خمس سنوات من الإغلاق.. سبتة المحتلة خلف الأسوار والبدائل لا تزال حبراً على ورق
بعد مرور خمس سنوات كاملة على إغلاق معبر سبتة المحتلة، دون أن تتمكن البدائل الاقتصادية الموعودة من امتصاص تداعيات القرار أو تعويض آلاف الأسر التي كانت تعتمد على التهريب المعيشي كوسيلة للبقاء.
ورغم الزخم الإعلامي والمخططات الحكومية التي تحدثت عن خلق مناطق صناعية حرة، وتحفيز الاستثمار في أقاليم الشمال، إلا أن الواقع في مدن مثل الفنيدق والمضيق ومرتيل، وحتى تطوان، يُظهر أن الحصيلة لا تزال دون التطلعات، وأن نسب البطالة المرتفعة استقرت بدل أن تتراجع.
الإغلاق الذي غيّر كل شيء
حين أُغلق معبر سبتة في 2020، في إطار التدابير الصحية لمكافحة جائحة كورونا، بدا للوهلة الأولى أن القرار مؤقت. لكن سرعان ما أصبح الإغلاق دائماً، ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى القضاء على اقتصاد التهريب وتعويضه بأنشطة قانونية ومنظمة.
غير أن هذا التحول لم يكن سهلاً، ولا سريعاً. فالاقتصاد البديل يحتاج إلى زمن واستثمارات حقيقية، وخريطة طريق واضحة، وهو ما لم يتحقق بالوتيرة المطلوبة، مما جعل كثيراً من سكان المنطقة يعيشون في وضعية “الانتظار الاقتصادي” القاتل، دون مورد قار أو بديل فعلي.
فأغلب النساء والرجال الذين كانوا يعبرون معبر “ترخال” يومياً لجلب البضائع من سبتة إلى الداخل المغربي، وجدوا أنفسهم فجأة خارج الدورة الاقتصادية، بعد سنوات من الاعتماد على نشاط غير نظامي، لكنه كان يوفر الحد الأدنى من الدخل.
اليوم، وبعد خمس سنوات من الإغلاق ، تؤكد شهادات ميدانية أن الكثيرين منهم لا يزالون عاطلين عن العمل، أو يشتغلون في أنشطة موسمية غير مستقرة، في ظل غياب نسيج اقتصادي متكامل يستطيع امتصاص اليد العاملة المتضررة من الإغلاق.
مشاريع على الورق… وأرض الواقع تنتظر
الحكومة تحدثت مراراً عن إطلاق مشاريع كبرى في المنطقة، مثل “منطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق”، والتي انطلقت فعلاً لكنها لم تحقق بعد الإشعاع المطلوب، ولم تستقطب عدداً كافياً من المستثمرين.
ويؤكد متابعون أن محدودية البنية التحتية، وتعقيدات المساطر الإدارية، وغياب رؤية استثمارية متكاملة، من أبرز الأسباب التي جعلت هذه المشاريع لا تؤتي أُكلها بعد، رغم مرور نصف عقد على الإغلاق.
بطالة مستمرة… وثقة معلّقة
الأرقام الرسمية حول البطالة في شمال المغرب لم تشهد تحسناً جذرياً خلال السنوات الأخيرة، بل تؤكد أن النسب ظلت مستقرة، إن لم تكن مرشحة للارتفاع، في ظل ضغط ديمغرافي متزايد وتقلص فرص الشغل المستقر.
وهنا، تبدو الثقة في جدية البدائل الاقتصادية محل تساؤل، خصوصاً لدى فئة الشباب التي أصبحت تتجه نحو الهجرة السرية كخيار لا مفر منه أمام انسداد الآفاق.
فالرهان على الاقتصاد المنظم مشروع، لكنه يظل ناقصاً دون عدالة مجالية، وتحفيز استثماري جريء، وشراكة فعلية بين الدولة والمجتمع المحلي.