ملف “المغرب الأخضر” يعود إلى الواجهة… أصوات تطالب بفتح تحقيق في مشروع استنزف ميزانية المملكة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

بعد أكثر من عقد ونصف على إطلاقه كأحد أكبر المشاريع الاستراتيجية في تاريخ المغرب، يعود مخطط “المغرب الأخضر” إلى واجهة النقاش العمومي، ليس بوصفه قصة نجاح كما رُوّج له طويلاً، بل كملف مثير للجدل تُثار حوله اليوم أسئلة ثقيلة عن الكلفة والعائد، وعن من استفاد فعليًا من مليارات الدراهم التي استنزفت من ميزانية الدولة.

فقد تصاعدت، خلال الأسابيع الأخيرة، أصوات من داخل الأوساط السياسية والاقتصادية والحقوقية تطالب بفتح تحقيق شامل ودقيق في مسار تنفيذ هذا البرنامج الزراعي الضخم، الذي وُعد من خلاله بتحقيق الأمن الغذائي، وتثمين الإنتاج الوطني، وتحسين دخل الفلاحين الصغار، لكنه – وفق عدد من التقارير الميدانية – لم يُترجم على أرض الواقع إلا جزئيًا، وبشكل غير متكافئ بين الجهات والفئات.

ويرى مراقبون أن المخطط، رغم ما وفره من بنى تحتية ومشاريع فلاحية كبرى، قد اختزل التنمية الزراعية في منطق استثماري ضيق، يخدم بالأساس الشركات الكبرى وبعض المستثمرين المحظوظين، بينما ظل آلاف الفلاحين الصغار يواجهون مصير الجفاف، وغلاء الأسمدة، وديون الأبناك، في غياب منظومة حقيقية للتأطير والدعم التقني.

ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الميزانية الضخمة التي فاقت مئات المليارات من الدراهم، لم تنعكس بالقدر المطلوب على المردودية أو العدالة المجالية، إذ ما تزال مناطق واسعة من المغرب الزراعي تعيش على وقع ضعف البنيات التحتية ونقص قنوات السقي وغياب العدالة في توزيع الموارد المائية، ما جعل كثيرين يتساءلون:

“هل خُطط للمغرب الأخضر ليكون مشروعًا للفلاحين… أم مشروعًا على حسابهم؟”

كما يتساءل المهتمون بالشأن العام عن مصير ملفات الصفقات والمشاريع التي لم تكتمل، والملايين التي خُصصت لبرامج تكوين وتأهيل لم تُفعَّل كما كان منتظرًا، في وقت باتت الأزمة المائية وتراجع الإنتاج تهدد الأمن الغذائي الوطني.

في خضم هذا الجدل، تتعالى الأصوات المنادية بضرورة إجراء افتحاص شامل ومستقل لمختلف مكونات مخطط “المغرب الأخضر”، والوقوف على مدى احترام الحكامة المالية في تدبير موارده، وتحديد المسؤوليات إن وُجدت اختلالات أو سوء تدبير، باعتبار أن المال العام ليس مجالاً للمجاملات أو الغموض، بل ركيزة للثقة بين المواطن والدولة.

ويرى كثير من الفاعلين أن إعادة النظر في هذا الملف لا تعني محاكمة الماضي بقدر ما تعني التأسيس لمرحلة جديدة، تُبنى على تقييم شفاف ومسؤول، يُصحّح الأخطاء، ويضع الأسس لمشروع فلاحي وطني أكثر عدالة واستدامة، يستجيب لتحديات المناخ ويضع الإنسان – لا الأرقام – في صلب التنمية.

فهل يشهد المغرب أخيرًا مكاشفة حقيقية حول ما جرى في كواليس “المغرب الأخضر”؟
وهل يكون التحقيق في هذا الملف بداية لتصحيح مسار التنمية الفلاحية؟
أسئلة تبقى مفتوحة، لكن المؤكد أن الزمن القادم لا يحتمل الغموض… ولا مزيدًا من الهدر في المال العام ولا في الثقة الوطنية.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.