الحرص على استيفاء التفعيل للنص الدستوري في ما يهم ويتعلق بوضع مجانية المسألة التربوية، والإستفادة غير المشروطة للمواطن من العملية التعلمية التي راهنت كل دساتير المملكة، من دستور 1962 مرورا بدستور 1972 و دستور 1992، إلى دستور الفاتح من يونيو 2011، الذي كرس وشدد على دوام مقومات الإنتفاع من الخدمات الإجتماعية في إطار السياسة العامة للدولة التي هيأت شروط إدماج المواطن في المنظومة التربوية التي عول عليها في التنشأة المواطنة الخليقة برفع مستويات التكوين والتحصين للمردودية التي راكمتها الدولة عبر مجموع الدساتير التي أولت في تنصيصها على مجانية العملية التعلمية بليغ الإهتمام، ليس فقط على مستوى اندراج المواطن في أسلاكها، وإنما على جانب الرصد والتصدي لأسباب وعوامل الهدر المدرسي الذي مثل في السنوات الأخيرة إحدى أهم دوافع الإهتزاز في سيرهذه العملية التعلمية، وأيضا، في نطاق إخضاع نفس المنظومة للإصلاح الذي يعد باسترداد الإقبال المواطني على التعلم، خصوصا بين الفئات الهشة ومحدودة الدخل، سيما بمناطق المملكة العميقة، وتسهيل الولوج إلى المدرسة العمومية التي يرتكز عليها في تخريج أطر الدولة.
الحرص على استبقاء “مجانية التعليم” مفعلا ومحركا ضمن استقطاب أعداد المتمدرسين سنويا، كان موضوع ومحور النقاش التواصلي الذي فتحته ولاية جهة مراكش- آسفي، زوال الخميس 1 دجنبر 2016، وضم إليه متدخلين، الأكاديمية الجهوية للتعليم بالجهة، وفيدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بمراكش، وهو الإجتماع الذي تضام لكشف ومكاشفة المغالطة التي اهتز من فحواها الرأي العام الوطني، وخلفت محليا ردة فعل تتقاطع وتتنافى مع الحق في “مجانية التعليم” التي شرعت لها دساتير المملكة، وناولتها باعتبارها حقا اجتماعيا، بالنظر إلى منطق ومنطوق المضامين التي اشتملت عليها النصوص الدستورية المؤسسة لمجانية التعليم، والممكنة من أحقية الإستغلال للمادة الدستورية التي أمنت ممارسة حق التعلم، على خلاف ادعاءات تلك المغالطة التي قال بلاغها قبل أيام “بإلغاء مجانية التعليم”، والتي تبقى اعتمادا على ما ورد في تصريحات المتدخلين في اليوم التواصلي لولاية الجهة، مجرد “وشاية كاذبة”.
تكذيب، ودحض تلك الوشاية التي رامت وتغيت بحسب المستشف من تدخل والي الجهة، عبد الفتاح البجيوي” الذي استهل اللقاء التواصلي، بالتأكيد على أن ما تناقله بخصوص “إلغاء مجانية التعليم”، هو بلاغ خالي وعاري من الصحة، وقصديته التشويش على الإصلاحات التربوية التي تخضع لها العملية التعلمية، والمتخذة من الأسس العلمية في بلورة مشروع الإصلاح حواملها ودعاماتها، ارتقاءا بالمنظومة التعليمية، في أفق الوصول إلى تحسين المردودية التعلمية، على مستويات التحصيل وتحسين الإنتاجية التربوية، بهدف التحصل على النوعية ضمن التقديم للمعلومة التربوية وفق معايير الجودة التي يعمل على تمثلها مشروع الإصلاح للمدرسة العمومية، والذي لا يمكنه أن ينخرط في التحديث لمنظومة التعليم دون إصلاح هيكلي للمادة المعرفية، ومناهج وطرق التدريس.
في سياق ذلك، يلفت والي الجهة، عبد الفتاح البجيوي، ويذكر، بأن الإهتمام الذي يستأثر به موضوع إصلاح منظومة التعليم بالمغرب، والذي يستمد روح الإلحاحية في التفعيل من التوجيهات الملكية التي تحمل هم تحقيق وبلوغ المرتجى من المدرسة العمومية، جعل مجانية التعليم تعلو وترتفع بالمادة الدستورية إلى مفهوم “الحق” في التعليم، وإضفاء كونية التعليم ثابتا وطنيا، يصطف إلى جانب ثابت الوحدة الترابية للمملكة بما يمثلانه هذان الثابتان من وحدة إجماع وطني، شحذت همم البناء والتميز الحداثي للمنظومة التربوية بالمملكة الشريفة، التي تعد اختياراتها، اختيارات اجتماعية تراعي الخصوصية، وضمنها مجانية التعليم التي هي خيار استراتيجي لا رجعة عنه.
هذا التأكيد، على مجانية التعليم من منطلق كونه اختيارا لا رجعة فيه، انبرت له مداخلة مدير الأكاديمية الجهوية للتعليم بجهة مراكش- آسفي، مولاي احمد الكريمي، الذي فند في حديثه خلال اللقاء التواصلي الذي اجتمع لمكافحة الوشاية الكاذبة “بإلغاء مجانية التعليم”، نافيا أن يكون قد صدر في خصوص ذلك قرار رسمي أو تعليمات في هذا الشأن، وأن المغالطة/ الوشاية التي تمت إشاعتها محض افتراء أريد به باطل، وأن المدرسة العمومية كما يستخلص من حديثه يظل ولوجها مشدودا إلى النص الدستوري، القاضي بمجانية التعليم، والقائمة على مقاربة التحدي والوضوح والشفوفية، وهي العناصر جميعها التي بقدر ما مكنت من المحافظة على مجانية التعليم، مكنت من استمرار الديمومة التعليمية وحركية النشاط التربوي الموجه صوب تشكيل دينامية تتوخى ضخ أسلوب تدبير يواكب ويتلاؤم مع احتياجات التحصيل التربوي الذي يستجيب ويتماشى مع الأهداف التي يطرحها ويتشكل منها مشروع إصلاح المنظومة التربوية، في إطار مجانية التعليم التي كما أجمعت عليه مداخلتا والي الجهة عبد الفتاح البجيوي، ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالجهة مولاي احمد الكريمي، وباقي المتدخلين، والتي رامت إسقاط الوشاية “بإلغاء مجانية التعليم”، والتأكيد على ارتباط المدرسة العمومية بمبدإ “المجانية” التي تمثل للمواطن قطب الرحى في التكوين، وأساس الولوج إلى التحصيل التربوي، وطمأنة هذا المواطن الذي يرى في المدرسة العمومية محيطه المعرفي والعلمي، بأن “مجانية التعليم” خيار استراتيجي لا مندوحة ولا رجعة عليه في خيارات البناء والإصلاح للمدرسة العمومية.