يعيش الاتحاد الأوروبي، الذي يحتفل اليوم الثلاثاء 7 فبراير 2017،بمرور خمسة وعشرين سنة على التوقيع على اتفاقية ماستريخت التي أعلنت عن ميلاد الاتحاد، في مفترق الطرق بسبب أزمة قد تهدد وجوده.
فالاتحاد الأوروبي يحتفل هذه السنة بالذكرى ال 25 على التوقيع على اتفاقية ماستريخت وهو يعاني من الخروج البريطاني، والأزمة الاقتصادية، والشراكة العبر أطلسية المهددة، وعودة السياسات الحمائية خاصة بعد وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة.
فالاحتفال بذكرى ماستريخت هذه السنة يشكل بالنسبة للقادة الأوروبيين فرصة للقيام بوقفة تأمل لجرد حصيلة مسلسل بناء الاتحاد الأوروبي وإعطاء انطلاقة جديدة لهذا المشروع. فبالتوقيع على هذه الاتفاقية كان الاتحاد الأوروبي قد حقق هدفه المتمثل في إحداث السوق المشتركة وأصبح طموحه بناء الوحدة السياسية. هذا البعد السياسي في المشروع الأوروبي يواجه اليوم انتقادات كبيرة.
فبعد مرور 25 عاما على اتفاقية ماستريخت لم ينجح الاتحاد الأوروبي في تفعيل تصوره المؤسساتي والقانوني لوحدته السياسية. ويرى أصحاب هذا الرأي أن القوانين الفوق وطنية هي التي تعرقل عمل الدول الأعضاء، غير أنه في الواقع نجد أن هذه القوانين لم تجد بعد طريقها نحو التنفيذ، وعلى رأسها الإغراق الضريبي من قبل بعض الدول، وعدم احترام بعض الدول للتوازنات الماكرو اقتصادية في منطقة الأورو، ومؤخرا خرق مجموعة من قواعد حرية تنقل الأشخاص واستقبال اللاجئين في فضاء شنغن.
ويرجع بعض المحللين هذا الالتزام الانتقائي بالقواعد الأوروبية لكون بعض الدول الأعضاء لا تنوي التخلي عن مصالحها الوطنية، والتي تحدد من جانب واحد ما إذا كانت هذه الأخيرة تتلاءم مع مشروع بناء الوحدة الأوروبية في شموليتها.
وهناك من المحللين من يرى أنه في ظل الظروف الحالية، تراجع البعد السياسي للاتحاد الأوروبي لصالح المصلحة الوطنية. ويشكل مجلس الاتحاد الأوروبي نموذجا لهذا التراجع حيث تسعى كل دولة للدفاع عن مصالحها الضيقة.
ومن بين مظاهر الصعوبات التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق الاندماج السياسي، الأزمة اليونانية في 2015، حيث كان هذا البلد على وشك التصويت لفائدة الخروج من منطقة الأورو. هذه الأزمة أبانت على أن بلدا صغيرا مثل اليونان قادر على زعزعة المجموعة الأوروبية بأكملها.
وبالإضافة إلى البعد السياسي، ظلت اتفاقية ماستريخت بعد 25 سنة على المصادقة عليها عاجزة على تحقيق التكامل المالي والضريبي والاجتماعي للاتحاد الأوروبي.
فخلافا لما تم الإعلان عنه بعد التوقيع على الاتفاقية، لم يفرض الأورو نفسه كبديل حقيقي للدولار. فعلى مستوى الأسواق والمعاملات الدولية، واحتياطات البنوك المركزية الأجنبية، لازال الدولار هو العملة المهيمنة، كما يشكل أزيد من 60 في المائة من احتياطات العملة في العالم.
فخلال الذكرى ال 25 لقمة ماستريخت الذي احتفل بها في دجنبر الأخير، اعترف جان كلود يانكر ” أنه لا يزال يتأسف لعدم بذل مزيد من الجهود من أجل تنسيق حقيقي لسياساتنا الاقتصادية المالية والضريبية”.
وتنضاف إلى هذه النقائص، الضربة القوية التي تلقاها الاتحاد الأوروبي بعد الخروج البريطاني في يونيو 2016 عن طريق استفتاء، وهو ما أعطى حجة للمشككين في الوحدة الأوروبية للترويج لأطروحة عدم إمكانية بناء مشروع أوروبي موحد سياسيا واقتصاديا يحظى بالمصداقية.
الملاحظ جورنال/ و م ع