استطلاع يرسم خريطة سوداء للثقة السياسية بالمغرب: الحكومة في قفص الاتهام والانتخابات على المحك
كشف استطلاع وطني أنجزه المركز المغربي للمواطنة عن صورة قاتمة لمستقبل الثقة السياسية في المغرب بعد أربع سنوات من عمل الحكومة. الأرقام جاءت صادمة بكل المقاييس: 1.1% فقط من المستجوبين عبروا عن رضاهم عن الأداء الحكومي، مقابل 87.3% رفضوا بشكل قاطع السياسات المتبعة، في ما يشبه «انهيار الشرعية الشعبية».
لكن الأزمة لم تتوقف عند الجهاز التنفيذي، إذ امتدت إلى باقي المؤسسات التي كان يفترض أن تلعب أدوار التوازن والرقابة. البرلمان حاز على تقييم سلبي غير مسبوق بعدما اعتبر 89.5% من المشاركين أنه فشل في أداء مهامه، فيما وُجهت أقسى الضربات للأحزاب السياسية بنسبة 91.5% من عدم الرضا، في دلالة على أن الأزمة أعمق من الحكومة وتمس البنية الحزبية برمتها. حتى المعارضة، التي يُنتظر منها لعب دور الكابح السياسي، لم تنجُ من غضب الشارع، إذ رفض 80.6% من المستجوبين أداءها الباهت. النقابات، الجماعات الترابية، ووسائل الإعلام التحقت جميعها باللائحة السوداء بتقييمات راوحت بين «ضعيف» و«منعدم».
هذه الأرقام تكشف عن أزمة ثقة مركبة، ليست مجرد رد فعل على موجة الغلاء أو ارتباك السياسات الاجتماعية، بل تعبير عن انسداد سياسي عميق يضع العقد الاجتماعي برمته أمام اختبار صعب. فالمغاربة، بحسب نتائج الاستطلاع، لم يعودوا يجدون في المؤسسات الوسيطة ما يعكس تطلعاتهم أو يحمي مصالحهم.
أمام هذا الواقع، تلوح انتخابات 2026 كموعد مفصلي، لكنه محفوف بخطر العزوف الشعبي. فحتى في ظل تعهد وزارة الداخلية بضمان النزاهة، يبقى السؤال مطروحًا: ماذا لو وجدت صناديق الاقتراع نفسها فارغة من الناخبين؟ هنا تكمن الخطورة، لأن الشرعية لا تُبنى فقط على القوانين بل على المشاركة الفعلية.
الرسالة التي يوجهها هذا الاستطلاع صريحة: المعركة الحقيقية ليست في خطابات المناسبات ولا في الوعود الفضفاضة، بل في استعادة الثقة. من دون ذلك، قد تتحول الانتخابات المقبلة إلى مجرد طقس شكلي يزيد القطيعة اتساعًا، بدل أن يعيد وصل ما انقطع بين المواطن ومؤسساته.