من أجل كفاءة انتخابية تعيد الثقة وتبني الوطن

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في زمن تتعاظم فيه التحديات وتزداد فيه انتظارات المواطنين، لم يعد مقبولًا أن تظل الانتخابات محطة لتكرار نفس الأخطاء ونفس الوجوه التي أثبتت التجربة محدودية عطائها وضعف كفاءتها.
لقد آن الأوان لبلورة رؤية جديدة في منظومة الترشح للانتخابات الجماعية والبرلمانية، قوامها الكفاءة العلمية، والنزاهة الأخلاقية، والمسؤولية القانونية.

فمن المنطقي أن يُشترط في كل مترشح للانتخابات الجماعية أن يكون حاصلًا على شهادة الباكالوريا على الأقل، وأن يتوفر وكيل اللائحة على شهادة الإجازة، حتى نضمن أن من يُدبّر شؤون الناس قادر على فهم القوانين والمساطر والملفات التنموية المحلية.
كما أن فرض شهادة الدكتوراه كشرط أساسي للترشح إلى البرلمان يعد خطوة إصلاحية جريئة، لأن مهمة التشريع والرقابة والمرافعة عن قضايا الوطن ليست شأنًا بسيطًا، بل مسؤولية تتطلب علمًا وخبرةً وقدرةً على التحليل العميق والتفكير الاستراتيجي.

وحتى لا تبقى الوعود الانتخابية مجرد شعارات تُطلق في الحملات ثم تُنسى بعد الفوز، يجب أن تصبح هذه الوعود التزامًا قانونيًا مُلزمًا، يُدرج ضمن دفتر تحملات واضح وموقع، بحيث تتم محاسبة كل منتخب على ما وعد به، ويُتابع قضائيًا بتهمة خيانة الأمانة في حال الإخلال بتعهداته بدون مبرر مشروع.
فبهذا فقط يمكن أن نسترجع الثقة المفقودة بين المواطن والسياسي، ونحوّل الخطاب الانتخابي إلى فعل ملموس وبرنامج حقيقي يخضع للتقييم والمساءلة.

ولضمان تجديد النخب وقطع الطريق أمام “الاحتراف الانتخابي”، يجب أن يُمنع أي برلماني من الترشح لأكثر من ولاية واحدة، حتى تبقى المناصب وسيلة لخدمة الوطن لا غاية للتموقع الشخصي.
كما يجب أن يُمنع كل موظف عمومي من الترشح للبرلمان أو للجماعات الترابية، لأن الجمع بين الوظيفة العمومية والمسؤولية الانتخابية يُحدث تضاربًا في المصالح ويعيق مبدأ تكافؤ الفرص. فالمسؤول الإداري ينبغي أن يتفرغ لخدمة موقعه الوظيفي، ويترك المجال لمن يرغب في الانخراط في العمل السياسي من خارج الإدارة العمومية.

إن تطبيق هذا التصور القانوني والأخلاقي الصارم كفيل بأن يُحدث تحولًا جذريًا في الممارسة السياسية ببلادنا، ويُعيد الثقة إلى المؤسسات المنتخبة، ويجعل المواطن يرى في منتخبه قدوة في النزاهة والعلم والمسؤولية.
فحين تُربط المناصب بالكفاءة، وتُقيد الوعود بالقانون، وتُفصل الوظيفة عن السياسة، يصبح الوطن أكبر الرابحين.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.