الدراسات الوهمية بالجماعات… عبث مالي وفتح تحقيقات

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تتجه  أنظار الرأي العام الوطني مجددًا نحو واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل، بعدما بدأت تتكشف خيوط فضيحة مالية جديدة مرتبطة بإنجاز دراسات “وهمية” كلفت خزائن الجماعات الترابية ملايير السنتيمات، دون أن ترى هذه الدراسات النور أو يكون لها أثر فعلي على الأرض.

القضية لا تقف عند حدود جماعة أو إقليم بعينه، بل تهدد بالتحول إلى ظاهرة وطنية، بعد أن تبين أن بعض مكاتب الدراسات التي حصلت على صفقات بمبالغ ضخمة، لم تنجز شيئًا سوى تقارير صورية، أدرجت فقط لتبرير صرف الأموال. أحد أصحاب هذه المكاتب يوجد حاليًا رهن الاعتقال، بعدما أدين في قضية رئيس جماعة سابق بثماني سنوات نافذة بتهمة تبديد أموال عمومية.

ووفق مصادر إعلامية، فإن وزارة الداخلية دخلت على خط هذه الفضيحة من جديد، حيث أعطى عبد الوافي لفتيت تعليماته للمفتشية العامة للإدارة الترابية، التي يترأسها الوالي محمد فوزي، لإعادة فتح عدد من الملفات التي ظلت مركونة في الأدراج. ويشمل التحقيق الجديد جماعات محلية شهدت خلال السنوات الماضية شبهات في تدبير الصفقات، وجرى فيها الحديث عن تبذير أموال على مشاريع لم تنجز، أو أُنجزت بطرق مشبوهة.

بحسب المعلومات المتوفرة، فقد اعتمد عدد من رؤساء الجماعات على صيغ متشابهة في تفويت صفقات دراسات تقنية ومعمارية، لم تكن هناك حاجة حقيقية لها، أو تم إعدادها دون معايير مهنية، فقط لغرض تحويل أموال عمومية نحو مكاتب مقربة أو تربطها علاقات مشبوهة بمسؤولين منتخبين.

المثير في الأمر أن هذه الممارسات لم تكن استثناءات، بل تمت بشكل ممنهج، ما يطرح سؤالًا حقيقيًا حول دور الرقابة الجبائية والإدارية، ولماذا لم تُفعل آليات المحاسبة في الوقت المناسب؟ وهل كانت هناك إرادة لغض الطرف عن هذه الاختلالات في بعض المناطق؟

ما يزيد من تعقيد الملف هو أن بعض التحقيقات أنجزت بالفعل في فترات سابقة، لكن نتائجها لم تُفعل، ولم يُحَل المتورطون إلى القضاء، مما يشير إلى احتمال وجود تدخلات لحماية بعض الأسماء النافذة.

ومع إحياء هذه الملفات اليوم، تنتظر الساكنة المحلية تفعيل المحاسبة وإنهاء الإفلات من العقاب، خاصة وأن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في عدد من الجماعات المتورطة لا يحتمل المزيد من التلاعب بمقدرات السكان.

المال العام ليس ريعًا ولا غنيمة تُقسم في الكواليس، بل هو أمانة في أعناق المسؤولين المنتخبين والإداريين، تُصرف لتنمية المناطق وتحسين جودة حياة المواطنين. وإذا لم يتم التصدي الجاد لهذه الظواهر، فإن الثقة في المؤسسات ستستمر في التآكل، وسيتحول الفساد من استثناء إلى قاعدة.

الكرة الآن في ملعب وزارة الداخلية والقضاء، إما لتطهير الإدارات المحلية من مافيات الصفقات، أو الاستمرار في تزيين الواجهات بينما الفساد ينخر الأساسات.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.