحواض، تكمن الاجراءات الموازية لضبط وتقنين استغلال المياه الجوفية في اعتماد عقود التدبير التشاركي وخلق مدارات المحافظة من أجل ضمان استدامة الموارد المائية الجوفية، وذلك طبقا لمقتضيات القانون المتعلق بالماء.

في هذا الإطار، يرى الخبير في التغيرات المناخية، زين العابدين الحسيني أن ضعف الإمكانيات البشرية والتقنية لوكالات الأحواض المائية يعوق مراقبة الموارد المائية، مما يؤدي إلى سرقة المياه واستعمالها غير القانوني، مؤكدًا أن لولا الاعتماد على السلطات الترابية لكانت هذه المراقبة شبه منعدمة، ما يشكل خطرا على المخزون الاستراتيجي للبلاد من المياه.

من جهته قال الفيلالي إن استعادة توازن الفرشة الباطنية تتطلب وقف الاستغلال غير القانوني للمياه الجوفية، خاصة أن 91٪ من الآبار غير مرخصة، مما يفقد السلطات السيطرة على الموارد المائية الجوفية، وهو ما يفرض أن تكون نقطة الانطلاق هو استعادة السيطرة على هذه الموارد من خلال محاربة الاستغلال غير القانوني لها، وفرض رقابة صارمة تشمل الجميع دون استثناء، لضمان عدالة تطبيق القانون.

الاقتصاد في مياه الري

يظل التحدي الذي يواجه الفلاحين من أجل ضمان انتقال سلس من الاعتماد على المياه الجوفية إلى المياه المحلاة أو المياه التي يتم تحويلها انطلاقا من الاحواض الأخرى يكمن في الرفع من تثمين المياه والإنتاجية. في هذا الإطار تشير المعطيات الرسمية، إلى أن وزارة الفلاحة تعمل في إطار استراتيجيتها وعقود التدبير التشاركي للمياه الجوفية على مواكبة الفلاحين عبر تقديم الدعم المالي والتقني من أجل التحويل إلى تقنيات الري المقتصدة في الماء والرفع من الإنتاجية، وكذا إنجاز محطات التحلية والتجهيزات الهيدروفلاحية وربطها بالطاقات المتجددة لتخفيض سعر المتر مكعب من الماء بالنسبة للفلاحين كما هو الحال في مشروع تحلية مياه البحر بالداخلة.

وترى الوزارة أنه في إطار الرؤية النيرة للملك محمد السادس، تم اعتماد تحلية مياه البحر والربط بين الاحواض بالإضافة إلى مواصلة إنجاز السدود بالمناطق التي تعرف تساقطات مطرية مهمة، ضمن مجموعه متكاملة من الحلول للرفع من العرض المائي الموجه للسقي وتعزيز الصمود إزاء التغيرات المناخية، مسجلة في هذا الصدد أنه يتم اعتماد مقاربة الترابط (NEXUS) بين المياه والطاقة والسيادة الغذائية لضمان استدامة المشاريع والتقليل من الكلفة.

في سياق متصل، أكدت منظمة “إسكوا” التابعة للأمم المتحدة في تقريرها حول “المياه الجوفية في المنطقة العربية” أن التغير المناخي بدأ يؤثر على موارد المياه الجوفية من خلال انخفاض تغذية الطبقات الجوفية وزيادة الضخ لتعويض تراجع المياه السطحية. وتشر توقعات المنظمة الأممية إلى أن منسوب المياه الجوفية في خزّان تادلة بالمغرب سينخفض من 10 أمتار إلى أكثر من 25 مترا، مما قد يؤدي إلى جفاف كامل في بعض نواحي الخزّان بحلول نهاية القرن إذا استمرت الأنشطة الزراعية على نفس الوتيرة.

وفي ظل التحديات المتزايدة التي يفرضها الجفاف وتراجع الموارد المائية، يجد المغرب نفسه أمام معركة حاسمة لضمان أمنه المائي والغذائي. ورغم صعوبة الوضع، فإن الاستراتيجية الوطنية لمواجهة هذه الأزمة، عبر تنويع مصادر المياه وتحسين تدبيرها، تعكس وعيا عميقا بضرورة التصرف بحزم وسرعة. ومع استمرار تنفيذ مشاريع تحلية المياه والربط بين الأحواض المائية، يبقى نجاح هذه الجهود رهينا بالتدبير المستدام، وترشيد الاستهلاك، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على كل قطرة ماء، لضمان مستقبل مائي آمن للأجيال القادمة.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.