في خضم الأزمة الواقعة بين مدريد والرباط، عرفت الأيام الماضية تصاعد مطالب مجموعة من الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني بضرورة استعادة مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين من طرف إسبانيا، وعودتهما للسيادة المغربية من جديد، في المقابل أبرزت عدد من الصحف الإسبانية، أن مدريد تعتقد أن اعترافها بمغربية الصحراء سيجعل المملكة تطالب بالمدينتين المحتلتين فيما بعد.
وقال كريم عايش، الباحث في القانون والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، وعضو المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الدولية والتشاركية، في تصريح لوسائل الإعلام، أن اسبانيا تعي جيدا أن المغرب لا يطالب بالصحراء، بل تعرف أنه يعتبرها جزءا منه بسبب الروابط التاريخية والسياسية، وهي تدرك المغرب قطع أشواطا كبرى في سبيل طي الملف بصفة نهائية.
وأضاف عايش، أن الاعتراف الامريكي بسيادة المغرب على صحراءه، لم يكن بحسبان مدريد، وصفعت كما صفع خصوم أخرون بهذا القرار السيادي الأمريكي، وأنه عليها أن تعمل كل ما في جهدها من أجل ارجاع عجلة الزمن إلى الوراء، وهو أمر بات مستحيلا الأن بسبب عدم اكثرات الادارة الامريكية لمكالمات وزيرة الخارجية الاسبانية، ولا حتى سعي رئيس الوزراء الاسباني لقاء بايدن مما يجعلها الأن في موقف لا تحسد عليه، وهي التي طلبت تدخل الولايات المتحدة بسبب أزمة جزيرة ليلى انذاك مما كان مؤشرا على ان مطالب المغرب مستمرة وثابتة.
وأبرز الباحث في القانون والعلوم السياسية، أنه لا أعتقد أن المغرب يقايض حقوقه وأراضيه، بكون أن الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، اقترح ألية حوار تشاركية للتفكير في مستقبل المدينتين، وسعى المغرب الى الانخراط في مسلسل نقاش دبلوماسي بهدف التفاعل حول مطالب المغرب بخصوص المدينتين أولا ثم البقية.
وأشار ذات المتحدث، أن الجانب الاسباني مازال متمسكا بعقليته الاستعمارية وفكره التوسعي بكونه صار أقدم وأكبر دولة اوروبية مستعمرة، ولم يسعفها الانتماء الاوروبي ولا التبجح بالحداثة والتطور والديمقراطية والعدالة الى الاعتذار عن جرائم الريف وتقديم التعويضات لعائلات الضحايا جراء ضربه بالقنابل الكيماوية المحظورة دوليا، وفي التعويضات الالمانية عن جرائم النازية خير مثال عن احقاق مبدأ العدالة الدولية.
وأوضح المتحدث ذاته، أن الأزمة المغربية الاسبانية، أزمة عميقة ومتشعبة، والمغرب عازم على استعمال كل اوراقه ضد اسبانيا طالما تعمدت الاساءة للمغرب واستقبال ابراهيم الغالي ومن تم تهريبه خارج البلاد، واسبانيا متهمة بازدواجية المعايير والغدر السياسي والدبلوماسي، واستقبال شخص أعلن الحرب على المغرب دون التشاور معه وتهريبه وعدم محاكمته لاسترجاع حقوق الضحايا، كما أنها حين طالبت باعتقال بينوشيه واصدر قاضيها مذكرات ضبط واحضار دولية، نسيت أنها هي من قبل مجرم حرب وباوراق مزورة وتسترت عليه وبعدها لم تمكن العدالة من أخذ طريقها ومن تم تهريبه ضدا على كل مباديء حسن الجوار والقانون الدولي، لذلك لن يفاوض المغرب اسبانيا عن اي ملف، ولن تستمر العلاقات كما كانت إلا بالرضوخ لما كلبه المغرب، غير ذلك فلن يكون هناك حديث عن نفط، غاز، تجارة او تعاون من اي شكل ولا علاقات دبلوماسية.
وتابع كريم عايش، أن المغرب لم يرد بشكل رسمي، لكون اسبانيا استعملت طرقا ملتوية معه حين كان واضحا شفافا، لذلك صار المغرب يعتمد سياسة تجفيف ينابيع العلاقات من الجهة التي تربطه باسبانيا.
وشدد المتحدث ذاته، أنه لم يكثرت كثيرا لموقف البرلمان الاوروبي الذي لا يتناغم مع صوت المفوضية الأوروبية، خاصة بسبب علاقتها المتميزة بالمغرب ذي الوضع المتقدم، ولا يمكنه أن يكون هذا البرلمان بشساعته في ندية وحجم مختلف البرلمانات الإقليمية التي ينتمي لها المغرب والتي يموقفها تحشر اسبانيا في الزاوية، وتبرز للعالم أجمع استمرار الفكر الاستعماري التوسعي، وانتشاره في البرلمان الاوروبي بطريقة تسيء لهذه المؤسسة ولعراقة أوروبا، لدى سنرى كل يوم تحركا مغربيا يفاجيء الاسبان ويضيق الخناق عليهم.