رغم وعود الانفراج: أسعار اللحوم تواصل ارتفاعها والجزار أكبر المستفيدين
رغم مرور أشهر على إعلان الحكومة اتخاذ تدابير للحد من غلاء أسعار اللحوم الحمراء، لا تزال الأسعار تراوح مستويات مرتفعة في مختلف الأسواق الوطنية، وسط تذمر متصاعد من المواطنين الذين يواجهون تآكلاً مستمراً في قدرتهم الشرائية.
ففي الوقت الذي يتراوح فيه سعر لحم البقر ما بين 100 و120 درهماً للكيلوغرام، وسعر لحم الغنم فوق 130 درهماً في بعض المدن، تساءل كثيرون عن الأسباب الحقيقية وراء استمرار هذا الارتفاع، رغم الدعم المخصص لاستيراد العجول والتسهيلات المقدمة للمستوردين.
الجزار.. الحلقة الأقوى في سلسلة التسعير
وبينما تُوجه أصابع الاتهام أحياناً إلى الوسطاء أو مربي المواشي، يرى مهنيون أن الجزارين هم اليوم الحلقة الأكثر استفادة من هذا الوضع. فقد تحوّل عدد منهم إلى فاعلين يتحكمون في التسعيرة النهائية، خاصة في غياب مراقبة صارمة من المصالح المختصة.
مصدر من داخل القطاع قال في تصريح خاص: “هناك جزارون يشترون الذبيحة بثمن معقول لكنهم يبيعون اللحم بهوامش ربح كبيرة، مستغلين ضعف الرقابة وغياب تسقيف للأرباح”.
وأضاف المصدر أن بعض الجزارين “يفضلون مواصلة البيع بالسعر المرتفع رغم استقرار السوق نسبياً، معتبرين أن المواطن اعتاد على السعر الجديد، وبالتالي لا مانع من الاستمرار في تحقيق أرباح مضاعفة”.
غياب المنافسة والرقابة يفاقمان الأزمة
ويرى مراقبون أن ضعف تنظيم القطاع، وغياب تسعيرة مرجعية وطنية، إضافة إلى تفاوت الأسعار بين المدن، كلها عوامل تجعل من التحكم في السوق أمراً معقداً. كما أن الإجراءات الحكومية، وإن اتسمت بالنية الحسنة، لم تواكبها إجراءات رقابية حازمة على الأرض لضمان انعكاس الانخفاض على المستهلك.
مواطنون يدفعون الثمن
في المقابل، يعاني المواطن البسيط من آثار هذه الأزمة، حيث باتت اللحوم الحمراء خارج متناول شريحة واسعة من الأسر، ما أثر على نمطها الغذائي ودفع بعضها إلى تقليص الاستهلاك أو الاستغناء عنه تماماً.
في انتظار حلول جذرية
أمام هذا الواقع، يطالب المهنيون الحقيقيون والمستهلكون على حد سواء بضرورة إحداث لجنة مشتركة لمراقبة الأسعار من الذبح إلى البيع بالتقسيط، ووضع تسعيرة تأطيرية عادلة تراعي مصالح جميع الأطراف، دون أن يكون المستهلك الحلقة الأضعف.