” الحوار مفتوح، والتواصل مستمر مع سلطات إقليم تافراوت ومسؤولين عن منجم آقا للذهب، حول تحديد المسؤوليات، والنظر في الحاصل من خطر التهديدات البيئية التي بلغت اللون ما بين البرتقالي والأحمر بدوار إنلوى، منذرة بحدوث الأسوء الذي نعمل بمعية تلك الجهات على تطويقه، خصوصا، وأن ظواهر ذلك قد بدأت تجليها الوقائع على الأرض، اختفاء لأنواع حيوانية ظلت مرافقة لإنسان الدوار، وإصابات مزمنة بالجهاز التنفسي، وحالات وفيات بين البشر، جميع هذه المخاطر دفعت إلى تحرك المجتمع المدني بالدوار، والذي عرف انقساما في مواصلة إبقاء المشاكل البيئية المطروحة بنفس الدوار في واجهة الحدث المحلي، بعد كل ما حققه في بداية تشكيله من انسجام وتكامل في الدفع بهذه القضايا نحو حل متوافق عليه، وبما يخدم صالح الدوار “، يقول ” حسن ” عضو جمعية ” إنلوى تكراكرا للتنمية والتعاون “.
إنلوى : المجتمع المدني استغاثة في مواجهة انكسار بيئي
في ذروة استشعار الخطورة، وتواتر مظاهر العجف البيئي، وضمن سياق إدماج الساكنة في محيطها، تبعا لخطاب العهد الجديد الذي يضع في صلب أولوياته تمكين الساكنة من التعبير عن وجودها في تمثلاته الثقافية / السياسية، الإقتصاية / الإجتماعية، انخرط الأهالي بدوار ” إنلوى ” في ترجمة هذه الدعوة التي تجعل من المجتمع المدني شريكا في تأمين مكتسبات التأسيس لمبادئ الحكامة الرشيدة للمقدرات الحقوقية التي عمل دستور المملكة للفاتح من يونيو 2011 على تنزيلها، وفتحت أمام المجتمع المدني هامشا أكبر للتحرك والإنخراط في خلخلة العلاقة بين السلطة والمجتمع المدني الذي ظل مشتتا، ميالا إلى التنظيمات الحزبية أو الموالية العاملة في خدمة السلطة، أكثر منها إلى العمل الجمعوي ذي الهدف الإجتماعي القائم على وظيفة التتبع والمتابعة للأنشطة التي تعمل على تجويد الحياة العامة للمواطن، وحيث في إطار من تلك التوجهات المؤسسة لدمقرطة المجتمع، تأسست في العام 2004 جمعية ” إوريرن للتنمية والتعاون “، والتي كانت أول جسر يمد للربط بين الأهالي وسلطات تافراوت، من خلال إثارة المسألة البيئية التي يطرحها منجم ” آقا للذهب “، الذي أصبح حسب توصيف بعض من الأهالي الذين التقتهم الجريدة بمراكش، يمثل إتلافا للغطاء البيئي بالدوار، وبكيفية خاصة بعد ” أن جف الحوض المائي للدوار، جراء حبس تدفق مياه العين المزود للدوار بالماء الشروب لمدد زمنية، وعودة تدفقه من جديد بتدخل من الأهالي الذين أزاحوا عن مدفع العين ما حال بفعل فاعل دون جريان الماء إلى الحوض “، يقول ” محماد ” عضو سابق بجمعية ” إوريرن للتنمية والتعاون “، وأحد مؤسسي جمعية ” إنلوى تاكراكرا للتنمية والتعاون”، التي جاء تأسيسها في العام 2012، ردا على ما اعتبره أعضاؤها ” إخلال بعض أعضاء مكتب جمعية إوريرن للتنمية والتعاون بالقانون المنظم للجمعيات والقانون الأساسي للجمعية، حيث قاموا في ذات السنة بانتخاب مكتب جديد للجمعية، دون الرجوع إلى الجمع العام والدعوة إليه، و بتواطؤ مع السلطات، وحيث كان هذا الخرق في تاريخ 6 شتنبر 2012، موضوع محرر إلى وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية بتزنيت، قيادة أفلا إغير، عمالة تزنيت، طالب في شكايته بعد عرض الخرق المفضوح في انتخاب رئيس الجمعية، وصمته عن المطالبة كما أوردت ذلك الشكاية، عن المطالبة بمعالجة الأمور العالقة مع إدارة منجم آقا للذهب وما يعترض الدوار من تأخير في التنمية، طالب المحرر بحل الجمعية وتجديد الحسابات بعد تسليمها“، يوضح ذات المصدر.
هذا التأسيس لإطار جمعوي مدني جديد ، تبث وجوده المسألة البيئية التي تظل مجال التدخل الوحيد لجمعية ” إنلوى تكراكرا للتنمية والتعاون”، وذلك من خلال مواصلة أعضاءها تعميق التعاون مع إحدى الجمعيات الفرنسية وتدخلها البيئي بالدوار، حيث كانت من ثمار هذا التعاون عملية التشجير التي همت ” شجرة الأركان والخروب “، و ” السقي بالتنقيط “، استنادا على ما أفادت به ذات المصادر، التي أضافت قولها، بأن ” الجانب البيئي بالدوار يتعرض إلى التدمير، ومن ثمة، فإن الإهتمام به في سياق اشتغال الجمعية، يمثل اهتماما بالإنسان وحياته التي أصبحت أكثر عرضة للتلف، وأكثر استئصالا لإكسير وجوده، بالنظر إلى التداعيات السلبية الناجمة عن مخلفات منجم آقا للذهب، والتي أضافت تعقيدات جديدة إلى الأخرى الناتجة عن ظاهرة الإحتباس الحراري والتصحر وزحف الرمال “.
إنلوى : تواصل بنتائج وعود عرقوبية
سعي هذا التبليغ الذي يروم تجنيب دوار ” إنلوى ” ما يصفه الأهالي الذين التقت الجريدة بمراكش بعضا عنهم، كارثة بيئية بدت انعكاساتها تؤشر على منحى وقوعها في سلم ترتيب الحدوث، حيث تسجل مجموعة من الوقائع التي تحيل على مستويات التراجع البيئي بالدوار، سعي ذاك التبليغ، مثله اجتماع سلطات ” تافراوت” مع فعاليات المجتمع المدني في 12 من أكتوبر 2012، والذي جاء ردا على إرسالية الداخلية في 10 من شتنبر نفس السنة في شأن شكاية سكان دوار ” إنلوى “، وتمحور حول ” مسلسل التنمية المستدامة، وكذا اهتمامات سكان جماعة ” إفلا إغير على العموم وسكان دوار إنلوى على الخصوص، ودراسة المشاكل المطروحة من طرف الساكنة، والتي تعرفها المنطقة في المجال البيئي“، تقول إرسالية عامل إقليم تزنيت إلى وزير الداخلية.
الإجتماع الذي عقد بدائرة تافراوت، ضم إليه بالإضافة إلى السلطة المحلية وممثلي الجماعة القروية ل ” أفلا إغير”، المصلحة الجهوية للبيئة والمديرية الإقليمية للتجهيز والنقل وملحقة الوكالة الحضرية والمندوبية الإقليمية للسكنى والتعمير وسياسة المدينة والمديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والمديرية الإقليمية للمكتب الوطني للكهرباء والمندوبية الإقليمية للصحة والمصلحة البيطرية وممثلين عن إدارة المنجم وممثلي أقسام التعمير والبيئة والشؤون الإقتصادية والتنسيق بالكتابة العامة بالعمالة، ورئيس وأعضاء عن جمعية ” إوريرن للتنمية والتعاون ب ” أفلا إغير”، تمخضت عنه، كما تشير إلى ذلك ذات الوثيقة التي تتحوز الجريدة على نسخة منها، مجموعة من الترتيبات في شكل توصيات، والتي سيتم رصدها لمعالجة الوضعية البيئية ب ” دوار إنلوى ” خاصة وجماعة ” أفلا إغير ” عموما، وتهم قطاع الخدمات ” الإنارة – دراسة إمكانية بناء نقطة التقاء صحية بالدوار – المشاركة في القوافل الطبية” وفي القطاع البيئي ” مراقبة جودة الماء الشروب بصفة دورية- مراقبة مكونات شبكة توزيع المياه – تقوية عملية التشجير حول وقرب موقع البقايا المعدنية – مطالبة إدارة المنجم باحترام المعايير البيئية “,
هي التوصيات التي يؤكد تدخل المصدر، على عدم إلتزام أطراف اجتماع 12 أكتوبر من السنة 2012 على ما تم الإتفاق عليه، حيث يظل كل ما فعل عن هذا الإجتماع توصية ” إجراء دراسة على جودة الماء الشروب والهواء والتربة”، أقرت بوجود سلبيات على المحيط البيئي ب ” إنلوى “، استنادا على ما ذكره نفس المتحدث، الذي لم يخف ترشيح الوضعية البيئة إلى مزيد من التدهور، خصوصا، وأن الأهالي قد عاشوا قبل عام مآسي اجتماعية مؤلمة، جراء تفشي الأمراض ووقوع حالات وفاة بين الصغار وسقوط الأجنة من حشا حوامل، كنتيجة مترتبة عن التلوث البيئي الذي مصدره كما في اعتقاد الأهالي منجم ” آقا للذهب “، حيث في هذا السياق تبرز حالتان من بين أخرى عديدة، تجسدان معاناة الدوار مع واقع التغير البيئي الذي حصل عليه، ” علي ” المكلوم في صغيره و ” ياسين ” الذي أسقطت زوجه لأكثر من مرة، ونتائج الحادثين ومطالب أهالي الضحيتين خصوصا “علي” في ما بعد الوفاة التي وارت الإبن بعيدا عن الرؤية، عن اللمس، عن سماع حسيسه الذي أقبره الموت، فما كان المطلب ؟
منجم آقا للذهب : أزمة اجتماعية تطال السلامة الصحية
في بحث مضني للحصول على إقرار، بأن منجم أقا للذهب، خلف فاجعة تتالي سقوط ضحايا بين أطفال قرية ” إنلوى ” التابعة لتراب قيادة ” أفلا إغير ” الخاضعة لنفوذ دائرة تافراوت بإقليم تزنيت، لا يزال “علي ” المفجوع في فقد ابنه ذي العام الحادي عشرة، يطارد شظى من أحلام الخسارة التي غذت تحلق ثاوية جثامين بدأت تتعرج على طفولة تجمع الذاكرة من حصاد أول سنين الإدراك، أو الأجسام الطاعن في العمر، التي تداعت، وامتدت تلاحق أسر القرية، قد أصبحت جزءا من واقع أبتليت به، منذ اكتشاف منجم ” أقا للذهب ” في العام 1978، وشهد أشغال تنقيب عن الذهب في العام 1979، ثم الإستغلال سنة عن نهاية القرن 20، وذلك في العام 1999، فبداية الحديث عن أزمة اجتماعية طالت السلامة الصحية ، وأنبأت في العام 2000 بانتشار وباء قاتل لم يجد أهل القرية تسمية له غير تلك التي لها نظيرا اعترائيا، في التشخيص التقليدي، فتم تمييز المرض الذي يعرف علميا تحت مسمى ” الإلتهاب الفيروسي للكبد “، ب ” بوصفير “، لتشابه أعراض هذا الداء مع مختزل الطب الشعبي في معرفة الأمراض، فقد يكون غير هو، ف ( بوصفير )، يقول علي ” يظل مرضا فاتكا، مهشما للحياة في كنف المجتمعات ذات القدرة المحدودة، والخبرة المطلوبة للسيطرة على الداء، والتي تعتمد على الوسائل التقليدية في التشخيص الذي قد تجانب نتيجته المتحصل عليها بالعين المجردة في تعيين الحالة بذاتها، وعلى العلاج الذي قد يكون غير الأنجع في الإشفاء من الداء، مثلما يحدث بقرية ( إنلوى ) “.
هذه القدرة المحدودة، وبهذه المواصفات هي ما يزال يفعل في ترتيب التعامل مع مرضى القرية، وفي جميع الإصابات عموما، حيث هشاشة بنيوية ذات علائق بالمجتمعات البدائية التي تحضر صورها، تجسيداتها، التي تتمثلها كافة مناحي الحياة العامة ب ( إنلوى )، حسب توصيف ذات المصدر.
وتظل هذه المخافة بحسب رواية ” علي بلقاس”، قائمة، ومحتمل تفاقم الوضعية بسبب من استدامة العمل بمنجم آقا للذهب، وأمام عدم اتخاذ ما يكفي من الإجراءات الوقائية التي من شأنها إضعاف احتمالات الإصابة بالداء، أمام توافر معطيات ذلك الخصيبة، والوليدة عن نفايات المنجم الكيماوية التي أضافت إلى عناء الحفاظ على بيئة ثقافية واجتماعية سليمة، وطبيعية شحيحة ، والموصوفة أصلا بالفقر، عبئ البحث عن محصنات الحماية للرصيد البيئي بالمنطقة في مجموع التراب الواقع تحت نفوذها، بحيث أن الغطاء النباتي الذي يغطي جماعة تافراوت عموما، يتكون من بعض أشجار اللوز والزيتون، وشجرة ” أركان” التي تمتد على مساحة 2953 هكتارا، والخروب، فيما تلعب النباتات الشوكية دورا أساسيا في الحفاظ على التوازن الطبيعي بالمنطقة، من خلال تقوية الأرض وحمايتها من انجراف التربة، وتشكيل مراعي على مساحة تبلغ 1143 هكتارا، تتسيده نبثة الزعتر والدغموس والصبار وإركل وإفرسكل، بينما الموارد المائية، تكاد تتميز بالمحدودية، في انعدام المياه السطحية، وذلك في غياب السدود والسدود االتلية، والوديان والعيون، وبحيث يظل الوادي الذي يخترق الجماعة جافا، وحيث أهم مصدر مائي بالجماعة، تمثله فرشاة مائية جوفية تتباين في أهمية مخزونها بين أجزاء المنطقة، ويدفع بالتالي أهالي الجماعة بمختلف الدواوير إلى الإعتماد على الآبار والظفائر للتزود بالماء الشروب، بحسب ما توفره معطيات البوابة الإليكترونية للجماعة .
إنلوى : القرية التي يعليها وميض الذهب وينحدر بها حسيس مميت :
محدودية الغطاء النباتي في حجمه وتنوعه والمساحة التي يغطيها وفي مواردها المائية، بمجموع الجماعة التي يقع تحت نفوذها دوار ” ” إنلوي “، وفي ظل غياب الرعاية الوقائية والسلامة الصحية، من شأنها أن تعمل على تكاثر أسباب انتشار المرض، وإفراز أخرى في ديمومة استشراء المعالجة الكيميائية للمادة المستخرجة ” ذرات الذهب “، وما تخلفه عملية المعالجة الكيميائية من رواسب ضارة بالأمن الصحي، إن على مستوى الغطاء النباتي ومصادر المنطقة المائية ، ومردودية التربة، ويبوسة الطقس، أو على مستوى الكائن الحي الذي ينشط بها ” الإنسان والوحيش “، اللذان يواجهان مغبة الإنقراض بالنسبة للوحيش، الذي انقرض منه بالفعل ” الغزال – أوداد – الضب أو أكجيم في تسميته الأمازيغية – النحل”، فيما تناقص ” الأرنب – الحجل – الكدري”، وحيث لم يبق صامدا من الطيور غير ” الجاوج أو تمعيوط في تسميته الأمازيغية “،والرحيل واختيار هجرة اللا عودة التي بدأت ملامح اختيارها تراود الأهالي، وتكتسح أفق الحياة لدى شباب دوار ” إنلوي”، كما عبر عن هذا الإختيار “ياسين” الذي استقر بمراكش ونقله عنه مصدر صحافي، بعدما فجع بسقوط جنين زوجه ل ” ثلاث ” حمل، أكد في آخرها الطبيب الذي عرضت عليه حالة الزوجة، بأن الإسقاط ناتج عن ” البيئة الملوثة التي يتكون فيها الجنين بأحشاء زوجه، حيث قال لذات المصدر عن اختياره هجرة القرية والإستقرار بمراكش ” ما شي ما بغيت بلادي، بزز مني خويت الدوار“.
وإذا كان الحرمان من الخلفة، كما تتعدد نماذجه بقرية ” إنلوي ” سببا في اختيار الهجرة، فإن ” اختيارها يبقى أكيدا في حالة الفقد للأبناء الذين ولدوا وقطعوا مرحلة من مراحل نموهم العمري الطبيعي، وذلك كون هذا الإختيار احترازيا للنجاة بالأبناء من هول الإصابة بداء الموت، وإفجاع الأهالي في نفوسها، نتيجة ما يحذق بالدوار من خطر يهدد السلامة البدنية في صحتها التي تواجه ظروفا معيشية صعبة وغير مشجعة لضمان استمرار إنسانها في بعده الثقافي، بفعل قساوة الطبيعة التي زادها نشاط المنجم وما يخلفه من نفايات ضارة، خطورة “، كما حاول أن يعبر عن ذلك ” علي بلقاس ” المفجوع في ابنه ذي الإحدى عشرة ربيعا، والذي لا يزال في رحلة بحث مستمرة للتحوز على الملف الطبي لابنه الذي غادر إلى دار البقاء منذ ما يزيد عن السنة بأشهر، حسب الوثيقة الصحافية للمصدر الصحافي مجلة ” هسبريس ” التي قامت حينها بإنجاز تحقيق في موضوع ” منجم تافراوت للذهب : أنفاق تغني وتقتل “، ونشرته ضمن العدد 8، في 28 فبراير 2013، وحيث قام في مسعى الحصول على تلك الوثيقة بتوجيه مراسلات إلى جهات متعددة، لإخراج هذا الملف من نفقه المظلم، ومعرفة حقيقة أسباب الوفاة التي يرجح فيها ، فرضية نقل الإبن للإصابة المميتة من المخلفات الكيميائية لمنجم ” آقا للذهب “، والتي في حالة عدم الحصول عليها ” الوثيقة الطبية”، يصبح المرجح أكيدا، ويصبح معها التستر مقصودا، والتعتيم عليها مدبرا، سيما، وأن تلك الجهات تنأى بعدم تدخلها للكشف عن الملف الطبي للإبن الفقيد، أو على الأقل الرد على موضوع المراسلات بما يواكب ويتماشى مع المبدإ الدستوري، القائل بحق المواطن في الحصول على المعلومة، يبقى صمت تلك الجهات مغلفا بمنطق الحجز على تفعيل ما يذهب إليه دستور المملكة للفاتح من يونيو 2011، كيف ذلك؟
إنلوى : طي – كثمان: إلهاء إلى حين نسيان
يبقى السعي حثيثا، وطلب معرفة ما استخلصه الكشف الطبي الذي أجري على الإبن، وهو ينازع الموت، مطلبا للتحصل عليه وجه ” علي بلقاس “، مراسلات التعضيد وتقديم المساعدة، كما قال، إلى أكثر من جهة، ظل عدم الرد عليها، يجعله مستمرا في ترديد نفس العبارة الإستدراكية التي أوردها ذات المصدر في تحقيقه، ” اللهم إن هذا لمنكر، هاد المنجم قهرنا “، عبارة تؤجج لديه شعور الإعتقاد، بأن المنجم سبب الإصابة التي عرضت ابنه للموت، حيث لا يخف امتعاضه من الجفاء الذي قوبلت به مراسلاته إلى تلك الجهات، ” محلية في شخص قائد قيادة ” أفلا إغير ” ورئيس دائرة ” تافراوت “، إقليمية في شخص عامل ووكيل الملك ب ” تزنيت “، وطنية في شخص وزير الصحة ، ووزيرة التضامن والأسرة، وحقوقية”، دون أن تجد مساندة، أو قليل اهتمام، خصوصا وأن الشقة بدأت تتباعد عن حادث الوفاة الذي لا يزال تأثيره يعمل متجنيا على قدرة تحمل المصاب، واعتباره في حكم القضاء والقدر، كما أفاد بذلك ” علي بلقاس” الذي يرى في عدم الإنتباه لمراسلاته، وإبطاء الجهات التي راسلها في موضوع الحصول على الكشف الطبي الذي خضع له ابنه قبل وفاته، تسويفا يفتح المجال لتأول موقف هذه الجهات، والتي أقربها إلى هذا التأويل، تفسيرات ” الطي – والتكتم – والإلهاء إلى حين نسيان”، طي حقيقة أن الوفاة ناجمة عن الآثار السلبية للمنجم، على المحيط البيئي الذي بالإضافة إلى ما يشكله من مصدر اعتياش أهالي الدوار، ومرتعا للوحيش الذي يعتبر أحد روافد هذا الإعتياش، فضاء لهو ولعب للصغار الذين لا يدركون أن في تلبية احتياجاتهم الطبيعية بالخلاء، أو إشباع نهم من ظمئ أو ثمار مستقطف بهكذا فضاء، تنطوي على خطورة الإصابة بالداء القاتل، باستعمال موارده التي حتى في حال تعقيمها تبقى حاملة لمستويات متفاوتة من الخطورة التي تبدو آثارها خصوصا على ضعاف المناعة التي تكون في أدنى مستوياتها لدى الصغار والمسنين، إذ تنتشر بين هذه الفئة من أهالي الدوار أمراض ” ضيق التنفس – حساسية الجلد والعينين – الأنف والحنجرة “، فضلا عن تسجيل حالات سقوط للأجنة بين عديد من الحوامل، وضعف نمو الأطفال والإحساس بالعياء، كما أورد مصدر صحافي في تحقيق له في عنوان ” إتلوي .. قرية الذهب والغبار بتزنيت “، وهي الأمراض التي يرجعها أهالي الدوار، كما يصف ذلك ذات المصدر، إلى التلوث الذي تحدثه بركة وصفها بالضخمة، لا تبعد عن الدوار إلا بعشرات الأمتار، قالوا عنها بأنها من مخلفات المنجم، ينبعث عنها غبار وروائح كريهة، ناهيك، عن تمكن الأمراض التي عادة ما تصيب الصغار، وانتقال درجة خطورتها إلى المستوى المميت.
أمر يقول عنه ” ع – أ ” فاعل صحافي من مراكش ( يدعو إلى طرح السؤال حول نجاعة اللقاحات بالمنطقة، والتي منها ما يؤخذ عن طريق الفم أو الحقن، وتعمل الدولة منذ سنوات على تطعيم السلامة الصحية للصغار وتمنيعهم من خلالها من الأمراض العشرة الأكثر فتكا بهذا العمر، عند الولادة ” لقاح bcG ضد مرض السل، ولقاح التهاب الكبد الفيروسي B، ولقاح الدفتيريا ضد ” الخناق – والتيتانوس أي الكزاز والسعال الديكي”،ولقاح شلل الأطفال” إلتهاب النخاع السنجابي “، لقاح المستديمة النزلية من النوع ” B ” ولقاح المكورات الرئوية HIb B في عمرالشهرين، لقاح شلل الأطفال OPV ولقاح المكورات الرئوية PCV في عمر الشهر 4 و 6، ولقاح جذري الماء ولقاح التطعيم الثلاثي ضد ” الحصبة – النكاف والحصبة الألمانية ” MMR”، في عمر 12 شهرا، إلى إكمال الرضيع 18 شهرا )، وحيث يصعد سؤال عميق حول ( هل يخضع أطفال الدوار إلى هذا النظام الوقائي الذي من شأنه أن يخفف من داء الإصابة بالمرض، خصوصا مرض الإلتهاب الفيروسي للكبد ( بوصفير )، علما أن أهالي الدوار يوجهون تهمة أن المنجم يمثل القاعدة الخلفية لانتشار الداء، سيما بعد ما تعرضت له بيئته الطبيعية من تحلل، وتلويث للمصادر التي تتغذى عليها، وطرأ على جيولوجيته من ظهور حفرة تشكل مطرح النفايات الكيميائية التي يلفظها المنجم، هذه الدوافع جميعا تجعل من تكثيف حملات السلامة الصحية والنظام الوقائي من الإصابة بالأمراض العشرة التي تشكل خطورة كبيرة على حياة الصغار بالدوار، بل تسنيدها بتدخل علاجي ووقائي استثنائي يطال المعروشات والإنسان ب ” إنلوي “ ) يقول ” ع – أ ” فاعل صحافي من مراكش .
إذا كانت منازلة سلبية الوضعية الصحية ب ” إنلوي “، كما ورد في التدخل المدرج تتطلب في نطاقه معالجة ” الإستثناء ” بمعناه الإيجابي، بما يفي بالإحتياجات الصحية للأهالي، ويخدم السلامة البيئية، ويضمن بالتالي المحافظة على الإستقرار والعيش ضمن مناولة ” المواطنة “، وضمن سياق ” الحياة الكريمة “، وفي إطار مراعاة المصالح الوطنية التي يقوم بها المنجم، فإن ترشيد الإستغلال بما يراعي المكون البشري والثقافي والبيئي للدوار، بات من الأساسيات التي يقتضيها إحداث التلاؤم بين توظيف محركات التنمية الإقتصادية بالمنطقة عموما، والمصالح المرسلة للأهالي، والتي لحقها العطب، وضمنها المسألة ” العيشية “ التي ترزح تحت أرزاء غياب نظام وقائي وحمائي مما يكتسح المناخ البيئي من ترسبات الإستغلال التي تضع الأهالي بين إشعاع الذهب وشعاع الموت، اللذان يفتلان إرهاصات ابتعاد جماعي، وإعادة انتشار ضمن خريطة التجمعات السكنية التي تلبي احتياجات العيش السليم، والذوبان في منتوجها الذي يعني الإندماج القصري في محيطها تخل عن الهوية في حدودها الضيقة، والمرتبطة بخصوصيات عيش الدوار، وتميزه عن النظام العام الذي يسود دائرة تافراوت التابع لها
فهل يعني ما تناقله أهالي الدوار في الآونة الأخيرة، من أن المنجم قد أوقف محركات الإستغلال به، يدخل في إطار تحييد عوامل الإندثار البيئي ب ” إنلوى “، والمحافظة على هوية هذا النموذج العيشي وخصوصياته وتميزه،؟ أم أن الأمر متعلق بإحداث ملائمة بين الإنتاج وتوفير الشروط البيئية التي من شأنها بلورة خطة كمينة بتحقيق التوافق بين الإستغلال والحفاظ على الوجود البشري بالدوار، مادام أن الحديث عن وقف الإستغلال بالمنجم، هو توقف جزئي، غير تام، إذ يعاين الأهالي، أن المنجم، وإن لم تعد تنشط به عملية استخراج الذهب، فإن المنجم لا يزال يشتغل بالموقع على المادة الخام المستجلبة من مناطق أخرى، ما يعني معه، أن الدوار لن يتخلص من نفايات المواد الكيميائية المستخدمة في التصفية، بحيث سيظل مطرحا لها، والمسألة في موقف المطالبة بإغلاق المنجم، تتلخص في أن الخطر ليس في الإستغلال، بقدر ما هو حاصل حول طريقة وأسلوب التخلص من نفايات المعالجة للمادة، مستخرجة من الموقع أو مستجلبة إليه، ف ” رغم أن الشركة تقول بأنها أوقفت أوقفت العمل بالمنجم، فإنها تقوم بإحضار المادة المعدنية المستجمعة من مناطق أخرى، ومعالجتها ب ( إنلوى )، ما يعني، بأن التلوث مستمر، وهذا ليس معقولا، وأن سلامة البيئة بالدوار لا تزال مهددة، خصوصا على الموارد المائية التي تتأثر بالقمامة المترتبة عن عملية تهييء الآبار للحفر”، يقول ” حسن ” عضو جمعية ” إنلوى تكراكرا للتنمية والتعاون “.