*عبد الإله العلواني يكتب: عودة التاريخ

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

*عبد الإله العلواني

كان لانهيار الاتحاد السوفياتي، وسقوط دول أوروبا الشرقية، وظهور دول انشقت عن الاتحاد السوفياتي أو روسيا فيما بعد مع نهاية ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، كان لهذا الانهيار نتائج عميقة على العالم وبداية سياسة القطب الواحد وصعود الهيمنة الغربية، ومظاهرها وأفعالها المتوحشة، حتى أن البعض طرح تساؤل: مادا خسر العالم بانهيار الاتحاد السوفياتي؟

لقد واكب انهيار الاتحاد السوفياتي هيمنة اقتصادية وعسكرية وحروب واحتلالات لبلدان عديدة ، وهيمنة شبه تامة للتحالف الانجليي/الصهيوني. وفقدت العديد من الدول استقلالها السياسي حتى في حده الأدنى، وأصبح سفراء الغرب الرأسمالي بمثابة المندوب السامي يأمر ويطاع حتى في القوانين الداخلية لهذه الدول. لقد كان الحلف الغربي واضحا وضخما وأدى إلى احتلال بلدان عريقة وتدميرها وقتل زعمائها و وأد جيشها وإدارتها وعلمائها، وبقى الحلف “الناتو” الغربي وحده في الميدان بعد تصفية حلف “وارسو“.

وحتى بعض الدول القوية كالصين أبانت عن انتهازية/سياسية، وفضلت المصالح الاقتصادية على أي مواجهة كيفما كانت، وهو ما أدى إلى أن خلال الثلاثين سنة الماضية، كانت أبرز الخطوات التي مارسها الغرب على الدول الضعيفة:

  • احتلال أفغانستان.
  • احتلال العراق بعد حصاره الذي أدى إلى قتل الملايين.
  • مساندة الكيان الصهيوني في احتلاله ونوويته وهيمنته في الشرق العربي .
  • احتـلال ليـبـيـا واغتيال زعمائها.
  • محاولة احتلال سوريا لولا التدخل الروسي!
  • تهديد إيران والاستيلاء على فوائضها المالية.
  • حصار كوريا برا وبحرا وجوا.

هذا دون الإشارة إلى أمريكيا اللاتينية أو ما يسمى بالحديقة الخلفية، وقد انتهى مجلس الأمن وجمعيته إلى مُبصم على القرارات التي يصدرها الغرب برئاسة واشنطن، وواكب كل هذه تنظيرات فكرية ورسمية “صراع الحضارات“الفوضى الخلاقة”. وكان العالم العربي الإسلامي الضحية الكبرى لها، فالعدو الجديد هو الإسلام أو ما اصطلح عليه بـ “فوبيا الإسلام“، فقد اعتقد مُنظرو الغرب أن الأمور انتهت بنهاية الاتحاد السوفياتي، ولما كانوا في حاجة إلى عدو آخر فليس هناك أفضل من الشعوب الإسلامية لممارسة التجربة الجديدة ضد العدو الجديد، فتم تدمير أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا، أما الباقي فقد تم تسليم إدارته تحت المراقبة الشديدة لأشخاص تحت الإشراف المباشر لواشنطن.

ليست قضية أوكرانيا إلا الشجرة التي تخفي الغابة، فالمنطق الذي يدافع به الغرب على “كييف” هو نفس المنطق الذي دمر به هذا الغرب بلدان ذات حضارة سادت لمجرد التدمير والحقد والإحساس بالقوة، فعدد قتلى حرب الخليج وحرب أفغانستان تجاوز الملايين ولا أحد قد اهتم بعددهم، أو حتى بتعزية عائلاتهم إن بقوا أحياء، ومع ذلك فهؤلاء المغول الجدد هم الذين يعتبرون أوكرانيا محتلة، وموسكو معتدية، في حين نسوا ما فعلوه خلال الـ 30 سنة من قتل واعتداء واستغلال واستيلاء على أموال الشعوب وتفقيرها، وصاروا أساتذة في الأخلاق في أزمة أوكرانيا.

والسؤال المهم: أين نحن من هذه المرحلة؟ فالعالم يتغير والتاريخ بعد عودته، فهل سنكون في مستواه؟

 

*باحث

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *