أحمد منصور
السبب الثاني من أسباب هجوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد الانتصارات التي حققتها ضد الكيان الصهيوني في حرب غزة الأخيرة هو المخاوف الشديدة لدى محمود عباس من استبداله بمحمد دحلان.
لاسيما وهو يدرك تماما أن لعبة الاستبدال هذه سبق أن مورست معه حينما تم استبداله بالزعيم التاريخي لحركة فتح ياسر عرفات وأن الذين استبدلوه بعرفات قادرين على استبداله بدحلان, ومخاوف عباس من عودة دحلان مرتبطة بهواجس ومخاوف وربما هلاوس من أن دحلان ينسق مع حركة حماس لدعمه حتى يكون بديلا لعباس في رئاسة السلطة رغم كل الثارات والخلافات التي بين دحلان وحركة حماس منذ طرده من قطاع غزة في العام 2006 وإعلان حركة حماس أن ملف دحلان أغلق ولا مجال لعودته أو حتى التواصل معه، إلا أن عباس يؤكد على أن حماس تتواصل مع دحلان وتجتمع به سرا من أجل استبداله بعباس.
السبب الثالث لهجوم عباس على حركة حماس هو أن الإسرائيليين سربوا لعباس أن حركة حماس تعد لانقلاب عليه في الضفة الغربية بعد انتصارها في غزة وقد تحدث عباس عن هذا، سواء في اجتماعه الأخير مع خالد مشعل في قطر بحضور أميرها، أو حديثه بعد ذلك أمام اجتماع وزراء الخارجية أو قبل هذا وذاك أمام اللجنة المركزية لحركة فتح ورغم نفي خالد مشعل لهذه الهواجس ومطالبته بتشكيل لجنة تحقيق لكشف زيف ما ذكره الإسرائيليون إلا أن عباس يتهرب من لجنة التحقيق ويؤكد أن ما ذكره الإسرائيليون له صحيح وهذا يؤكد أن الرجل يبحث عن ذريعة يفشل من خلالها الانتصار الذي حدث ويدخل الحركة في دوامة صراعات جديدة مع السلطة بعد مسيرة المصالحة الوطنية التي وصلت إلى ما يقرب من النهاية ولم يعد هناك سوى أن تتحرك حكومة الوحدة الوطنية وتتسلم المعابر في غزة وتدير أمور البلاد، لكن عباس يعرقل كل هذا متذرعا بتحالف الحركة مع محمد دحلان تارة أو تآمرها للانقلاب عليه تارة أخرى، ورغم أن كثيرا من قادة حركة فتح التاريخيين غير متوافقين مع عباس في ما يقوم به إلا أن محمود عباس فعل ما لم يفعله ياسر عرفات مع قادة الحركة رغم قوة عرفات ومكانته التي تتفوق عشرات أو مئات المرات عن عباس، حيث جعل عباس كل المقدرات المالية للسلطة والحركة تحت يديه، ومن ثم فإن كل من يعارض عباس من هؤلاء تقطع عنه مخصصاته المالية ويجد نفسه في العراء منبوذا دون دخل أو راتب لذلك فكثير منهم يجاريه وإن اختلف معه في ما يقوم به حتى لا يحرم من مخصصاته وهذا ما يبوح به كثير منهم في مجالسهم.
هذا السلوك من طرف محمود عباس هدفه الأساسي هو إفشال حماس أمام الشعب الفلسطيني وإجهاض انتصارها، لأن هذه المتاهة التي أدخل فيها الحركة بعد هذا النصر أدت إلى الآن إلى عدم قيام نظام الانقلاب في مصر بفتح معبر رفح بحجة تسليمه لحكومة السلطة التي ترفض من جانبها الانتقال لغزة من أجل تسلم المعابر وإدارة شؤون القطاع، الأمر الثاني هو عدم تسليم الرواتب للموظفين في غزة، كذلك إفشال جهود إعادة الإعمار والإغاثة ومن ثم دفع الشعب الفلسطيني الذي تعاطف مع حماس لينقلب عليها.