لغز جريمة “بوخراص” التي أطفأت ابتسامة شاب وأغرقت دوار الزاوية في حداد طويل

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في صباح 11 ماي 2015، لم يكن دوار الزاوية بجماعة اثنين أكلو يتوقع أن يستيقظ على واحدة من أبشع الحوادث التي عرفتها المنطقة. كان كل شيء هادئاً كعادته، قبل أن يصل خبر العثور على جثة قرب قنطرة “بوخراص” بأفتاس، في مشهد صادم دفع الساكنة إلى الخروج من بيوتها بحثاً عن فهم أولي لما يجري. دقائق بعد ذلك، بدأت قوات الدرك الملكي والسلطات المحلية في تطويق المكان، بينما انتشرت أسئلة كثيرة بين الأهالي الذين اكتسى وجوههم القلق والذهول.

سرعان ما تبيّن أن الجثة تعود لعبد اللطيف أمرير، الشاب المعروف بابتسامته الدائمة واشتغاله بصمت في العمل الجمعوي داخل الدوار. لم يكن أحد يصدق أن هذا الوجه الطيب أصبح ضحية جريمة بشعة تلقى فيها أربع عشرة طعنة، بينها واحدة اخترقت قلبه، في مشهد أوحى بوجود نية انتقام واضحة أو عنف لا تفسير له.

الغموض ساد منذ اللحظة الأولى. لم يعرف أحد إن كان عبد اللطيف قد تعرض لاستدراج، أم كان هدفاً لحقد دفين، أم أنه واجه المعتدي في لحظة دفاع يائسة انتهت بمأساة. بقيت الأسئلة معلقة بلا جواب، وترك الجاني المكان تاركاً وراءه سكيناً مغروساً في جسد الضحية ودواراً يرتجف من هول الجريمة.

الجنازة التي أقيمت في مقبرة زاوية سيدي وكاك كانت أكبر مما توقعه الجميع. كل الدواوير المجاورة حضرت لتوديع الشاب الذي لم يُعرف عنه سوى محبته للناس ومساعدته للجميع. وبين وجوه المشيعين، كان المشهد الأكثر قسوة ذلك الأب المكلوم الذي بالكاد يستطيع المشي، مستنداً على كتف ابنه الآخر، وهو يتقدم نحو قبر ولده رغم محاولات المقربين منعه خوفاً من انهياره. أصرّ الأب على رؤية جثمان ابنه لآخر مرة، ثم انفجر باكياً قائلاً بصوت مبحوح: “ولدي كان إنسان طيب… والله ينتقم من اللي حرمني منو.”

كان المشهد مؤلماً إلى درجة الصمت، صمت يشبه الصدمة التي لم يغادر بعدها بيت العائلة ولا قصص الناس. فقد رحل عبد اللطيف، لكن الوجع بقي عالقاً في ذاكرة كل من عرفه. شقيقه لخّص حجم الفاجعة بكلمات قليلة لكنها ثقيلة: “عذبونا… وعذبوا ساكنة أكلو كاملة.”

مرت السنوات، وما زالت الجريمة لغزاً بلا حل. لم يظهر الجاني، ولم تنكشف الحقيقة التي تنتظرها العائلة منذ ذلك اليوم المشؤوم. بقي الدوار يتذكر عبد اللطيف كما كان: شاباً يساعد الجميع بلا مقابل، يشارك في كل مبادرة اجتماعية، ويترك أثره الطيب في كل لقاء. لكن نهاية قصته بقيت معلقة، كجرح مفتوح لا تلتئم إجاباته.

جريمة “بوخراص” لم تُغلق… وذاكرة الضحية لم تنطفئ. وما زال السؤال يطارد الجميع:
من قتل عبد اللطيف… ولماذا كل هذا العنف؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.